كتب موريس متى:
يلتئم غداً الجمعة المجلس المركزي في مصرف لبنان برئاسة حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري وعلى طاولته العديد من الملفات، ومنها ما يتعلق بالتعديلات الممكن إدخالها على التعاميم السارية حالياً وأهمها التعميمان 158 و 166 بالإضافة إلى بحث في ملف الاعتمادات التي تبحث الحكومة الطلب من مصرف لبنان فتحها وتأمين تمويلها، كما يبحث المصرف المركزي في الوضع النقدي ككل في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد.
في التفاصيل، تؤكد المصادر أن مصرف لبنان ليس بصدد إصدار تعميم جديد في الأيام المقبلة لناحية توسيع شريحة المستفيدين من التعميمين 166 و 158 بعد القرارات التي كان اتخذها مصرف لبنان في شهر تشرين الأول الفائت عندما قرر ضمن شريحة المودعين الذين قاموا بتحويل ودائعهم من الليرة اللبنانية إلى العملات الأجنبية بعد تاريخ 30/10/2019 مهما بلغت قيمتها الاستفادة من أحكام التعميم 166 عملاً بسياسة مصرف لبنان الهادفة إلى توسيع مروحة المستفيدين من تعاميمه كمرحلة أولى. فقد أكدت مصادر منصوري أن القرارات التي اتخذها المركزي في الفترة الماضية رفعت عدد المودعين الذين يستفيدون من التعاميم الهادفة إلى تسديد جزء من الودائع إلى حوالي 400 ألف مودع. أما بالنسبة للذين لا يستفيدون من التعميم 166 الذي يسمح بسحب 150 دولاراً شهرياً من الحسابات القديمة "اللولار" وقد تم استثناؤهم من المستفيدين من التعميم، فهم الأشخاص المحددون في التعميم 154 ولم يقوموا بإعادة النسبة المطلوبة على أن لا يمس ذلك بالموجب الملقى على عاتق المصرف المعني بحث عميله على إعادة النسب المطلوبة من الأموال المحولة إلى الخارج، والأشخاص الذين تظهر حساباتهم حركة شيكات مصرفية تدلّ على عملية تجارة شيكات بعد تاريخ 31-10-2019 بالاضافة الى من سدد بعد تاريخ 13-10-2019 بالليرة أرصدة قروض ممنوحة لهم بالعملات الأجنبية بما يوازي أو يزيد عن 300 ألف دولار ومن حول بعد تاريخ 13-10-2019 أرصدة قروض من العملات الأجنبية إلى الليرة بقيمة توازي أو تزيد عن 300 ألف دولار وأيضا من استفاد من شراء ما يوازي أو يزيد عن 75,000 دولار على سعر منصة صيرفة.
فبالنسبة لمصرف لبنان، يجب التعاطي مع هذه الاستثناءات بدقة وبعد دراسة مفصلة، من هنا يتم العمل على الانتهاء من دراسة إحصائية بالأسماء والمبالغ التي تم تسديدها أو الاستفادة منها من قبل من تم استثناؤهم للدراسة واتخاذ القرار المناسب بشأنهم.
كما تم استثناء المودعين الذين يستفيدون بالإنفراد أو الاشتراك أو بالاتحاد من التعميم 158، ولكن تشير المصادر إلى أن مصرف لبنان قد يتجه للإعلان عن إجراء يشمل هؤلاء المودعين لناحية السماح لهم بالاستفادة من التعميم 166 بشروط محددة تتعلق بتاريخ التوقيع على الاستفادة من التعميم 158، وقد يتم اتخاذ قرار يضم هؤلاء المودعين إلى شريحة المستفيدين من التعميم 166. هذا الأمر ليس أكيداً حتى الساعة بإنتظار قرار المجلس المركزي في مصرف لبنان.
في الأول من تشرين الأول الفائت، دخل حيز التنفيذ قرار منصوري والذي طلب بموجبه من المصارف رفع قيمة السّحوبات النقدية للمستفيدين من التّعميمين الأساسيين رقم 158 و166 بمقدار ثلاثة أضعاف، وذلك خلال شهر تشرين الأول، ليعود ويصدر منصوري تعميماً يطلب من المصارف تسديد دفعتين بموجب التعميمين خلال شهر تشرين الثاني الحالي. في هذا السياق، تؤكد مصادر مصرف لبنان أن القرار بالنسبة لشهر كانون الأول لم يُتخذ بعد، لناحية الاستمرار بتسديد دفعات إضافية بالنسبة للتعاميم. تشير أرقام مصرف لبنان إلى أن الإجراءات التي اتخذها المركزي خلال شهري تشرين الأول ساهمت بضخ ما يقارب 180 مليون دولار في الأسواق نتيجة تنفيذ الزيادات على السحوبات الخاصة بالتعميمين 158 و 161 بالإضافة إلى ما يقارب 150 مليون دولار أمنها مصرف لبنان لتغطية رواتب وأجور القطاع العام التي تسددها وزارة المال بالليرة اللبنانية ويقوم مصرف لبنان بتسديدها بالدولار لمستحقيها.
وفي الأشهر العادية يصل حجم هذه الرواتب إلى 120 مليون دولار، لكن الشهر الفائت سددت وزارة المال أيضاً فروقات الرواتب والأجور والزيادات للقطاع العام ما رفع المجموع. أما في شهر تشرين الثاني الحالي فقد وصلت كلفة رفع سقوف السحوبات الشهرية للتعميمين 158 و 166 إلى ما يقارب 120 مليون دولار تضاف إلى الرواتب والأجور وقيمتها 120 مليون دولار أيضاً، ومن هنا يكون مصرف لبنان قد قام بضخ ما يقارب 570 مليون دولار في الأسواق خلال شهري تشرين الأول وتشرين الثاني وهذا رقم قياسي بالتوازي مع استمرار السيطرة على الكتلة النقدية التي يقارب حجمها 56 ألف مليار ليرة أي ما قيمته الفعلية حوالي 630 مليون دولار.
مصادر منصوري تؤكد أن الهدف الأساسي لمصرف لبنان حالياً هو المحافظة على التوازن والاستقرار النقدي والاستمرار بتلبية تغطية الرواتب والأجور وعملية تسديد، ما أمكن، للودائع، ضمن التعاميم الصادرة عن المركزي. فالاحتياطات لدى مصرف لبنان ارتفعت من ما يقارب 8.573 مليار دولار مطلع شهر آب 2023 إلى ما يقارب 10.6 مليار دولار نهاية شهر آب 2024 لتعود وتتراجع إلى ما يقارب 10.28 مليار دولار في الأسبوع الأول من شهر تشرين الثاني الحالي. ولكن يبدو أن هذا التراجع سيتم تعويضه في المرحلة المقبلة بحسب مصادر مصرف لبنان، فيما تؤكد هذه المصادر أن هذا التراجع أتى نتيجة توسعة المستفيدين من التعاميم، وزيادة الدفعات الشهرية ضمن التعاميم 158 و166، وتسديد الرواتب والأجور بالإضافة إلى تراجع سجل في حساب الدولة "الحساب 36" التي سحبت منه الدولة أموالاً نقدية بالدولار بقيمة قارب 110 مليون دولار لتلبية احتياجات طارئة في ظل الحرب المستمرة.
موقف مصرف لبنان واضح ونهائي لناحية عدم تمويل الدولة وأي طلب يأتي لناحية فتح الاعتمادات أو الصرف من خارج السقف المحدد في الموازنة سيتطلب قانوناً في مجلس النواب، فالمسألة بالنسبة لمنصوري ليست تصلباً بالرأي أو موقفاً سياسياً أو ما شابه وإنما قراراً أساسياً بعدم مخالفة القانون، والقانون واضح لناحية السحب من "دولارات المركزي"، ومن هنا تؤكد مصادر المركزي أن للحكومة كامل الحرية بالتصرف بالأموال الموجودة في الحساب 36، وبحسب المعلومات لا تتخطى قيمتها 400 مليون دولار بالدولار النقدي وما يوازي 600 مليون دولار بالليرة اللبنانية وبالنسبة لمصرف لبنان، الصرف من حساب الدولة يأتي ضمن القوانين وأهمها قانون الموازنة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك