اكد مصدر مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" لصحيفة "الجمهورية" أنّ فرض منطقة حظر جوّي فوق سوريا هو مسألة أسابيع بعد أن يتمّ التمهيد له بإنشاء "ممرّات إنسانية"، بعدما "صار الحديث عن فرصة أخيرة للنظام السوري في مراحله الأخيرة".
وشدد المسؤول الأميركي في الوقت نفسه على أنّ الجهود الأوروبية والعربية الحاليّة تنصبّ بشكل أساسيّ على منع نشوب حرب أهلية في سوريا ستستمرّ لخمس سنوات على الأقل.
وفي هذا السياق علمت "الجمهورية" من مصادر ديبلوماسية من مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك أنّ جلسة للجمعية العامة ستعقد نهاية الأسبوع المقبل لبحث الوضع السوري وذلك بطلب من المجموعة العربية. وتتوقع هذه المصادر حزمة جديدة من العقوبات العربية والأوروبية، مشيرة إلى احتمال أن تقوم المجموعة العربية نفسها هذه المرّة بصياغة مشروع قرار العقوبات ضدّ سوريا المتوقع تقديمه إلى مجلس الأمن.
ولم تنس هذه المصادر أن تربط بين ما يجري من حرب سفارات بين الأوروبيّين وإيران من جهة، والتطوّرات السورية من جهة ثانية، واضعة ذلك في سياق تشديد الضغوط على النظام السوري.
حظر جوّي
وقال المصدر المسؤول في البنتاغون إنّ "الحديث عن فرصة أخيرة للنظام السوري صار في مراحله الأخيرة، خصوصا أنّ هذا النظام لم يقدّم سوى المزيد من الدلائل على إمعانه في خياره الأمني"، بل وعلى عدم قدرته على تقديم البديل.
واضاف المصدر أنّ رهان النظام السوري على تداعيات اقليميّة تمكّنه من تجاوز ضغوط المرحلة الراهنة، لن تنتج سوى المزيد من التنسيق بين القوى المعنية من أجل تطويق التداعيات المحتملة من جرّاء تفجّر الأوضاع في هذا البلد.
وشدّد على أنّ "الجهد الآن منصبّ من أجل منع اندلاع حرب أهلية بكلّ المواصفات المعروفة عن هذه الحرب، لأنّه لو قدّر الله واندلعت، فإنّها ستدوم لخمس سنوات على الأقلّ... وهذا ما لا يجب السماح به".
ولفت إلى أنّ لقاءات مكثفة تجري في السرّ والعلن بين أكثر من عاصمة عربية وأوروبية لبحث الخطوات التي سيتمّ اتخاذها، وان "الدور الأساسي أوكل الآن إلى الجامعة العربية والى الاتحاد الأوروبي من اجل تطويق التداعيات المحتملة من الصراع الجاري في سوريا".
واكد أنّ الحديث عن "فرض منطقة حظر جوّي بات اقرب الى الواقع، مع التمهيد له بممرّات إنسانية آمنة"، مشيراً إلى أنّ الأسابيع القليلة المقبلة ستشهد تطوّرات درامية بالنسبة الى المشهد السياسي المحيط بسوريا.
وعن الموقف الروسي في هذا المجال وما يشاع عن ثمن تسعى موسكو للحصول عليه قبل فوات الأوان لتغيّر موقفها من سوريا، رفض المصدر التعليق لكنّه اكد أنّ المواقف العلنية والسرّية للدول ليست قضيّة حديثة.
وشدّد على أنّ الولايات المتحدة لن تأخذ أيّ دور مباشر أو علني في الأحداث في سوريا، و"سيكون دورها مشابها لما جرى في ليبيا"، مع فارق أساسي أنّ المجتمع الدولي لا يزال متردّدا بل ومتأكدا من أنّ التدخّل العسكري المباشر في سوريا ليس هو الحلّ الأمثل.
مجلس الأمن
وفي السياق نفسه توضح مصادر ديبلوماسية في الأمم المتحدة أنّ الدول الغربية تواكب بشكل دقيق التحرّكات العربية المتعلقة بسوريا والمواقف المتصاعدة منها.
ولفتت إلى أنّ الدول الغربية أخذت علما بحزمة العقوبات العربية الشخصية التي ستفرض على رموز النظام السوري، مثلما أخذت علما بالعقوبات التركية، فضلا عن العقوبات الأوروبية التي سيعلن عنها بشكل مفصّل.
وتتوقع المصادر أن "تلي العقوبات الحاليّة حزمة عربية أخرى وكذلك من الدول الغربية، وهي بانتظار طلب المجموعة العربية في الأمم المتحدة من أجل الدعوة الى عقد جلسة خاصّة لبحث الوضع في سوريا خلال نهاية الأسبوع المقبل".
وتؤكد تلك المصادر أنّ "الدول الغربية قرّرت عدم القيام بأيّ خطوات في مجلس الأمن من دون التنسيق والعودة إلى المجموعة العربية. بل واكثر من ذلك تقول تلك المصادر إنّ المجموعة العربية ستعطى الوقت الكافي لتمهيد الطريق أمام الصعوبات المحتملة لإصدار موقف من مجلس الأمن الدولي، وإنّها قد تتولّى هي، أي المجموعة العربية، صياغة مشروع القرار الأممي للتصويت عليه، وليس كما جرى في السابق عبر قيام دول أوروبية غربية بصياغة هذا المشروع".
وتؤكد تلك المصادر أنّ ترابطا قائما بين ما جرى خلال هذا الأسبوع من أحداث بين المجموعة الأوروبية وإيران، وبين ما يجري في سوريا وحولها.
وتوضح أنّ الاتفاق الأوروبي المبدئي على فرض عقوبات على القطاع النفطي الإيراني وعلى وقف استيراده منها، "يدخل في إطار الضغوط لإجبار إيران على وقف تمويل ومساعدة النظام السوري في استكمال عملية قمعه لشعبه".
وتلفت مصادر الأمم المتحدة إلى أنّ التصريحات الإسرائيلية الأخيرة بالنسبة الى استبعاد العمل العسكري المباشر ضدّ إيران لوقف برنامجها النووي، يعزّز التكهّن بأنّ ما يجري من أحداث أمنية تستهدف هذا البرنامج وما يتصل به، ليس بعيدا عن الفعل "غير المباشر" الذي يستهدفه.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك