مهم جداً ما قاله الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير حين دعا الى مؤتمر تأسيسي في لبنان للبحث في العوائق التي تحول دون بناء "دولة حقيقية" وفق تعبيره. هذه الدعوة، وإن يكن من شأنها احداث "نقزة" عند كثيرين ولا سيما "الآخرين" الذين يشكون "ضغط السلاح" و"سطوته"، فإنها تصلح لأن تكون البند الأول بل الوحيد على طاولة أي حوار وطني. فمشروع بناء "دولة حقيقية" قادرة وعادلة، يبقى المحور والأساس لأي إصلاح، ويحمل الحل لكل العناوين الخلافية بما فيها السلاح، بل هو الإصلاح كله ما دام الجميع يطالب بالدولة، ويقرّ بأن لا حل بغير بناء "دولة حقيقية".
ولعل أهم ما ورد في خطاب السيد نصرالله، تأكيده أن ليس في استطاعة أي طرف الحلول محل الدولة، بداً بـ"حزب الله" واستحضاره لتجارب سابقة في "الامن الذاتي" وما شابه، وقد اثبتت فشلها على مدى سنين الحروب المتتالية. وفي هذا الكلام، وكل كلام مشابه قبله، إقرار بعدم وجود دولة في لبنان. وهذا واقع من المكابرة تجاهله. هنا في لبنان، في أحسن الحالات "مشروع دولة" ومن غير الممكن الحديث عن دولة مركزية، في ظل "دويلات" وغابات سلاح في كل المناطق دون استثناء، وإن بنسب متفاوتة...
وكما قال "السيّد" نفسه، فإن مجرد الحديث عن بناء الدولة، يعني مباشرة، إقراراً بعدم وجود دولة في لبنان، وقد سبقه كثيرون في هذا الاقرار من خلال الدعوة نفسها بأشكال مختلفة، وهذه الدعوات يمكن البناء عليها لتكون منطلقاً لمشروع جدي لبناء الدولة، وأولى خطوات مثل هذا المشروع الدعوة الى حوار وطني تحت عنوان: كيف السبيل الى بناء "دولة حقيقية"؟ ما هو مفهوم الدولة التي يطالب بها الجميع؟ ما هي مواصفاتها لكي تكون "حقيقية" وقادرة وعادلة؟
وبعد هذه الدعوة للسيد نصرالله، بات يمكن القول إن ثمة قاسماً مشتركاً اساسياً بين كل التكتلات السياسية والحزبية في لبنان، من شأنه أن يشكل اساساً لإعادة توحيد اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم السياسية والمناطقية والفئوية، وهو "تقاطعهم" جميعاً عند "الدولة".
وعندما يكون مشروع كتلة "المستقبل" وقوى 14 آذار عموماً، هو "مشروع بناء الدولة"، فذلك يعني بالتأكيد ان لا خلاف "جدياً" بين اللبنانيين، وقد باتوا، نظرياً، فريقاً واحداً إذ اتّحدوا حول جدول أعمال واحد لأي حوار فحواه ان لا حل ولا استقرار بغير قيام الدولة.
ويبقى ان يتحدوا "عملياً" وجدياً، كمواطنين تحت القانون، سواسية كأسنان المشط، وسيبقى ذلك مستحيلاً إذا لم يتوصلوا الى فهم واحد للدولة المطلوبة!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك