كتبت صحيفة "الراي" الكويتية: انتظرت القوى السياسية اللبنانية على اختلافها امس ما قاله الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في كلمة مسائية له في مجلس عاشورائي حول المخرج الذي اتبعه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لتمويل المحكمة الدولية في ضوء الطابع الاستثنائي الذي اكتسبه هذا الاجراء في حكومة يُعتبر "حزب الله" عمودها الفقري الفعلي.
واذا كانت قوى المعارضة قد سارعت الى تلقف الخطوة الحكومية بتحويل التمويل الى الامم المتحدة باعتبارها اعترافاً من "حزب الله" بالمحكمة الدولية التي سبق ان رفض "اصلها" معتبراً انها "اميركية – اسرائيلية"، فان ترقب كلام نصرالله بدا طبيعياً لجهة ان الحزب المحرج بين موافقة ضمنية او مباشرة على الخطوة الحكومية بدا مطالباً بالحاح امام قواعده على الاقل وكذلك حلفائه بتوضيحات سريعة لهذا التناقض الهائل في موقعه وموقفه والذي بدا واضحاً انه قدم معه اولوية الحفاظ على الحكومة على اي اعتبار آخر.
واذا توالت لليوم الثاني امس المواقف الدولية والمحلية التي غلب عليها الترحيب بالتمويل، أفادت مصادر سياسية واسعة الاطلاع لـ"الراي" ان الوسط الداخلي غرق في ملهاة الرابحين والخاسرين في هذا التطور، ولكن الامر لن يلبث ان يعود الى متاهة جديدة تتمثل في الاستحقاقات المقبلة على الحكومة ولبنان داخلياً وخارجياً والتي تفوق بأهميتها مسألة التمويل.
فمع ان الموضوعية تقتضي الاعتراف بأن رئيس الحكومة ومن سهل له قراره بالتمويل ساهموا في تجنب وضع لبنان في مواجهة سافرة وخطيرة مع المجتمع الدولي حالياً، فان ذلك لا يعني النوم "على حرير" هذه الخطوة في ضوء ما يرتسم عبر الازمة السورية من تداعيات على الوضع اللبناني.
وبحسب هذه المصادر فان احداً لا يتملكه وهم بأن مرور مخرج التمويل بدا الثمن الاضطراري لتطويل عمر الحكومة التي كان من الصعب السماح بانهيارها بعدما وضع ميقاتي استقالته على الطاولة لان ذلك كان سيثير انطباعات على مستوى واسع بان هذا الانهيار هو وليد تراجع خطير جداً للنفوذ السوري وقدرة النظام في دمشق على الحفاظ على الحكومة الحليفة "الاخيرة" له في لبنان.
وفي ضوء ذلك يمكن القول ان المعطى السوري بدا عاملاً اساساً على خلفية تعويم الوضع الحكومي الذي اضطر "حزب الله" الى تقديم تنازل مؤلم من اجل الحفاظ عليه. كما ان هذا البعد يتصل بمعرفة قوى 8 آذار خصوصاً ان انهيار الحكومة عبر ترجمة الرئيس ميقاتي تهديده بالاستقالة في حال عدم الموافقة على التمويل في مجلس الوزراء يعني صعوبة تكاد توازي الاستحالة في العودة الى السلطة لان هذه القوى لم تعد تمتلك الاكثرية التي توافرت لتسمية ميقاتي وتأليف حكومته واي مغامرة بالحكومة ورئيسها حالياً سيعني حتماً انفراط عقد هذه الاكثرية لمصلحة قوى 14 آذار.
وفي ضوء ما جرى تقول المصادر نفسها ان حكومة ميقاتي ستكون مضطرة من الاسبوع المقبل الى اعادة لملمة صفوف قواها بدءاً باعطاء زعيم "التيار الوطني الحر" النائب العماد ميشال عون "جائزة ترضية" لحفظ ماء وجهه واعادة وزرائه الى حضور جلسات مجلس الوزراء. وهو الامر الذي قد يفتح الباب على ملفات نائمة منها التعيينات وسواها.
وفي رأي هذه المصادر ان الاشهر الثلاثة المقبلة ستملأ بملفات داخلية متنوعة تعويضاً عن المرحلة السابقة الى ان حين موعد الاستحقاق الاخر المقبل المتعلق بالتجديد للمحكمة الدولية ثلاث سنوات جديدة في اذار المقبل، وعند ذاك قد تكون المواجهة الحكومية - الحكومية او الفرز الوزاري على خلفية هذا الاستحقاق اشد خطراً مما وصل اليه الامر مع التمويل بحيث يطرح مصير الحكومة فعلاً ونهائياً على بساط التقرير والفصل الحاسمين هذه المرة.
وغداة إقرار التمويل اكد ميقاتي امس امام زواره "أن قراره بدفع حصة لبنان من تمويل المحكمة يمثل خطوة اساسية في سياق عمل الحكومة اللبنانية، معلناً "أن ورشة العمل في الحكومة ستنطلق من جديد وبزخم، وستجد المسائل التي لم تنجز بعد كل العناية التي تستحق وفقا للاولويات التي حددها مجلس الوزراء لتفعيل القطاعات كافة".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك