كتب نايف عازار في "نداء الوطن":
تساور المسؤولين العراقيين مخاوف حقيقية من إمكان انتقال جحيم الحرب الإسرائيلية على لبنان وغزة إلى "بلاد الرافدين"، مع تصاعد عمليات ما يُعرف بـ "المقاومة الإسلاميّة في العراق"، وهي تحالف مكوَّن من جماعات مسلّحة مدعومة من إيران، ضد إسرائيل.
فقد نُقلت إلى حكومة بغداد، الواقعة بين "شاقوفي" طهران وواشنطن، في الآونة الأخيرة، تحذيرات جدّية من خطر شنّ تل أبيب "ميني حرب" أو على الأقلّ توجيه ضربات موجِعة للجماعات الشيعية المسلحة في العراق التي تدين بالولاء المطلق لطهران، والتي تطلق صواريخ ومسيّرات في اتجاه الأراضي الإسرائيلية دعماً للبنان وغزة، وقد كان أخطر هذه الهجمات في الرابع من الشهر الفائت عندما أصابت مسيّرة قاعدة عسكرية في الجولان متسبّبةً في مقتل جنديين إسرائيليَين وجرح أكثر من 20 آخرين.
جهود باءت بالفشل
وتشير المعلومات الواردة من بغداد إلى أن جهود رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، الذي يُعتبر "رَجل إيران" في العراق، الرامية إلى إقناع أذرع طهران بالتوقف عن مهاجمة إسرائيل من الأراضي العراقية، وبالتالي إبعاد "كأس" الحرب المدمّرة عن بلاده، لم تكن ناجعة حتى الآن، لا بل نُقل عن أحد مستشاري السوداني امتعاضه الشديد من هذه الجماعات المسلّحة، وقوله إنّ بإمكانها الذهاب إلى لبنان وغزة لمجابهة إسرائيل من كثب عوضاً من دفع العراق نحو الهلاك.
أكثر من ذلك، علمت "نداء الوطن" من مصادر عراقية قريبة من الجماعات المسلّحة أن "كتائب حزب اللّه" و"حركة النجباء" العراقيتين، اللتين تقفان في الصفوف الأمامية في مهاجمة إسرائيل، وصل بهما الأمر حدّ تحذير رئيس الحكومة من مغبّة المضي في الضغط عليهما لكبح هجماتهما، وتعهّدتا بمواصلة "إسناد" لبنان وغزة.
وقد يؤدي هذا الانقسام الحادّ داخل "البيت الشيعي العراقي الحاكم" إلى تعميق الشرخ بين أحزاب "الائتلاف الحاكم"، التي وإن كانت تلتقي بمعظمها على أحقيّة القضية الفلسطينية، إلّا أنّ آراءها تتباين حول مدى انخراط العراق في المواجهة مع إسرائيل.
ارتفاع منسوب القلق
ولم تخفِ مصادر عراقية لـ "نداء الوطن" تخوّفها الشديد من ضربات إسرائيلية محتملة، ورأت في تحرّكات السوداني في اتجاه طهران مؤشراً حقيقياً على ارتفاع منسوب القلق. وأضافت المصادر أنّ تصريحات المسؤولين الإسرائيليين وعلى رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والمتحدّثين باسم جيشه تَشي بأن العراق بات ضمن بنك الأهداف الإسرائيلية.
رئيس "مركز التفكير السياسي في العراق" أستاذ العلوم السياسية د. إحسان الشمري رجّح لـ "نداء الوطن" أن يكون العراق هدفاً لإسرائيل، وردَّ الأمر إلى أن الفصائل المسلّحة لا تزال متمسّكة بـ "وحدة الساحات"، فضلاً عن واقعة سقوط قتلى وجرحى إسرائيليين بفعل القصف من العراق الشهر المنصرم.
الشمري اعتبر أن سبب فشل مساعي السوداني مع طهران للجم أذرعها العراقية، مردّه إلى أنّ إيران تعتقد أنها تخوض معركة وجودية مع إسرائيل، بينما تعتبر الأخيرة أنها أمام فرصة تاريخية للتخلّص من هذه الأذرع. علاوةً على ذلك، فإنّ العراق في العقل الإيراني لا يزال يُمثل ورقة ضغط مربحة له، وجغرافياً يمكن أن يكون بهذه الأذرع خط الدفاع الأول عن إيران.
ضربات مكلفة بلا جدوى؟
صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" ذهبت بعيداً لتكشف أنّ تل أبيب حدّدت أهدافاً في العراق ستضربها إن استمرّت أذرع إيران في مهاجمة إسرائيل.
بَيد أن العميد المتقاعد خليل الحلو استبعد لـ "نداء الوطن"، من وجهة النظر العسكرية، أن يشنّ الجيش الإسرائيلي هجوماً واسعاً على العراق لأنّ المسافة التي تفصل بين البلدين تقارب الـ 700 كيلومتر، وبالتالي فهي تشكل عبئاً مكلفاً على الإسرائيليين لأنّ الطائرات المحمّلة بالذخيرة ستحتاج للتزوّد بالوقود جواً، وإن أراد الإسرائيليون استهداف قواعد "الحشد الشعبي" أو راجمات الصواريخ، فهذا لن يفيد بشيء، بل الأجدى بحسب الخبير الاستراتيجي، هو العمل الاستخباراتي لكشف مخازن المسيّرات والصواريخ الباليستية التي زوّدتها بها إيران في الآونة الأخيرة، والتعامل معها.
وختم الحلو بأن الجهد الذي يُبذل لكشف المسيّرات من خلال المراقبة الفضائية، أسهل على إسرائيل من قطع مسافات بعيدة لشنّ ضربات على العراق تكون مكلفة ومن دون جدوى كبيرة. وفي حال اتُخذ قرار باستهداف واسع للفصائل المسلحة في العراق، فإن من سيتولى الأمر هو الجيش الأميركي وليس الإسرائيلي.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك