"هي هدنة مرحليّة" يكاد الإجماع يكون كاملاً على هذا الرأي في توصيف الوضع الأمني في طرابلس، بعد "جولة" من الاشتباكات استمرّت أيّاماً.
ووسط اقتناع عام بأن عاصمة الشمال، التي يشقّها شارع سورية نصفين و"معسكرين" وكانت تعرف تاريخياً بـ "طرابلس الشام"، صارت خط تماس اقليمياً يزج لبنان بـ "آتون" الصراع في سورية وعليها، يتضاءل التفاؤل في إمكان صمود "الهدنة الهشة" التي اعقبت "ميني حرب" شهدتها المدينة وأدّت الى مصرع 15 شخصاً وجرح نحو 50 آخرين.
وإذ كان حلفاء النظام في سوريا يربطون احداث طرابلس والشمال بسيناريو يهدف لإقامة منطقة عازلة تمد الثورة في سورية بالسلاح والرجال والمال، فإن خصوم نظام الرئيس بشار الاسد يذهبون الى حدّ القول ان تلك الاحداث جزء من عملية تصدير "مأزق" الاسد الى الداخل اللبناني عبر إحداث فتن من شأنها تحضير المسرح اللبناني لما هو ادهى.
وازاء هذا الواقع، ابدت اوساط واسعة الاطلاع شكوكاً جدية في إمكان تفكيك اللغم السوري الذي يهدد بانفجار الوضع في طرابلس في اي لحظة، رغم جهود الجيش والقوى الامنية وتحرك هيئات المجتمع المدني التي كانت لبت المدينة امس، دعوة للإضراب احتجاجاً على "المعارك المستدامة" وفاتورتها الباهظة على المستويات البشرية والاجتماعية والاقتصادية.
وبدت الجهود الحثيثة لإطفاء النار في طرابلس حاجة للمسؤولين اللبنانيين لتوفير المناخ الملائم لـ "الأجندة السياسية" وأولوياتها. فرئيس الجمهورية ميشال سليمان استمر في إظهار اهمية الاستجابة لدعوته معاودة الحوار بين الاقطاب السياسيين في 11 الشهر الجاري، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي يريد تطبيع الوضع في مسقطه للانتقال الى تطبيع الوضع الذي لا يقل "حماوة" داخل حكومته التي تجتمع الخميس،
لترميم انقساماتها، عوض الغد بعدما فرض سفر سليمان الى الامارات العربية المتحدة في اليوم نفسه إرجاء الجلسة.
والثابت في هذا السياق ان دعوة سليمان لالتئام طاولة الحوار دونها عقبات. فـ "14 آذار" لم تحسم خيارها بالمشاركة او عدمها نظراً لأولويتها المتمثلة بإسقاط حكومة ميقاتي.
ووسط هذا المناخ، شخصت الانظار أمس، الى طرابلس بعد الانتشار العسكري الواسع في منطقتي التبانة وجبل محسن واختفاء المظاهر المسلحة، وسط خروق للهدنة (ادت الى جرح درَكي وشخصين) التي اعقبت معركة الـ "ويك اند" التي وُصفت بأنها الأعنف والأكثر اتساعاً منذ العام 1985، واستُخدمت فيها أنواع جديدة ومتطورة من الاسلحة التي دكّت مناطق في عاصمة الشمال لم يسبق ان طالها القصف.
وترافقت محاولات سحب فتيل التفجير مع تزايُد التخوف الدولي من ان تكون الساحة الشمالية مرشحة لمزيد من التصعيد ولخروج الاشتباكات عن السيطرة بحيث تتمدد الى خارج طرابلس.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك