نقلت صحيفة "الأخبار" عن مسؤول لبناني ممن التقوا المبعوث الدولي الى سوريا كوفي أنان خلال زيارته بيروت، أن أنان بدأ كلامه بإشارة واضحة إلى أن السلطات السورية مهتمة جداً بجولته هذه، وتعول عليها الكثير للمساهمة في الحد من العنف ومن تدفق وسائله إلى سوريا. حتى أن المسؤول الأممي فاجأ مستقبليه بكلامه الإيجابي عن تعاون دمشق الرسمية مع مهمته: "لم أجد أي صد أو حتى تردد حيال كل ما طلبت للمساعدة على تنفيذ مهمتي، من عناصر بشرية وتقنية ولوجستية. لقد لبوا كل طلباتنا فوراً، ومن دون أي مماطلة". قال أنان، قبل أن يضيف: "طبعاً كنا دوماً نطلب أكثر. نأخذ ما يُعطى لنا من تلبية طلبات سابقة، قبل أن نكتشف حاجتنا إلى المزيد. ولم نفعل ذلك بخلفية إحراج السلطات السورية. بل على العكس، بنية القيام بالمزيد، لتجنب الأسوأ".
وبحسب "الأخبار"، فالأسوأ في مخاوف المبعوث الأممي واضح معلن، يقوله بصوت ثقيل خفيض: "نخشى الحرب الأهلية الفعلية والكاملة هناك".
واشارت الصحيفة الى ان أنان حاول التوسع في بند مهمته الوحيد: الحدود بين لبنان وسوريا، وشكوى دمشق الدائمة من تسيبها وتفلتها، وبواخر السلاح ورسالة سفيرها في نيويورك إلى بان كي مون. سأل واستوضح واستفسر. حاول ملء الوقت المخصص لمقابلته، من دون الوصول إلى مواضيع أكثر حساسية، من دون جدوى. بعد نفاد الكلام "الرسمي"، وجد أنان نفسه مضطراً أمام الملفات الأكثر إحراجاً: ماذا عن المخطوفين اللبنانيين؟ سأله المسؤول اللبناني، فرد أنان على السؤال بسؤال: ماذا لديكم من معطيات جديدة حولهم؟ دار النقاش حول ما بات متداولاً في وسائل الإعلام. قبل أن يبادره المسؤول اللبناني: في النهاية أنت تعرف تماماً أن الخاطفين، أياً كانت هويتهم أو الشخص الظاهر في المسؤولية عنهم أو ارتباطهم التنظيمي بهذا الفريق أو ذاك من الجهات السورية المسلحة، يظل لديهم ولاء أكيد وتبعية كاملة للجهة الخارجية التي تقوم بتمويلهم. الأساس في عملية تتبع مرجعية هؤلاء، لا الموقف السياسي ولا العقائدي ولا الجغرافي. الأساس هو من يمدهم بأوكسيجين المال. عليك أن تحدد هذا المصدر وتذهب لمفاوضته لإطلاق الرهائن اللبنانيين. فهم أنان الرسالة، فحاول ردها إحراجاً مقابلاً وسأل مستقبله: هل لديكم فكرة عن تلك الدول لأقوم بزيارتها؟ فردّ المسؤول اللبناني: أفضل مصدر لهذه المعلومات هو الجهات الغربية التي كلفتك بمهمتك وتتعاون معك. اسألهم عن الدول التي تمول تلك المجموعات واذهب إليهم. كانت المعلومات الواردة ترسم ظلالاً أكثر سوداوية حول الملف. لكن المسؤول اللبناني بدا مطمئناً لأنان: هذه حدود القضية وهذا سقفها.
اما عن مجزرة الحولة، فلفتت الصحيفة الى ان أنان قاربها بجدية، مؤكداً حرص فريقه على متابعة التحقيقات فيها، فسأله مستقبله: هل لديك فكرة عن الانتماء المذهبي للضحايا؟ فأجاب بالنفي، ليتابع المسؤول اللبناني: إنهم من السنة والعلويين والمسيحيين. هذه معلومة قد تساعدك على فهم ما حصل. كيف يسقط ضحايا من المذاهب الثلاثة في مجزرة واحدة؟ ومن يقدر على فعل ذلك؟ ومن لديه مصلحة في هذا الأمر؟
وعند ذكر المذاهب والضحايا، انتقل الحديث إلى مسألة الأقليات في سوريا والمنطقة. استحضر أنان كل الكلام الغربي والدولي حول المخاوف على مصير هؤلاء والتأكيدات على حمايتهم. لكن المسؤول اللبناني قصد إمرار الرسالة: لا يكفي الكلام في هذا المجال. هل تعرف يا سيد أنان أين يستأنف المسيحيون الأرثوذكس والكاثوليك الملكيون دعاوى طلاق زيجاتهم؟ لم يفهم المبعوث الأممي السؤال. تولى المسؤول اللبناني الشرح، قبل أن يقول لضيفه: إنهم يطلقون بداية في بيروت. لكنهم يستأنفون في دمشق. دمشق هذه، دمشق اليوم، هي الحاضنة لمرجعيات كل الأقليات، فهل من بديل قادر على ضمان ذلك؟ كان بين الوفد المرافق لأنان شخص بدا كأنه من أصل مصري، أو يفهم اللغة العربية، فتابع المسؤول اللبناني رسائله: برأيك ماذا سيفعل أقباط مصر في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية المصرية؟ لقد حشروا بين "إخواني" وبين مرشح من "النظام القديم"، فماذا سيفعلون برأيك؟ قس ذلك عليهم في سوريا. لا بل قسه عليهم وعلى سواهم، في سوريا وغير سوريا.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك