ذكرت صحيفة "اللواء": "الخلافات بين رئيس المجلس النيابي و "حزب الله" تتمحور حول وضع منطقة الجنوب في المرحلة المقبلة، وتطورات الأزمة الدائرة في سوريا وتفاعلاتها عربياً ولبنانياً"
كشف مصدر نيابي قريب من "حزب الله" النقاب عن استياء ضمني لدى قيادة الحزب من ردة فعل رئيس المجلس النيابي على الاشتباك السياسي الحاد الذي حصل بين نائب حزب "الكتائب" سامي الجميّل ونائب "حزب الله" نواف الموسوي في جلسة الاستجوابات النيابية الأخيرة، ومبالغته في رفع مستوى رده إلى حد الحديث عن دوره الشخصي في تأسيس المقاومة، وكأنه يحاول أن يزايد على الحزب في هذا الخصوص، ومن ثم جنوحه إلى تبني موقف يقارب الاصطفاف إلى جانب الجميّل وتوجيه كل الملامة فيما حدث على النائب الموسوي خلافاً لما هو عليه موقع رئيس المجلس الذي يتطلب منه الوقوف على مسافة واحدة من كل من النائبين المتخاصمين من دون الانحياز إلى أي منهما في أي إشكال يحصل في جلسات المجلس النيابي، في حين ظهرت ردة فعل رئيس المجلس النيابي على هذا المستوى وكأن هناك مشاكل وخلافات عديدة بينه وبين "حزب الله" وكانت ردة فعل بري عليها بشكل غير مباشر من خلال موقفه من السجال الحاصل بين الجميل والموسوي وفيه رسالة غير مباشرة للحزب.
ولا يستبعد المصدر النيابي أن تكون الخلافات الحاصلة بين برّي والحزب، لها علاقة بأكثر من ملف وموضوع وهي خلافات لا تزال محصورة داخل حلقات حزبية ضيقة من الجهتين، بعضها يعود إلى ما نقل عن لسان رئيس المجلس النيابي وبعض فريقه الوزاري والنيابي مع عدد من الدبلوماسيين والموفدين الأميركيين بخصوص مواقفه وتوجسه من خطط وطموحات "حزب الله"، كما نقلت وثائق "ويكيليكس"، وما أدّت إليه من تفاعلات سلبية على علاقات الطرفين، لم تبددها بيانات النفي الطوعية والمفروضة والتغني بعلاقات حسن الجوار بين الجهتين، أو في ما يحصل من إشكالات وحوادث متواصلة في الجنوب على خلفية النفوذ المتبادل ومحاولة كل طرف فرض سيطرته الخاصة بالقوة وسعيه لتهميش الطرف الآخر أو تجاوزه، وتأثير مثل هذه الحوادث على وجود كل منهما ونفوذه السياسي المستقبلي.
وفي اعتقاد المصدر النيابي فان الخلافات بين رئيس المجلس النيابي و?"حزب الله" تدور أيضاً بشكل أساسي في المرحلة الراهنة على مسألتين اساسيتين، الأولى تتعلق بوضع منطقة الجنوب عامة واختلاف وجهة نظر كل منهما فيما يكون عليه هذا الوضع في المرحلة المقبلة، لئلا يتعرّض من جديد لاهتزازات أو تدهور خطير يؤدي إلى تجدد الاعتداءات الإسرائيلية وما يمكن أن ينجم عنها من دمار وأضرار في الممتلكات والأرواح، لا سيما وان الحوادث المتكررة التي تحصل، إن كان من خلال إطلاق الصواريخ من هذه المناطق أو التعدّي على قوات "اليونيفل"، ينبئ وكأن هناك من يحاول الزج بمنطقة الجنوب في حسابات التطورات الجارية في سوريا أو غيرها على حساب أبناء هذه المنطقة الذين عانوا الكثير من جرّاء الانفلات الأمني وتوجيه الرسائل الاقليمية المتعددة إلى الغرب خصوصاً.
أما المسألة الثانية، فتتعلق بتطورات الأزمة الدائرة في سوريا وتفاعلاتها عربياً ولبنانياً على حدّ سواء واختلاف تعاطي كل من رئيس المجلس النيابي و?"حزب الله" معها كل من منظوره وحساباته السياسية المحلية والعربية والدولية.
ويلاحظ أن هناك عتباً في أوساط الحزب على التعاطي الخجول لرئيس المجلس وحركة "أمل" عموماً من مجريات الأحداث في سوريا والإحجام عن التحرّك بفاعلية لدعم ومساندة النظام السوري في معركته ضد المتظاهرين للبقاء في سدة السلطة، باستثناء بعض المواقف الخجولة التي تصدر من وقت لآخر لتسجيل بعض النقاط الباهتة، في حين كان بإمكان رئيس المجلس النيابي المبادرة إلى تحرك نوعي يعبّر بوضوح عن مدى دعمه ووقوفه إلى جانب الرئيس الأسد ونظامه في المعركة الصعبة والمعقدة التي يواجهها في الوقت الحاضر، كما يفعل الحزب في كل المناسبات والأحداث المهمة، للتعبير عن عمق تحالفه ومساندته للنظام في سوريا، والتحرّك بفاعلية في الداخل لمواجهة الخصوم السياسيين للنظام السوري، كما عبّر عنه الامين العام للحزب خلال ظهوره الأخير بمناسبة ذكرى عاشوراء، وتأكيده على الاستمرار بهذا الدعم، بالرغم من كل ما يحصل في سوريا.
وينقل المصدر النيابي عن مقربين من الحزب خشيتهم من أن يكون وراء صمت رئيس المجلس النيابي حول ما يجري في سوريا، تحسبه الاستباقي لتداعيات الأزمة السائدة حالياً نتيجة اتساع حجم انتفاضة الشعب السوري مع توارد الأنباء حول ما يمكن أن يتعرّض له نظام الرئيس السوري من ضغوطات شعبية متزايدة وحصار دولي شبه محكم، قد يؤدي إلى ازاحته عن السلطة، وهو ما يؤدي إلى واقع سياسي جديد، قد ينعكس بشكل أو بآخر على لبنان ويؤثر على واقع موازين القوى السياسية والتحالفات السياسية التي لا بدّ وأن تتبدل في حال سقوط النظام في سوريا، في حين أن الحزب لا يزال يتعاطى وكأن النظام في سوريا، سيتجاوز كل ما يتعرّض له حالياً ولن يتعرّض للسقوط استناداً إلى معطيات ومعلومات أكيدة بهذا الخصوص.
ويخلص المصدر النيابي إلى أن كل هذه المشاكل والتباينات، تثير خلافات وإشكالات مخفية وعلنية بين رئيس المجلس النيابي، رئيس حركة أمل مع "حزب الله"، والتي تكون مضاعفات الأزمة السورية وتفاعلاتها على الواقع السياسي اللبناني أبرزها، لا سيما الحركة السياسية الجارية وراء الكواليس، لصياغة تحالفات جديدة استناداً لما ستؤول إليه الاوضاع في سوريا، العنوان الأبرز الذي يتفاعل بين الطرفين في الوقت الحاضر، بالرغم من استمرار التحالف العلني بينهما والتأكيد على قوة روابطه من وقت لآخر.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك