بعد 4 أشهر على توقيفه، أصدر قاضي التحقيق العسكري الأوّل رياض أبو غيدا قراره الاتهامي بحق خالد مصطفى محمّد، المعروف بـ "خالد حبلص"، بجرائم الاعتداءات على الجيش التي حصلت في منطقة بحنين في 25/10/2014 (استناداً إلى مواد تصل عقوبتها إلى الإعدام) والجرائم الأخرى التي ارتكبها الموقوف بالتعاون مع 9 آخرين.
التأخّر في إصدار القرار ناتج عن جملة أسباب، كان أبرزها توقيف أحمد الأسير الذي اشترك وعدد من أفراد مجموعته في معارك بحنين. ولذلك، سيعمد أبو غيدا إلى إصدار قرار ظني تابع للقضيّة نفسها يكون فيها إمام "مسجد بلال بن رباح" أحد المدَّعى عليهم وذلك حتى لا يتشعّب القرار الأوّل، لوجود الكثير من التفاصيل والاعترافات التي جاءت على لسان الأسير وحبلص والآخرين.
مقدّمة القرار الاتهامي ركّزت على الأيّام الأخيرة التي قضاها حبلص متوارياً عن الأنظار، ليلحظ أبو غيدا الأسلوب المبتكر المواكب للعصر الذي اتبعه إمام "مسجد هارون" بتغيير ملامح وجهه عبر الجراحة التجميليّة للتخفي من وجه العدالة، "ليكون بذلك سابقة قد يحتذي بها ممن هم بوضع مشابه".
وعليه، لم يرض "الريّس" أن يصيغ قراره من دون الإشارة إلى التغييرات التي طرأت على وجه حبلص، مشيراً إلى أنّه "قام بداية بحلق ذقنه، وصبغ شعره لوناً جديداً يميل إلى شعر الرجل الاسكندينافي، وحمل هوية مزوّرة باسم هيثم القبوط، وتوجه إلى مركز تجميل نادر صعب، حيث خضع لعمليات غيّرت ملامح وجهه، وعاد إلى طرابلس".
ولذلك، كان السؤال الأوّل الذي طرحه أبو غيدا على الموقوف الماثل أمامه هو سؤال يدور في رأس كلّ من علم بأمر العمليات التي أجراها حبلص: "هل كانت عمليّة التجميل ناجحة؟".
ليس السؤال عبارة عن مزحة، بل إنّما إجابة حبلص قد تكون هي المفاجأة. الرجل الذي لم يعرف نفسه عندما نظر إلى المرآة وصار يتجوّل براحة بال في طرابلس وقرب قصر العدل بعد إجراء عمليات التجميل، كان يتقصّد رمي السلام على كلّ من يصادفهم من رجال الأمن في الشارع، قائلاً: "كيفك يا وطن"!
وبرغم ذلك لم تسعف عمليات التجميل صاحبها، لتتمكّن شعبة "المعلومات" من إلقاء القبض عليه.
وخلال التحقيق معه، لم يوفّر إمام "مسجد هارون" صديقه الصيداوي في اعترافاته، ليؤكّد أمام قاضي التحقيق أنّ دوره في معركة بحنين كان أشبه بالدعوة إلى الاعتصام بعد معركة الأسواق في 25/10/2014 حينما ورده الكثير من الاتصالات والشكاوى من قبل المجموعات المسلحّة هناك لـ "فكّ حصار الجيش عنهم".
وبالفعل لبى حبلص النداء، فأطلق تسجيلاً صوتياً يدعو فيه أقاربه وعناصر مجموعاته في المنية إلى قطع الطرق وعدم فتحها ريثما تحلّ مسألة الأسواق. وخلال الاعتصام أطلق أحد العناصر النار على شاحنة الجيش وأصاب عدداً من العسكريين.
حاول حبلص إخراج نفسه من الاعتداءات على الجيش كـ "الشعرة من العجينة"، ليلصق أمرها بالأسير، نافياً خلال التحقيق معه اشتراكه بإطلاق النار على الجيش في محلّة "دار السّلام" حيث كان متواجداً، تماماً كما نفى إفادة أحد الموقوفين رامز ط. الذي أكّد أن حبلص طلب من المجموعة التي يرأسها ظافر البحصة القنص على عناصر الجيش في منطقة المحمرة.
لم يُسأل الموقوف عن هوية مطلق النار على ملالة الجيش أثناء المعركة (التي استشهد خلالها ضابط وعسكريين)، بل أوضح مباشرةً أن الذي فعل ذلك، هما شخصان تابعان للأسير أحدهما يدعى "أبو خالد" والثاني من آل النقوزي.
وأقرّ حبلص أيضاً أنّ عناصر مجموعاته ومجموعات عسكرية في طرابلس تدرّبت على يدي عنصرين تابعين للأسير هما "أبو أحمد الصيداوي" و"أبو خالد"، مشيراً إلى أنّ الأسير كان يقوم بدفع مبالغ ماليّة لشراء الأسلحة للمجموعة، من قذائف ب7 وبنادق رشاشة (ب ك س)، وذخائر متنوعّة، فيما كان هو (حبلص) يؤمّن شراءها من تجّار الأسلحة أو أماكن أخرى.
وذهب أبعد من ذلك، ليعترف أنّ "أبو أحمد الصيداوي" اشترى كميّة كبيرة من المواد الأولية التي تستخدم في صناعة المتفجرات، وعمل بعض عناصر الأسير على تجهيزها عبوات ناسفة بمنزل في سهل عكار، وفق ما قال.
كذلك تحدّث حبلص عن تأمنيه المأوى للأسير بعد حوالى الأربعة أشهر على أحداث عبرا، مشيراً إلى أنّه استأجر له شقة في باب التبانة مكث فيها مع عائلته. وما إن بدأت الخطّة الأمنيّة حتى استضافه في منزله ثم أعاد نقله وعائلته وبعض مرافقيه إلى شقة أخرى في ضهور بحنين يملكها عمر عكوش، بعد أن تمّ نقل "العفش" إليها بواسطة بيك أب تابع لفادي عكوش وبرفقة شقيقيه عبد الناصر وعلاء ومحمّد ن.
وبعد وقوع أحداث بحنين وبحلول الظلام، بدأت المجموعات في المنية وبحنين الانسحاب باتجاه البساتين المجاورة، التي انسحب إليها حبلص بدوره مع مرافقين تابعين له واختبأ فيها ثلاثة أيام قبل أنّ يتصل بعدها بشقيقه من والدته بدر قبوط الذي أحضر بيك أب معدّ لنقل الخضار ونقله إلى البداوي. ثم انتقل حبلص إلى منزل شقيقته في القبّة، حيث اختبأ لمدة ستّة أيّام قبل أن يستأجر له صهره محمّد ع. ق. شقة في ضهر العين، ويساعده على تزوير إخراج قيد باسم هيثم توفيق خضر مقابل 140 ألف ليرة لبنانيّة.
أما الأسير، فإنّ أحد أفراد مجموعة حبلص، وهو فادي عكوش، قام بتهريبه بعد المعركة برفقة عائلته و"الصيداوي" وشخص يدعى "أبو الياس" عبر البساتين نحو بلدة تربل ومنها إلى المنية.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك