كتب عمر البردان في "اللواء":
تعكس مدة اللقاء التي تجاوزت الساعتين للمرة الأولى بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والموفد الأميركي آموس هوكستين، في قصر عين التينة، أمس، أهمية المحادثات والنقاشات التي جرت بين الرجلين، حيث تسلّم كبير مستشاري الرئيس الأميركي رد لبنان على الورقة الأميركية التي كشف النقاب عنها، من أجل وقف النار بين «حزب الله» وإسرائيل. وكشفت المعلومات لـ«اللواء» أن اللقاء بين بري وهوكستين كان صريحاً وواضحاً، بحيث تم البحث في تفاصيل الرد اللبناني على المقترح الأميركي، وما يتصل بالنقاط التي طلب لبنان إيضاحات بشأنها من جانب الأميركي. وإذ كان الجواب اللبناني إيجابياً بالمجمل، إلّا أنه ولغاية الآن لم يتم حسم كل النقاط العالقة، بانتظار اتضاح الصورة أكثر، في ضوء المحادثات التي سيجريها هوكستين في إسرائيل بعد زيارته بيروت.
وفي حين كثرت التساؤلات بشأن تأجيل كلمة الأمين العام لـ«حزب لله» الشيخ نعيم قاسم التي كانت مقررة، أمس، فإن ما تسرّب عن أسباب هذا التأجيل، يشير إلى ارتباط ذلك بمسار المفاوضات الجارية لوقف النار، وتحديداً في ظل المحادثات التي أجراها الموفد الأميركي في بيروت، بانتظار انقشاع الرؤية بشكل أوضح، بما يتصل بنتائج محادثات هوكستين في إسرائيل، ومدى انعكاس ذلك على التسوية المنتظرة. ولا تخفي مصادر مراقبة، خشيتها من أن يعمد رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى وضع عراقيل جديدة أمام المساعي الأميركية الجارية لوقف النار، من خلال إصراره على إعطاء جيش الاحتلال حرية الحركة في لبنان، إذا شعر أن هناك تهديداً جديّاً لإسرائيل من جانب «حزب لله»، وهو أمر لا يمكن أن يقبل به لبنان. وهذا ما تم إبلاغه للموفد الأميركي من قبل الرئيس بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
وإزاء استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان، فإن هناك جهوداً عربية تبذل إلى جانب المساعي الأميركية والفرنسية، من أجل وقف النار. وهو ما أبلغه سفير خادم الحرمين الشريفين لدى لبنان وليد بخاري إلى البطريرك بشارة الراعي، حيث أكد السفير السعودي وقوف بلاده الدائم إلى جانب لبنان، وأنها تعمل من أجل تعبيد الطريق أمام انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت. وتشير المعلومات إلى أن الرئيس ميقاتي تبلّغ من عدد من المسؤولين العرب والأجانب، أن هناك ضغوطات من جانب المجتمع الدولي، سعياً لوقف العدوان على لبنان، للحؤول دون توسيع إسرائيل رقعة عدوانها على لبنان. لكن الخشية موجودة من تفلّت الاحتلال من كل هذه الضغوطات، حيث أن نيات رئيس وزراء إسرائيل العدوانية، لم تعد خافية على أحد. وهذا بالتأكيد يثير الكثير من المخاوف على لبنان في المرحلة المقبلة، إذا أصرّ قادة الاحتلال على إفشال مساعي التسوية، على غرار أسلوب التسويف والمماطلة الذي يتبعونه، للتهرّب من وقف الحرب على غزة.
وفي مقابل إصرار العدو على التفاوض مع لبنان، تزامناً مع رفع منسوب عدوانه الإجرامي، فإن «حزب لله» الذي ترجم معادلة بيروت مقابل تل أبيب، بعدما رسّخ معادلة الضاحية الجنوبية مقابل حيفا، قد يدفع الاحتلال إلى مراجعة حساباته، بعد استعادته لمبادرة الردع رغم الفوارق في الإمكانات بين الطرفين. وهو ما أثبته من خلال الخسائر التي لحقت بالعدو. وبالتأكيد فإن «الحزب» يضع في حساباته أن ترفض إسرائيل محاولات التهدئة مع لبنان من جانب جيش الاحتلال، ويأخذ في الاعتبار إمكانية أن ترفع إسرائيل من وتيرة عدوانها على الأراضي اللبنانية، لكنه ومن خلال مواقف مسؤوليه فقد أعدّ العدّة لمواجهة أي مغامرة إسرائيلية على هذا الصعيد. وهذا بالتأكيد يزيد من القلق على مصير الوضع في الجنوب، امتداداً إلى لبنان بأكمله.
وسط هذه الأجواء، حملت زيارة السفير بخاري لبكركي، مؤشرات لإمكانية عودة الحراك العربي، على صعيد الأزمة الرئاسية، سعياً لجسر الهوة بين اللبنانيين حيال هذا الملف، وتعبيد الطريق ما أمكن، من أجل استعجال انتخاب رئيس للجمهورية، يطوي صفحة الشغور الذي يتحكم بمفاصل البلد، في ظل توقعات بإمكانية معاودة سفراء «الخماسية» تحرّكهم باتجاه القيادات السياسية، من أجل تهيئة مناخات للتوافق على إنجاز هذا الاستحقاق، تزامناً مع الحراك العربي والدولي المتوقع بعد وقف الحرب على هذا الصعيد. وفي حين يواصل السفير الفرنسي إيرفيه ماغرو زياراته على المسؤولين، في إطار جهود بلاده الرامية لتحقيق خرق في الملف الرئاسي، فإن المعلومات المتوافرة من مصادر نيابية، تشير إلى أنه ما لم يطرأ تغيير أساسي على موقف «الحزب» من هذا الملف، فإن الصورة ستبقى كما هي دون تغيير. ما يعني وصول جهود «الخماسية» إلى الحائط المسدود، في ظل عدم استعداد «حزب لله» للبحث في مصير الاستحقاق الرئاسي، قبل توقف العدوان الإسرائيلي على لبنان وغزة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك