استبعدت مصادر ديبلوماسية غربية بارزة، ان تكون الدعوة التي اطلقها رئيس الجمهورية ميشال سليمان لانعقاد هيئة الحوار الوطني في 11 حزيران المقبل، جاءت متأثرة بالحوار الدولي ـ الايراني او كانعكاس مباشر له، على الموضوع اللبناني. اذ ان الملفين منفصلان ولا علاقة لأي منهما بالآخر. كما لاحظت ان التعاطي الدولي مع سوريا بالشكل الحالي، منفصل تماماً عن التعامل مع الملف النووي الايراني، والدليل على ذلك سحب السفراء الأوروبيين من دمشق وطرد سفراء سوريا، كردة فعل على جريمة الحولة في سوريا، في وقت تستعد فيه الدول للجولة الثالثة مع ايران في 18 و19 حزيران المقبل في موسكو.
وبالتالي، ان الدعوة الى الحوار في لبنان ارتبطت بعوامل داخلية عديدة، وان كان مجرد الحوار الدولي مع ايران يضفي على الأجواء في المنطقة نوعاً من الارتياح، لكن ليس له أي علاقة مباشرة بأي ملف آخر. هذا من جهة. كذلك وان كانت ايران تهدف من جملة أهدافها من الحوار مع الدول الى تخفيف الضغوط الدولية عنها وعن النظام السوري من جهة أخرى.
إنما ومن خلال الجولة الثانية للتفاوض الدولي ـ الايراني، التي عقدت في بغداد، فانه يتبين وفقاً للمصادر، ان لا نتائج ملموسة حتى الان، وستستكمل في موسكو، وهذا يعكس في حد ذاته نوعاً من الايجابية، لا سيما وان الدول تعتبر ان قبول ايران بالتفاوض حول ملفها النووي هو ايجابي في حد ذاته يضاف اليه عدم طرح ايران مقترحات واسعة وتطال كل المنطقة. لكن المفاوضات في حد ذاتها لم تكن مشجعة، بحيث كانت الدول تتوقع من جولة بغداد اكثر مما تحقق.
وما يجدر التوقف عنده، هو ان هذه المفاوضات لم تتناول الوضع اللبناني ولا ما يتصل بلبنان من اهتمامات ايرانية، ولا ما يتعلق بالموضوع السوري، ولا غيرهما. انما المفاوضات انحصرت بالملف النووي ـ الايراني، وحتى ليس بكل ما يحيط بهذا الملف. وتبعاً لذلك سعت الدول الى تحقيق تدابير ثقة مع ايران، معتبرة ان الثقة مفقودة، من خلال طرح توقيع عدد من الاتفاقيات المحددة والصغيرة لتحقيق بناء هذه الثقة. وبعد هذه الخطوة يتم العمل على التفاوض الكبير والأساسي بين الطرفين. الان تبحث مسائل تقنية لكنها ذات بعد سياسي، لكنها على درجة عالية من الأهمية اذا ما نجح البحث حولها، ومهمة في مدلولاتها اذا ما فشل هذا البحث.
أي ان المسألة محصورة بالموضوع النووي وقدمت الدول عرضاً حول تخفيض اليورانيوم الذي تقوم به ايران بنسبة 20 في المئة، لا سيما ما يتصل بموقع قم، وان تخرج هذه النسبة الى خارج ايران، واذا ما احتاجت ايران الى وقود نووي يمكن للدول ان تقدم ذلك لها. وهذا يعني ان ايران تكون أخرجت هذه الكمية لكيلا تصل لاحقاً الى 90% ثم الى امكان انجاز القنبلة النووية. ايران تريد رفع العقوبات الدولية عنها. لكن الغرب غير مستعد لذلك الان. وفي اجتماع موسكو هناك رد متوقع من ايران حول العرض الدولي. وسيظهر الموقف من الان وحتى اجتماع موسكو. وأي خطوة ايجابية من ايران ستكون بنظر الغرب مرحلة اولى منها لاحترام القرارات الدولية.
كما ان الجولات التفاوضية ستظهر ما اذا كانت ايران تستخدم التفاوض لتمرير الوقت. وعندها لانتظار اتضاح صورة الوضع السوري والوضع في المنطقة ومستقبل ملفها النووي، ام انها فعلاً تريد التوصل الى اتفاق، وهذا ما تستبعده الدول، بحسب المصادر. وأي إرادة من جانبها للتوصل الى حل، وبعد ردها اذا ما كان ايجابياً، يمكن عندها البدء بمفاوضات حقيقية معها. واذا لم يكن هناك تقدم ملموس، فان الأمر قد يؤدي الى اتخاذ اجراءات جديدة في اطار العقوبات الاضافية.
الان توجد عملية سياسية قائمة والغرب يريد ذلك، على انه يستخدم المفاوضات لابعاد العمل العسكري، وهو آخر خيار يمكن اللجوء اليه، بعد استنفاد كل الخيارات. واي عمل عسكري ضد ايران لن يكون الا بعد الانتخابات الأميركية. والحوار بين الطرفين يبقى افضل في المرحلة الحالية، لكن ليس هناك قناعة دولية بالموقف الايراني وفقاً للمصادر. انما وجدت الدول ان الوقت مناسب لهذا الحوار في ظل ادراكها ان العقوبات على ايران بدأت تؤثر فعلياً عليها، والغرب يريد ان يتأكد ان برنامج ايران النووي هو لاغراض سلمية لأن لديه مؤشرات تفيد انه لاغراض عسكرية، ويرغب في ان تثبت ايران ما تقوله انه لاغراض سلمية. ومفاعل بوشهر هو قائم بموافقة دولية.
ويبدي مصدر ديبلوماسي لبناني ـ رفيع، ثقته، بأن ايران مستعدة للأخذ والرد، لكنها في الوقت نفسه لن تتخلى عن حقها. والغرب يريد وقف التخصيب، لكن ايران تعتبر ان ذلك مرحلة من الماضي، وهي وصلت الى تخصيب 20 في المئة، وان الوكالة الدولية للطاقة الذرية تسمح لهذه النسبة وانها ستستخدمها في مجال الطاقة، والنظائر المشعة للطب والزراعة ولدواع سلمية. ويعتبر المصدر، ان الغرب يحكم على النوايا، وان ايران تأمل ان اي حل لا يتعارض مع مصلحتها، وهي لن تترك برنامجها النووي.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك