عقدت هيئات من المجتمع المدني وشبكات تعمل في مجال حقوق الإنسان، مؤتمرا صحافيا، في نادي الصحافة، حول حقوق اللاجئين وذلك "كردة فعل منظمات المجتمع المدني على الخطاب التحريضي ضد اللاجئين السوريين، والذي صدر عن عدد من المسؤولين السياسيين في لبنان، والذي يمكن أن يقود إلى انتهاكات عديدة يكون اللاجئون والبلد المضيف ضحيتها، داعياً الدولة اللبنانية والمجتمع المدولي لتحمل مسؤولياتهما في هذا المجال.
وتلا بيان الهيئات ناصر ياسين وجاء فيه: "ان مؤسسات المجتمع المدني اللبناني قلقة بشأن الخطاب الشعبوي السلبي المتعلق بأزمة اللاجئين وما يمكن ان ينتج عنه من انتهاكات يكون اللاجئون والمجتمع المضيف ضحيتها، وتدعو الدولة اللبنانية الى تحمل مسؤوليتها في هذا الملف من خلال تحديد موقف حكومي واحد وواضح، وتضمين البيان الوزاري للحكومة المستقبلية موقفا وخطة واضحة للاستجابة لأزمة اللاجئين تراعي معايير حقوق الانسان والتزامات لبنان الدولية".
اضاف: "خلال الأسابيع الأخيرة ازدادت وتيرة المواقف المعلنة لعدد من السياسيين اللبنانيين عن ازمة اللاجئين ودعوتهم الى العودة الفورية واتهام المجتمع الدولي بالتشجيع على توطينهم وإبقائهم في لبنان. ان هذه المواقف التصعيدية الاخيرة تأتي في سياق سابق من مواقف عدائية ازاء اللاجئين السوريين (واللاجئين عموما) في لبنان، وفي سياق خطاب احادي الجانب وشعبوي يحمل اللاجئين السوريين مسؤولية كل مشاكل لبنان. إن هذا الخطاب الاحادي يجافي الحقيقة ويمزج بين الاثار الكارثية للأزمة السورية على لبنان، وبين آثار وجود اللاجئين فيه، ويحرف الانتباه عن ضرورة معالجة المشكلات الحقيقية للاجئين وآثارها على المجتمع اللبناني، وعن معالجة الاسباب الحقيقية لمعظم مشكلاتنا سواء كانت اسبابا هيكلية ومزمنة تطال المواطنين اللبنانيين كما اللاجئين، او انها طارئة وناجمة عن الاداء المباشر للحكومة والمسؤولين السياسيين".
وتابع: "ان المشاكل التي نواجهها بسبب الازمة السورية اساسا، ومن ضمنها وجود ما يزيد عن المليون لاجئ سوري في لبنان، لها انعكاسات سلبية ويمكن ان نستولد منها ايجابيات، يتوقف حجمها على توفر السياسات الوطنية الملائمة. وهذه السياسات الوطنية غائبة حتى الساعة اذ لم تلجأ اي من الحكومات المتعاقبة منذ بدء الازمة الى عقد اجتماع لمجلس الوزارة لمناقشتها، ولا دعت الى مؤتمر وطني بمشاركة القطاع الخاص وممثلي المجتمع المدني اللبناني بمختلف فئاته الاجتماعية والنقابية والجمعيات المعنية؛ بل ان ما ميز السياسة الحكومية هو الاكتفاء بالمطالبة بالدعم المالي الخارجي (مع وجود علامات استفهام كبيرة جدا على وجهة إنفاقه وحجم الهدر والفساد في ذلك)، وعلى محاولة القفز فوق الالتزامات الدولية (كأن نسمي اللاجئين نازحين مثلا، او الخلاف على الكلمات مثل عودة آمنة وغض النظر عن الطوعية وما الى ذلك). في هذا السياق نود التذكير بأن علاقة اي بلد مع اللاجئين الوافدين اليه يحكمها القانون الدولي والاتفاقيات الدولية الخاصة بهذا المجال، ولا سيما اتفاقية 1951 الخاصة باللاجئين، وهي التي تحدد ايضا مسؤولية الاطراف الدولية المعنية لا سيما المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. ان هذه القوانين الدولية وضعت لحماية اللاجئين والدول المضيفة، ومنها الدول الصغيرة مثل لبنان، وهي الضمانة لعدم انتهاك حقوق اللاجئين الانسانية وعدم تعريضهم لمخاطر كانت هي السبب في هجرتهم القسرية لبلدهم. ان عدم مصادقة لبنان على هذه الاتفاقية تحديدا لا يعني عدم التزامه العملي بأهم مندرجاتها لا سيما الالتزام بتوفير الحماية والحد الادنى من متطلبات الحياة للاجئين اليه (بمساعدة دولية طبعا)، وكذلك التزامه بعدم اعادة اي لاجئ قسرا الى بلده، وذلك في اطار التزامه العام بمنظومة حقوق الانسان والقانون الدولي".
واردف: "إن عودة اللاجئين الى بلدانهم والى اماكن سكنهم الاصلية التي هجروا منها، هو حق اساسي من حقوقهم الانسانية، وهو يعني ان هذه العودة مشروطة بعدة معايير أبرزها ان تكون ارادية وآمنة وتتمتع بالحماية (تحت رعاية الأمم المتحدة)، كما ان العمل في هذا الاتجاه لا يلغي التزام الحكومة اللبنانية بحماية اللاجئين حتى ساعة عودتهم. وقد سبق للحكومة اللبنانية ان اكدت قولا وفعلا التزامها بذلك في ممارستها وفي مواقف مسؤوليها في لبنان وفي مواقفهم في المؤتمرات الدولية. كما ان النصوص التي التزم بها لبنان كالمادة الثالثة من اتفاقية مناهضة التعذيب التي تنص على ضرورة احترام مبادئ عدم العودة القسرية".
وقال البيان: "بما ان ازمة اللاجئين هي ازمة دولية تتشارك الدولة اللبنانية مسؤولية حمايتهم مع المجتمع الدولي بشكل أو بآخر. كما نلفت النظر الى أن خطابات بعض المسؤولين في لبنان تأتي منسجمة مع جو دولي من الكراهية ضد اللاجئين يطل برأسه في جميع انحاء العالم من الولايات المتحدة الى أستراليا مرورا بأوروبا، إضافة الى ذلك تشكل الخطابات الشعبوية مناخا يشجع على الإفلات من العقاب ويمكن ان يفتح المجال لانتهاكات تهدد اللاجئين والمجتمع المضيف بما لا يشتهيه أو يريده أصحاب هذه الخطابات. ندعو الحكومة اللبنانية الى استجابة للأزمة تحمي اللاجئين ومبنية على مبادئ حقوق الإنسان التي يجب أن ينطلق منها لبنان لمعالجة مشاكله كي لا يعرض نفسه للمساءلة والإنتقاد، وأن لا يتصرف عكس التزاماته الدولية المنصوص عليها في مقدمة الدستور اللبناني. ندعو أيضا المجتمع الدولي الى اخذ خطوات اكثر صلابة ودعما للاجئين والمجتمعات المضيفة. ان الدعم المالي وحده لا يكفي، وثمة حاجة لوضع خطط واضحة لأيجاد حل سياسي للأزمة السورية يرسي اسس الاستقرار الدائم وحماية حقوق المواطنين وعدم تعرضهم للخطر، وبالاضافة الى حزمة من الحلول الفورية الاخرى مثل إعادة التوطين في دول ثالثة".
وتلا بيان الهيئات ناصر ياسين وجاء فيه: "ان مؤسسات المجتمع المدني اللبناني قلقة بشأن الخطاب الشعبوي السلبي المتعلق بأزمة اللاجئين وما يمكن ان ينتج عنه من انتهاكات يكون اللاجئون والمجتمع المضيف ضحيتها، وتدعو الدولة اللبنانية الى تحمل مسؤوليتها في هذا الملف من خلال تحديد موقف حكومي واحد وواضح، وتضمين البيان الوزاري للحكومة المستقبلية موقفا وخطة واضحة للاستجابة لأزمة اللاجئين تراعي معايير حقوق الانسان والتزامات لبنان الدولية".
اضاف: "خلال الأسابيع الأخيرة ازدادت وتيرة المواقف المعلنة لعدد من السياسيين اللبنانيين عن ازمة اللاجئين ودعوتهم الى العودة الفورية واتهام المجتمع الدولي بالتشجيع على توطينهم وإبقائهم في لبنان. ان هذه المواقف التصعيدية الاخيرة تأتي في سياق سابق من مواقف عدائية ازاء اللاجئين السوريين (واللاجئين عموما) في لبنان، وفي سياق خطاب احادي الجانب وشعبوي يحمل اللاجئين السوريين مسؤولية كل مشاكل لبنان. إن هذا الخطاب الاحادي يجافي الحقيقة ويمزج بين الاثار الكارثية للأزمة السورية على لبنان، وبين آثار وجود اللاجئين فيه، ويحرف الانتباه عن ضرورة معالجة المشكلات الحقيقية للاجئين وآثارها على المجتمع اللبناني، وعن معالجة الاسباب الحقيقية لمعظم مشكلاتنا سواء كانت اسبابا هيكلية ومزمنة تطال المواطنين اللبنانيين كما اللاجئين، او انها طارئة وناجمة عن الاداء المباشر للحكومة والمسؤولين السياسيين".
وتابع: "ان المشاكل التي نواجهها بسبب الازمة السورية اساسا، ومن ضمنها وجود ما يزيد عن المليون لاجئ سوري في لبنان، لها انعكاسات سلبية ويمكن ان نستولد منها ايجابيات، يتوقف حجمها على توفر السياسات الوطنية الملائمة. وهذه السياسات الوطنية غائبة حتى الساعة اذ لم تلجأ اي من الحكومات المتعاقبة منذ بدء الازمة الى عقد اجتماع لمجلس الوزارة لمناقشتها، ولا دعت الى مؤتمر وطني بمشاركة القطاع الخاص وممثلي المجتمع المدني اللبناني بمختلف فئاته الاجتماعية والنقابية والجمعيات المعنية؛ بل ان ما ميز السياسة الحكومية هو الاكتفاء بالمطالبة بالدعم المالي الخارجي (مع وجود علامات استفهام كبيرة جدا على وجهة إنفاقه وحجم الهدر والفساد في ذلك)، وعلى محاولة القفز فوق الالتزامات الدولية (كأن نسمي اللاجئين نازحين مثلا، او الخلاف على الكلمات مثل عودة آمنة وغض النظر عن الطوعية وما الى ذلك). في هذا السياق نود التذكير بأن علاقة اي بلد مع اللاجئين الوافدين اليه يحكمها القانون الدولي والاتفاقيات الدولية الخاصة بهذا المجال، ولا سيما اتفاقية 1951 الخاصة باللاجئين، وهي التي تحدد ايضا مسؤولية الاطراف الدولية المعنية لا سيما المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. ان هذه القوانين الدولية وضعت لحماية اللاجئين والدول المضيفة، ومنها الدول الصغيرة مثل لبنان، وهي الضمانة لعدم انتهاك حقوق اللاجئين الانسانية وعدم تعريضهم لمخاطر كانت هي السبب في هجرتهم القسرية لبلدهم. ان عدم مصادقة لبنان على هذه الاتفاقية تحديدا لا يعني عدم التزامه العملي بأهم مندرجاتها لا سيما الالتزام بتوفير الحماية والحد الادنى من متطلبات الحياة للاجئين اليه (بمساعدة دولية طبعا)، وكذلك التزامه بعدم اعادة اي لاجئ قسرا الى بلده، وذلك في اطار التزامه العام بمنظومة حقوق الانسان والقانون الدولي".
واردف: "إن عودة اللاجئين الى بلدانهم والى اماكن سكنهم الاصلية التي هجروا منها، هو حق اساسي من حقوقهم الانسانية، وهو يعني ان هذه العودة مشروطة بعدة معايير أبرزها ان تكون ارادية وآمنة وتتمتع بالحماية (تحت رعاية الأمم المتحدة)، كما ان العمل في هذا الاتجاه لا يلغي التزام الحكومة اللبنانية بحماية اللاجئين حتى ساعة عودتهم. وقد سبق للحكومة اللبنانية ان اكدت قولا وفعلا التزامها بذلك في ممارستها وفي مواقف مسؤوليها في لبنان وفي مواقفهم في المؤتمرات الدولية. كما ان النصوص التي التزم بها لبنان كالمادة الثالثة من اتفاقية مناهضة التعذيب التي تنص على ضرورة احترام مبادئ عدم العودة القسرية".
وقال البيان: "بما ان ازمة اللاجئين هي ازمة دولية تتشارك الدولة اللبنانية مسؤولية حمايتهم مع المجتمع الدولي بشكل أو بآخر. كما نلفت النظر الى أن خطابات بعض المسؤولين في لبنان تأتي منسجمة مع جو دولي من الكراهية ضد اللاجئين يطل برأسه في جميع انحاء العالم من الولايات المتحدة الى أستراليا مرورا بأوروبا، إضافة الى ذلك تشكل الخطابات الشعبوية مناخا يشجع على الإفلات من العقاب ويمكن ان يفتح المجال لانتهاكات تهدد اللاجئين والمجتمع المضيف بما لا يشتهيه أو يريده أصحاب هذه الخطابات. ندعو الحكومة اللبنانية الى استجابة للأزمة تحمي اللاجئين ومبنية على مبادئ حقوق الإنسان التي يجب أن ينطلق منها لبنان لمعالجة مشاكله كي لا يعرض نفسه للمساءلة والإنتقاد، وأن لا يتصرف عكس التزاماته الدولية المنصوص عليها في مقدمة الدستور اللبناني. ندعو أيضا المجتمع الدولي الى اخذ خطوات اكثر صلابة ودعما للاجئين والمجتمعات المضيفة. ان الدعم المالي وحده لا يكفي، وثمة حاجة لوضع خطط واضحة لأيجاد حل سياسي للأزمة السورية يرسي اسس الاستقرار الدائم وحماية حقوق المواطنين وعدم تعرضهم للخطر، وبالاضافة الى حزمة من الحلول الفورية الاخرى مثل إعادة التوطين في دول ثالثة".
اضاف: "ان مصلحة لبنان تقضي الانضواء ضمن مظلة القانون الدولي والاتفاقيات الدولية، واعتماد سياسة متسقة في التعامل مع المنظمات الدولية ومع قضايا اللاجئين انطلاقا من التزام لبنان الثابت بمنظومة حقوق الانسان، وهو الدولة التي طالما فاخرت بمساهمتها في صياغة منظومة حقوق الانسان في مراحلها التأسيسية وكذلك في انتسابها الفعال والمبكر الى منظمة الامم المتحدة".
وتابع: "في ظل هذا الجو العام غير المنتج لسياسات فعالة لوضع حلول لازمة اللاجئين في لبنان تعتبر المنظمات الموقعة ادناه ان على الحكومة ان تتخذ خطوات جدية للتعبير الصريح وغير الملتبس عن موقف لبنان، وتحديد أعمدة الخطة التي ستعتمدها الحكومة الاتية في الاستجابة لازمة اللاجئين، وندعو دولة الرئيس سعد الحريري الى القيام بسلسة استشارات مع المجتمع المدني ومع القطاع الخاص الذي يستفيد كثيرا من اليد العاملة الرخيصة من اللاجئين السوريين كما اللاجئين الفلسطينيين أيضا لا سيما بعد نتائج التعداد الاخيرة ووثيقة لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، يساهم الجميع من خلالها بتنفيذ خطة استجابة للازمة وان تكون متضمنة بشكل واضح في البيان الوزاري".
وختم: "ان عودة اللاجئين لا بد ان يحكمها القانون الدولي، والتزام لبنان بالقانون الدولي وبمنظومة حقوق الانسان هو في مصلحته اولا واخيرا، كما هو في مصلحة اللاجئين الذين يتحمل تجاههم مسؤولية قانونية واخلاقية لا يمكن التخلي عنها، ليس اقلها وضع حد للأنتهاكات التي يتعرضون لها وتحسين شروط عيشهم المزرية والعمل المخلص من اجل ايجاد حل سياسي للأزمة في سوريا يضمن حقوقهم وسلامتهم وعودتهم الامنة والكريمة الى مدنهم وبلداتهم وقراهم كما الشعب السوري بأسره. ان خطاب الكراهية والتعصب الذي يتحول للأسف الى خطاب معمم لا يقتصر على قضايا اللاجئين وحدهم، يهدد السلم المجتمعي وحقوق الانسان في لبنان :إن سكوتنا عن ذلك لم يعد جائزا".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك