كتب العميد غازي محمود:
يفتح انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية اللبنانية آفاقاً جديدة امام الاقتصاد اللبناني الذي يتخبط بأزماته المتداخلة والمتعددة. سيما وأن الازمة السياسية التي حالت دون انتخاب رئيسٍ للجمهورية على مدى ما يزيد على السنتين والشهرين زادت أزمة لبنان الاقتصادية تعقيداً، وعمقت التشوهات البنيوية التي يُعاني منها أساساً الاقتصاد الوطني. وما يدعو الى التفاؤل بقرب بلورة حلول للازمات التي يتخبط فيها البلد، خارطة الطريق الى الحلول المنشودة التي تضمنها خطاب القسم.
بدايةً، يقتضي الانصاف أن نُشير الى أن تحقيق العناوين التي تضمنها خطاب القسم انما يقع على عاتق السلطة التنفيذية، أي الحكومة المزمع تشكيلها والتي عليها ان تتخذ من الخطاب بياناً وزارياً تنال بموجبه ثقة المجلس النيابي. ذلك أن الخطاب تضمن برنامج عملٍ تفصيلي وليس مجرد عناوين، وشمل معظم الازمات والمشاكل الواجب معالجتها. فالأزمات التي يتخبط فيها لبنان لا يُمكن اختصارها بعناوين مالية واقتصادية وحسب، بل هي أزمة حكم بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ولما كان تحفيز الاقتصاد الوطني وضمان النمو المستدام يحتاج الى تحقيق شرطان أساسيان هما الاستقرار الأمني والسياسي، فمما لا شك فيه أن انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية هو البداية لتحقيق الاستقرار السياسي. ولا بد من أن يُشكل اتفاق وقف اطلاق النار في الجنوب مدخلاً لوقف الاعمال العدائية الإسرائيلية وإطاراً لتحقيق الاستقرار الأمني، وصولاً الى تأكيد حق الدولة في إحتكار حمل السلاح، الشرط الذي من دونه لا استقرار ولا ازدهار.
وللتأكيد على أن خطاب العماد جوزيف عون خارطة طرق للإصلاح السياسي والنهوض الاقتصادي، جعل منأولى النقاط التي تطرق اليها مسألة القضاء وتحقيق استقلاليته وتطوير عمل النيابات العامة. ذلك أن جذب المستثمرين للاستفادة من ميزات لبنان التفاضلية، واستقطاب الاستثمارات التي لبنان بأمس الحاجة اليها، يحتاج لقضاءٍ مستقل وفاعل، نزيه وعادل يحفظ الكرامات ويضمن حقوق المتخاصمين.
وفي تناول خطاب القسَم لمسألة الادارة العامة وضرورة إعادة هيكلتها وإستقطاب النخب لتأسيس إدارة حديثة الكترونية رشيقة فعّالة حيادية لاحصرية ولامركزية، إدراكٌ لدور هذه الإدارة في قيام دولة متطورة تُحاكي روح العصر. وصولاً إلى إدارة عامة تشجع الاستثمارات الخاصة من دون عقد ولا تعقيد، إدارة عامة تمنع الاحتكارات وتُشجع المنافسة وتحمي المستهلك. إدارة عامة فاعلة تقدّم خدمات نوعية للمواطنين تحافظ على كرامة اللبنانين وتساهم في إنعاش الاقتصاد الوطني.
وفي إعادة الاعمار التي تطرق اليها خطاب القسم تفعيل للاقتصاد الوطني وقطاعاته، بقدر ما هي واجب وطني بعد الدمار الهائل الذي تسبب به العدوان الإسرائيلي. وذلك لما في إعادة الاعمار من عملية تُشارك فيها مختلف القطاعات الاقتصادية وخلقٍ لفرص العمل، يحتاج اليها الشباب اللبناني أكثر من أي وقتٍ مضى.
وفي الخطاب إدراكٌ لمدى أهمية قيام اقتصاد منتج مؤهل لتصدير منتجات تنافسية تُعيد لبنان الى خارطة الدول ذات الإنتاج المميز، فلا يُصدّر لبنان الى دول العالم سوى افضل ما لديه من منتوجات. ويُعزز خطاب القسم عامل الثقة ويُوفر بيئة سياسية داعمة لإطلاق إصلاحات هيكلية من شأنها تعزيز الميزات التنافسية للاقتصاد اللبناني، وتحفيز الطلب على السلع والخدمات.
كما يؤكد الخطاب على ضرورة أن يعود لبنان جامعة العرب ومستشفاهم ومركزاً لاستجمامهم واستثماراتهم، وعلى لبنان أن يواكبتطور الدول العربية، وأن يغنيها بطاقاته البشرية ويبني واياها اقتصادات متكاملة ومتعاونة،مع الحفاظ على الاقتصاد الحر والملكية الفردية.
ويُشكل خطاب القسم خارطة للإصلاح المالي والنقدي، ويضع من خلال إعادة هيكلة الإدارة العامة وتفعيل القضاء وإعادة تنظيم المصارف، إطاراً لخفض الدين العام وتصحيح المالية العامة، وإعادة النظر في السياسات النقدية مع الاخذ بالاعتبار احتياجات التمويل من العملات الأجنبية. ولأموال المودعين في المصارف حيزها ايضاًفي الخطاب حيث تعهد رئيس الجمهورية بحمايتها، بالإضافة الى إعادة تنظيم المصارف تحت سقف القانون ووفق اصول الحوكمة والشفافية.
في المحصلة، إذا صدقت النوايا وتظافرت الجهود، فإن طريق قيامة لبنان أضحت واضحة وجلية يتقدمها قائد متصالح مع نفسه مخلصٌ لوطنه. وما على المخلصين سوى عقد الهمم والسير قدماً على طريق خلاص لبنان وقيامه من كبوته.
فما من هدف يستحيل تحقيقه إذا وجدت الإرادة، وهل من هدفٍ اسمى من انقاذ لبناننا الحبيب.
خطاب القسم خارطة طريق لنهوض لبنان الاقتصادي
الــــــســــــابــــــق
- التحكم المروري: تصادم بين سيارتين على المسلك الغربي لأوتوستراد جل الديب المسلك الغربي والأضرار مادية ممّا سبب ازدحامًا مروريًا في المحلة
- فياض: مؤسّسة كهرباء لبنان تكبّدت خسائر ضخمة نتيجة العدوان
- "أكسيوس" عن مسؤول أميركي: التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة
- الحاج حسن عرض مع الحجيري تحديات القطاع الزراعي
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك