اكتشف باحثون بريطانيون أن اضطرابات الحياة الزوجية ترتبط على نحو وثيق بارتفاع وانخفاض ضغط الدم، ومستويات الكولسترول والوزن لدى الرجال، وكل من تلك العوامل تُعد سبباً رئيسياً للنوبات القلبية والسكتات الدماغية، في حين أن النساء لا يتأثّرن على النحو نفسه باضطراب حياتهن الزوجية.
بحسب ما نقلت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، توصّلت الدراسة التي تتبعت حالات 620 من الآباء المتزوّجين لمدّة 16 عاماً، إلى أنه عندما تكون العلاقة الزوجية في حالة تحسّن، تتحسّن الحالة الصحيّة للرجال.
وعندما تكون العلاقات مُستقرّة، سواء كانت سيئة باستمرار أو سعيدة باستمرار، فإنه لا يلاحظ أي تأثير على صحّة الرجال، ولكن عندما تتدهور الحياة الزوجية، تسوء حالتهم الصحيّة بالتبعية أيضاً.
وقارن الباحثون من جامعتي بريستول وغلاسكو، النتائج التي انتهوا إليها بدراسة تُدعى "بحث المليون سيدة"، وهي دراسة قائمة تُجرى على النساء البريطانيات، وقد توصّلت إلى أنه لا يوجد رابط بين السعادة الزوجية وصحّة القلب والأوعية الدموية لدى الإناث. ويعتقد الباحثون أن ذلك يعود إلى أن الرجال يعتمدون اعتماداً كبيراً على زوجاتهم، في حين أن النساء يتمتّعن بشبكات اجتماعية أكبر، فضلاً عن طُرق أخرى للتأقلم.
واقترح العلماء، بحسب ما نشروا في صحيفة BMJ المعنية بعلم الأوبئة وصحة المجتمع، أنه ينبغي على الرجال في العلاقات المضطربة إنهاء علاقاتهم من أجل صحّتهم. وقال العلماء: "يبدو أن التغيرات في نوعيّة العلاقة الزوجية تنبئ بخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية، بينما حين لا تشهد العلاقات الجيدة أو السيئة تغيّراً في طبيعتها، لا تتدهور حالة الرجال فيها".
وأضاف العلماء أنه بافتراض رابطٍ سببيٍّ، يتبيّن إذاً أن تقديم المشورة الزوجية للأزواج الذين يعانون تدهوراً في علاقاتهم قد تكون له منافع إضافية من ناحية الصحة الجسدية، فضلاً عن الصحة النفسية، وفي بعض الحالات يكون إنهاء العلاقة هو النتيجة الأفضل".
وقال العلماء إن الزواج السعيد يعد وقائياً بشكل عام، ولكنّهم أضافوا: "على ما يبدو، يستفيد الرجال من الزواج الناجح أكثر من النساء، لأنه وفي حال فشل الزواج، تتمتع النساء بشبكات اجتماعية أكبر، كما أنهن أقل اعتمادية على شركائهم من الرجال".
وتتبع الباحثون حالات 620 من الآباء المتزوّجين الذين شاركوا في الدراسة التي بدأت عام 1991. وفي الدراسة، أكمل الآباء استبياناً مُكوّناً من 12 بنداً لتقييم نوعية علاقاتهم الزوجية عندما كان طفلهم في سن الثالثة، ومرّة أُخرى عند بلوغ طفلهم سن التاسعة.
وقام الباحثون بعد ذلك بتقييم ضغط الدم لدى الآباء، ومعدّل ضربات القلب، والوزن، ومستوى الدهون ومستوى السكر في الدم بين أعوام 2011 و2013، عندما كان أطفالهم في سن 19 عاماً تقريباً. وذلك على أساس أن تغيير العوامل المؤدية لخطر أمراض القلب والأوعية يستغرق بعض الوقت بعد أي تغييرات في طبيعة العلاقة بين الزوجين.
وبعد أخذ العوامل المؤثرة المحتملة بعين الاعتبار، مثل السن، والتحصيل التعليمي، ودخل الأسرة، تبيّن أن تحسن العلاقة مُرتبط بانخفاض مستويات الكولسترول، وضغط الدم والوزن عند مقارنة النتائج بالعلاقات الجيدة على نحو مستمر من دون تغيّر.
من ناحية أُخرى، ارتبطت العلاقات المتدهورة بارتفاع ضغط الدم. وقالوا إن الرجال ذوي العلاقات الجيدة أو السيئة على وتيرة واحدة يظهرون حالة من "التعوّد" بمرور الزمن. وقد بيّنت دراسة سابقة، نشرتها كلية أستون الطبية في برمنغهام هذا الصيف، أن المرضى المتزوّجين كانوا أكثر عرضة للنجاة من أزمة قلبية بنحو 14% مقارنة بالعازبين.
ويعتقد الباحثون أن الزواج يُشجع الناس على الحفاظ على لياقتهم، وتناول أدويتهم اليومية، في حين أن غير المتزوجين أكثر عُرضة لتناول الكحوليات والتدخين وتناول الطعام الضار. ويُرجع الخبراء ذلك إلى أن الحياة بصحبة زوج أو زوجة هي "أكثر الأشكال جوهرية" للدعم المجتمعي.
مع ذلك، تُرجح الدراسة الجديدة أن الرجال يعتمدون على زوجاتهم أكثر بكثير مما تعتمد النساء على أزواجهن. وتكرر الدراسة أيضاً ما توصّل إليه خبراء بجامعة يوكوهاما في اليابان، حيث اكتشفوا أن الرجال المتزوجين أقل عُرضة من غير المتزوجين في المعاناة من متلازمة التمثيل الغذائي؛ وهي مزيد من مرض السكري، وضغط الدم المرتفع، والبدانة، ومشاكل الأوعية الدموية، وتوصّلوا أيضاً إلى أن الأمر نفسه لا ينطبق على النساء.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك