كتب نادر حجاز في موقع mtv:
يتكرّر الكباش السياسي مع قائد الجيش العماد جوزيف عون من خلال الصدام الدائم بينه وبين وزير الدفاع موريس سليم، وهذه المرة من باب المدرسة الحربية، ما أدى إلى تعليق صدور نتائج تلاميذ الضباط الذين يشكلون حاجة ماسّة للمؤسسة العسكرية ولانتظام العمل في قطعات الجيش.
تشكل هذه الدورة من الخريجين أهمية خاصة للجيش، لأنها تأتي بعد 5 سنوات من قرار وقف التطويع الذي استعاضت عنه المؤسسة العسكرية بتطويع تلامذة ضباط من العسكريين في الخدمة الفعلية لدورتين متتاليتين.
حضر الإشكال على طاولة مجلس الوزراء الذي شارك عون بجزء منه، من دون التوصّل إلى حل. فماذا يقول الرأي الدستوري؟
يلفت الخبير الدستوريّ الدكتور جهاد اسماعيل إلى أن "سلطة وزير الدفاع في إعلان النتائج مقيّدة لا استنسابية، حيث نجد موارد هذا التقييد في الفقرة الثانية من المادة ٢٧ من قانون الدفاع الوطني التي تؤكد موافقة المجلس العسكري على لائحة الناجحين في مباراة الدخول الى المدرسة الحربية وصدورها، بالتالي، بقرار عن وزير الدفاع، وهو، في أيّ حال، قرار إعلاني لا يقع في ميدان "الاستنساب"، ذلك أن السلطة الاستنسابية تتحدّد في حرية السلطة الإدارية في اتخاذ القرار بموجب نصّ قانوني يجيز لها هذا الأمر، أو في انتفاء النص الّذي يحدّ من الإستنساب، في حين أن المادة ٢٧ قد حدّت من سلطة وزير الدفاع بقيد موافقة المجلس العسكري، مما يُدخل سلطته في اتخاذ القرار ضمن ميدان التقييد لا التقدير".
ولكن هل بمقدور مجلس الوزراء أن يتخذ القرار؟
يقول اسماعيل في حديثٍ لموقع mtv: "لا يجوز لسلطة عليا أن تحل محلّ سلطة دنيا ما لم ينصّ القانون على خلاف ذلك، وقانون الدفاع الوطني، كقانون واجب التطبيق، لم يُجز ذلك، مما يعني أنه لا يحق لمجلس الوزراء اتخاذ القرار، كما أنه ليس في إمكان المجلس العسكري، كسلطة دُنيا، أن تتعدى على صلاحيات وزير الدفاع كسلطة عُليا ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وهو أمرٌ يتنبّه اليه المشرّع اللبناني".
إن مصير 118 تلميذ ضابط بلا نجوم فازوا بالتصنيف لا يزال مجهولاً، وهم بحاجة لتوقيع وزير الدفاع للسماح لهم بالالتحاق بالكلية الحربية. ولهذا التأخير انعكاسات سلبية على هيكلية المؤسسة وهرميتها.
وأمام هذه المعضلة، ما الحلّ؟ يوضح اسماعيل أنه "عندما لا يحسم القانون إشكالية معيّنة، يجب العودة إلى ما يقول به الاجتهاد، وبالتالي عند ثبوت تخلّف وزير الدفاع عن ممارسة الصلاحية من دون سبب قانوني مُقنع يمكن للمجلس العسكري إعلان النتيجة من تلقاء نفسه، عملاً بنظرية "الشكليات المستحيلة" الّتي تستقر عند وقوع استحالة قانونية أو مادية لإتمام إجراء معيّن، وهي نظرية اجتهادية ابتكرت، أصلا، عند امتناع لجنة او جهة عن ممارسة صلاحية يُوجبها القانون، لكن لا يجوز تطبيق هذه النظرية على المراسيم، اذ عند خلو مرسوم ما من توقيع الوزير المختص يجعله صادراً عن سلطة غير صالحة وفق ما يستفاد من قرار مجلس شورى الدولة رقم ١٣٥/١٩٩٧ ، تبعاً لارتباطه بقواعد الاختصاص لا قواعد الشكل".
كما لا يمكن في المقلب الآخر، وفق اسماعيل، لوزير الدفاع الامتناع عن إصدار القرار أو المطالبة بسحبه بحجة المخالفات او العيوب جرّاء اشكالية قبول المرشحين قبل اشكالية الناجحين، وهو ما أعلنه مجلس شورى الدولة، في قرار رقم ٥٠/ ١٩٥٨، بأنه اذا كان القرار الاداري الفردي مخالفاً للقانون فإنّ الادارة كان بإمكانها الرجوع عنه خلال مهلة الطعن فيه، أما وأنه لم ترجع الإدارة عنه ولم يُطعن به قضائياً فإنه يصبح بمأمن عن أيّ طعن ويجب اعطاؤه مفاعيله المباشرة مهما كانت المخالفات المتصلة به، مما يعني أن التذرع بأن القرار مبني على البطلان لا يحجب صدور نتائج الحربية.
مرة جديدة تتعطّل المرافق العامة ومصالح اللبنانيين بسبب الفراغ الرئاسي الذي يرخي بظلاله على تفاصيل الدولة وإدارتها. لكن وإلى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة فاعلة، كيف تُدار البلاد؟ ومَن يفصل بين القانوني واللا قانوني ويعطي الحق لأصحابه؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك