كتبت صحيفة "الجمهورية": في أول تحرّك خارجي منذ توقيعه تسديد لبنان حصته في موازنة المحكمة الدولية، يزور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي باريس مفتتحا مرحلة جديدة في مسيرته الحكومية، بعدما واجه صعوبات في الانفتاح على المجتمع الدولي، تحت وطأة تجاذب داخلي حيال المحكمة لم ينته بعد.
وتكشف أوساط ميقاتي أنّ "زيارة فرنسا ستكون في بحر الأسبوع الثالث من كانون الثاني المقبل، وسيلتقي خلالها رئيس الجمهورية نيكولا ساركوزي، رئيس الوزراء فرنسوا فيون، وزير الخارجية ألان جوبيه ومسؤولين في الإدارة الفرنسية"، لافتة إلى أنّ ساركوزي "سيكون مسروراً بلقائه لتهنئته على القرار الذي اتخذه في شأن تسديد حصة لبنان من تمويل المحكمة الدولية".
وتلفت الأوساط الى أنّ "المحادثات ستشمل مختلف المجالات من سياسية واقتصادية بين البلدين، ومهمّة قوة "اليونيفيل" وما تتعرّض له من مضايقات في عدد من القرى واحتجاجات على النمط الذي كانت تتبعه في الدوريات التي كانت تنظمها، وصولا الى الاعتداءات الأخيرة على مدخل صيدا الجنوبي وفي منطقة صور".
وتؤكد الأوساط أنّ دعم الجيش اللبناني والأسلاك العسكرية سيحتل الصدارة في المباحثات التي سيجريها رئيس الحكومة، انطلاقاً من تأييده ما صارحه به مراراً زوّار دوليون أو سفراء دول كبرى، بضرورة "تحمّل الجيش في الجنوب مزيداً من المسؤوليات والأعباء".
وسيشدد ميقاتي أمام الفرنسيين على أنّ "اضطلاع الجيش بدوره كاملاً الى جانب القوة الدولية في الجنوب، المكلفة تنفيذ القرار 1701، يتطلّب تعزيز قدراته وتوفير كل الوسائل التي تمكّنه من تحمّل مسؤولياته كاملة".
وعلى الصعيد الاقتصادي - المالي، سيبحث ميقاتي في ملف التمويل الخارجي والحصول على قروض ومساعدات، إضافة الى تحريك المشاريع المجمّدة للمؤسسات اللبنانية بتمويل خارجي.
وتضيف الأوساط: "يعلم الرئيس ميقاتي أنّ مواقف لبنان في كل من الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية حيال الأزمة السورية أزعج الفرنسيين، وعلى هذا الأساس سيقدّم شرحاً مفصّلاً عن خلفية هذه المواقف وعن ضرورة تأمين الحكومة اللبنانية المساعدات الإنسانية للنازحين السوريين وهو على علم أنّ الإدارة الفرنسية ستتفهم مواقفه".
وتشير الأوساط الى أنّ الاعتداءات الأخيرة التي استهدفت جنودا فرنسيين يعملون في عداد "اليونيفيل" تشكّل حرجاً للرئيس ميقاتي، لكنها لن تؤثر في مستوى الترحيب الذي سيلقاه في فرنسا. وقد أبلغ الفرنسيون ميقاتي بهذا الأمر أثناء التحضير لهذه الزيارة، وخصوصا أنّ الرئيس ساركوزي يرتاح لأداء ميقاتي الحكومي وخصوصاً بعد المواقف التي اتخذها حيال المحكمة الدولية، ولكنه يملك تحفظات على مواقف حكومته من الأحداث في سوريا.
وانطلاقا من معرفته حجم التناقضات التي تعصف أحياناً بحكومته، تارة بينه وبين وزراء الغالبية، وطوراً بين أفرقاء الغالبية أنفسهم من خلال تباعد الآراء، ومرة ثالثة بتناقض المواقف بين قوى في الغالبية ورئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، سيقدّم ميقاتي مقاربة موضوعية للأزمات التي تواجهها الحكومة كجزء من اضطراب عام في لبنان، يتأثر بالرياح التي تضرب المنطقة، ويعتبر أنّ الوقت المناسب كفيل بحلّ العقد واحدة تلو الأخرى، كما سيسعى إلى تقليل تداعيات ما يحدث في الخارج على ما يتعذّر التفاهم عليه في الداخل في بعض الأحيان.
وهكذا، بعد تجاوز أزمة تمويل المحكمة الدولية، يركّز ميقاتي على ملفات أربعة: الانفتاح على الخارج، الاستقرار، الإدارة والتعيينات، والسياسة الاقتصادية.
وإذ يبدو ميقاتي حسب أوساطه متيقناً من ترابط الملفات هذه بعضها ببعض، ويضعها في منزلة متساوية، فهو يتوقف عند ثلاثة أهداف حتمية لضمان الاستقرار:
- احترام تنفيذ القرار 1701 من أجل ضمان أمن الجنوب. وهو على رغم الأحداث الأخيرة، يبدي أمله في إبقاء هذه المنطقة محايدة عن نزاعات مشتعلة في أماكن أخرى، نظراً إلى أنّ أي خلل في الجنوب يرتد على الجميع، ولا مصلحة لأحد بإخلال كهذا.
ـ التعاون مع المحكمة الدولية، حيث خطا خطوة رئيسية في التعاون معها، وفي إيفاء التزاماته حيالها كجزء لا يتجزأ من التصاقه بالشرعية الدولية التي لا يسعه التنكّر لها، أو تجاهلها، فكيف بالحري رفضها، وتمثل في كل حين مظلة حماية لهذا البلد.
ـ بقاء لبنان قدر الإمكان بمنأى عن تداعيات الأحداث في سوريا مع الاعتراف بالارتباط التاريخي والجغرافي الذي يجمع لبنان بسوريا، من أجل تفهّم خصوصية العلاقات اللبنانية ــ السورية، وعدم تسبّب أيّ من البلدين للآخر بأضرار.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك