وابلّ من الأسئلة ينهال علينا وعلى نواب وسياسيّين، من الفجر الى النجر، ويحوِّم في مدار الحكومة العتيدة التي تكاد تصير من الطلاسم، وعلى أيّ برّ رست مساعي الرئيس المكلَّف نجيب ميقاتي.
لقد مرَّ ما يكفي من الوقت لكي يظهر من هذا الموضوع الشائك ولو رأس الشموط، أو طرف الخيط.
إلاّ أن أحداً لا يملك أيَّة معطيات جديَّة، لا عن لغز التأليف المقيم في ما يشبه بحر الظلمات. ولا، طبعاً، عن الرئيس الميقاتي الذي يتشبَّث بسياسة الصمت زين والسكوت سلامة. ولا عن "المراسلات" الوديَّة وسواها بين بيروت ودمشق، أو تلك التي بين الرئيس المكلَّف والجنرال ميشال عون الذي يُقال إنه يمترس خلف شروط ومطالب لا تختلف بشيء عن شروط المسكوب.
الفترة الزمنيَّة التي تفصلنا عن يوم التكليف تُقاس بالأسابيع. وكلما قيل إن الدخان الأبيض سيتصاعد هذا الاسبوع معلناً صدور التشكيلة المهيوبة بكل اسمائها وألوانها وصفاتها، يكون نبأ التأجيل هو الأسرع، وهو الجواب الوحيد.
صحيح انها ليست المرة الاولى، ولا التأخير الاستثنائي. لكنَّ الوضع اللبناني لا يزال عنده نقطة التجاذب والاهتزاز ذاتها. مضافةَ اليها التطورات العربيَّة العاصفة التي لا تحتاج الى مَنْ يتحدَّث عن انعكاساتها المباشرة أو تلك التي تصل بالواسطة...
الأمر الذي يربك البعض يتصل مباشرة بالاحتجاب الطويل الذي يلجأ اليه نجيب ميقاتي، بعيداً جداً من التساؤلات والاستفهامات التي تبقى معلَّقة الى جدار الحيرة، وحيث زم الشفاه وتقليب الأيدي هما كل ما يملكه مَنْ يفترض فيهم أن يكونوا مطلعين... ولو على النزر القليل من التفاصيل.
مثلاً، أية تشكيلة ستكون؟ برلمانية؟ اكسترا؟ تكنوقراط؟ مختلطة؟
وما اللباس السياسي الذي سترتديه؟ من لون واحد؟ وسطيَّة؟ بعيدة من الانتماءات الحادة التي تصنفها في خانة التحدّي؟ ما من شيء واضح.
فالرئيس المكلَّف، في هذا المجال، لا يختلف عن أَبي الهول. بل انه يرى في سياسة الصمت والتعتيم شطارة وجدارة وميزة وقدرة.
ماذا نقول للناس؟ كيف يواجه هذا البلد المعطَّل والمشلول منذ سنوات الاعصارات والثورات والمتغيّرات التي تعصف بالمنطقة، فيما الكباش الداخلي تتوسَّع دائرته ويشتدُّ عوده وتتكاثر تعقيداته وصعوباته؟
بالصمت ربما. أو بابتسامات تنمُّ عن عدم القلق، فضلاً عن أنَّ المبتسم يكاد أن يقول للمستفسرين والمستغربين: عرفتم شيئاً وغابت عنكم أشياء.
إنما المطلوب لا يتعدّى القليل من التواضع، والتكرّم بالقليل من التوضيحات... المطمئنة اذا أمكن
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك