مع ان مرحلة ما بعد عودة رئيس الحكومة سعد الحريري عن استقالته حفلت بالمواقف التي وضعت حزب القوات اللبنانية في دائرة الاستهداف لاتهامها بالضلوع في "المؤامرة" عليه ودعت ضمنا الى عزله "ليدفع ثمن ما اقترفت يداه"، فإن هذه الدعوات لم تلق آذانا صاغية في مواقع القرار او على الاقل لم تجد ارضا خصبة لاستثمارها، على رغم بلوغ الحملة نقطة الحديث عن تعديل وزاري يطال وزراء القوات الثلاثة، واستمرار سوء العلاقة بين القوات من جهة وركني "سيبة العهد" التيار الوطني الحر وتيار المستقبل من جهة ثانية. ولئن شهدت اخيرا بعضا من كسر الجليد الذي لم يتعدَ القشرة الخارجية للأزمة.
والموضوع بكل جوانبه، شكل كما تقول اوساط سياسية لـ"المركزية" الطبق الرئيسي في اكثر من لقاء قبل وخلال مناسبة عيد الميلاد. في كليمنصو، ابلغ رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط الرئيس الحريري ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل اللذين زاراه تباعا رفضه المطلق عزل القوات، مؤكدا انه لا يريد تكرارما جرى في قمة عرمون عام 1975 مع بداية الحرب اللبنانية ، حينما رفعت احزاب في "الحركة الوطنية" شعار عزل الكتائب، فوقف كمال جنبلاط واخرون في المرصاد محذرين من تداعيات اي خطوة من هذا القبيل. والى موقفه المبدئي، تشير الاوساط، الى ان خلف الموقف الجنبلاطي اعتبارات تتصل بامكانية التحالف مع القوات في انتخابات الجبل، وهو تاليا، ليس في وارد القبول بعزله. وازاء كلام الزعيم الاشتراكي، ردّ الرئيس الحريري بالقول ان لا نية لديه لاخراج وزراء القوات من الحكومة ولا لعزل الحزب، فهو حليف استراتيجي، ولئن شاب العلاقات معه بعض الفتور ابان الاستقالة، وغيمة الصيف عابرة والعلاقات ستعود الى سابق عهدها.
اما في بكركي، تؤكد الاوساط، ان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي استوضح رئيس القوات سمير جعجع الذي زاره عشية الميلاد عن موضوع العزل والعلاقات المتوترة مع التيار الوطني الحر من ضمن جولة افق على الوضع السياسي، فكان شرح مسهب، خرج اثره "الحكيم" مرتاحا لما سمعه من البطريرك، الذي اثار القضية مجددا مع الحريري خلال اتصال المعايدة بينهما، فكرر موقفه الرافض لعزل الحليف. ولم يقف الاهتمام البطريريكي عند هذا الحد، اذا تمنى الراعي في الخلوة التي عقدها مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبل مشاركته في قداس عيد الميلاد في الصرح، العمل على عودة العلاقات الى طبيعتها والتدخل من موقعه كـ" بيّ الكل" لبقاء المسيحيين موحدين لان في ذلك مصلحة وطنية عموما و للعهد خصوصا، بحيث تلتف المكونات المسيحية الاساسية الى جانب العهد لمواجهة التحديات.
من جهتها توضح اوساط معراب، انها تواكب ما يجري عن كثب، وتصف علاقاتها بالقوى المسيحية بالجيدة، مشددة على انها باقية في الحكومة "وتخرج عندما تقرر". فاستمرار مشاركتها ضروري لتصويب البوصلة ومناقشة الملفات الحيوية. واذ تستبعد حصول تطورات على مستوى تحسين العلاقات قبل رأس السنة، تجدد التأكيد انها لن تسعى لأي لقاء مع الرئيس الحريري قبل الحصول على ايضاحات تطالب بها كأساس لتبديد الالتباس الذي يعتري العلاقة بين الطرفين.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك