جاء في صحيفة "النهار": بقطع النظر عن مآخذ المعارضة على "لهجة" العتب وربما الغضب أو الاملاءات التي شابت خطاب الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله في اتجاه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، فان أكبر الاخطاء التي ارتكبها السيد تمثل في رأي أوساط معارضة باستهدافه المباشر الطائفة السنية ان عبر تناول زعيمها الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري بالجزء الاكبر من الخطاب أو الرئيس ميقاتي من خلال اصدار ما يشبه "أمر اليوم" لما ستكون عليه أجندة العمل الحكومي في المرحلة المقبلة، على قاعدة أن ما بعد تمويل المحكمة الدولية هو حتماً غير ما كان قبله، وأن الأوان قد حان لسداد فاتورة التكليف والحفاظ على الحكومة ولكن بشروط الحزب.
وفي حين يكتفي ميقاتي بالتعليق في مجالسه الخاصة بأنه لا ينتظر من الحزب أن يكون موافقاً على خطوته بتمويل المحكمة ولا يتوقع سوى تفهمه لها، يشير أمام محدثيه بأنه لا يتحدى الحزب وليس في وارد ذلك، فالمهم المصلحة العامة وما تقتضيه من خطوات لن يتوانى عنها مع كل استحقاق، وهو يدرك أن ثمة الكثير من الصعاب على الطريق.
وفي اشارة الى ملف شهود الزور أو مطالب رئيس "تكتل الاصلاح والتغيير" النائب ميشال عون، يشير ميقاتي الى انه لا يزال من المبكر اعلان أي موقف من ملف شهود الزور". "فهذا الملف مفتوح ولم يقفل بعد. وماذا يمكن رئيس الحكومة أن يفعل ما دام ليس هناك بعد ملف بالمعنى الفعلي للكلمة؟".
يعني هذا الكلام انه لا بد أولا من تكوين ملف وهذا الامر في ملعب وزير العدل الذي يتوجب عليه، تلبية لرغبة "التيار الوطني الحر" وحليفه "حزب الله" أن يبادر الى اتخاذ الخطوات المطلوبة لتكوين ملف قضائي يركن اليه.
أما مطالب عون، فيرى رئيس الحكومة ان لا مشكلة فيها والضجة حولها غير مبررة لأنها كانت ولا تزال تدرج تباعاً في جدول أعمال مجلس الوزراء.
ويلمس محدث ميقاتي أنه مطمئن الى مسار الامور، ولا يرى أي مشكلة محتملة في الملفات المطروحة، كشهود الزور أو تمديد بروتوكول التعاون مع الامم المتحدة، فكل شيء يسير في رأيه "ما دامت النية صافية".
ويتحدث ميقاتي بارتياح وأمامه رسالة واردة من رئيس المحكمة الدولية ديفيد باراغوانث مؤرخة في تاريخ اول كانون الاول، وفيها شكر لجهوده الشخصية ولحكومته على سداد حصة لبنان من تمويل المحكمة مما يعبر في رأي المحكمة عن احترام لبنان التزاماته، كما جاء في الكتاب.
ولكن هل التعامل بالملفات المفتوحة في وجه ميقاتي سيكون بالسهولة التي ينظر اليها رئيس الحكومة في قراءته لواقع الامور؟
طبعاً لا، تجيب اوساط قريبة منه وتخالفه الرأي، فكل المعطيات الواردة من وزراء عون لا تؤشر الى ان صفحة جديدة من التعاون قد فتحت، بل تبدي تخوفها أن يكون بدأ فتح ملفات تصفية الحسابات على اسس الكيدية، خصوصاً حيال المواقع التي وضعها رئيس الحكومة تحت جناحه.
أما المعارضة فلها قراءة خاصة، فبقطع النظر عن الطريقة التي تحقق بها التمويل وغض طرف "حزب الله" عنه، فان القرار نفذ والمال ارسل ورئيس الحكومة سيغطيه من هبات ومساهمات قد يكون للمصارف دور فيها (سيتبلور هذا الدور في المرحلة المقبلة). لكن المهم وفق قراءة مرجع بارز في المعارضة أن كل الذرائع التي تلطى وراءها الحزب منذ عام 2006 سقطت وسقطت معها المعادلة البائسة (محكمة مسيسة وإسرائيلية...) التي أرساها الحزب ولم يجد طريقة ليبررها حتى أمام جمهوره.
أما عن طبيعة المرحلة المقبلة وما سيكون عليه خطاب المعارضة حيال العناوين الجديدة - القديمة التي طرحها السيد على جدول أعمال الحكومة، فيرى المرجع أنها تصب في اطار الضغط على رئيس الحكومة الذي يفترض ألا يحمل نفسه وزر أي صفقة، لأن الانجاز الذي حققه على مستوى صدقية لبنان أمام المجتمع الدولي وأمام اللبنانيين المؤمنين بالمحكمة وسيلة لتحقيق العدالة، يجب ألا يضحي به أو يرميه بخضوعه لأي ابتزاز فيقدم الصفقات على حساب المصلحة العامة، سواء في مسألة التعيينات وما قد تحمله من كيدية أو في ملف شهود الزور.
ويقول المرجع: "لم يفعل ذلك مسبقا ويجب ألا يستدرج اليه مستقبلاً لئلا يضيع في مكان ما حققه في مكان آخر. وهو مدعو الى الصمود في وجه أي ابتزاز. والمعارضة ستقف بجانبه كما وقفت في ملفات اخرى مثل الكهرباء أو التمويل".
هل يحمل هذا الموقف تغييراً في خطاب المعارضة الرامي الى اسقاط الحكومة؟
لا، يجيب المرجع " فموقفنا هو إياه، ولكننا ايضاً معارضة مسؤولة ولا نعارض للمعارضة. لا يمكن عدم الاعتراف بخطوة رئيس الحكومة بتمويل المحكمة وهو مطلب المعارضة. لكننا سنعمل لئلا تضيع في متاهات الصفقات التي سترتد في النتيجة وتؤدي الى عكس أهدافها".
وبدل أن تكون قلقة، تبدو المعارضة مطمئنة، "فخطوة التمويل أكدت لتحالف 8 آذار أن المحكمة ماضية في عملها ولا شيء يقف في طريقها، والحال نفسها تنطبق على موضوع التمديد لها من خلال تجديد البروتوكول، وملف كشهود الزور لن يعوق طريقها".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك