تلقّى أحد وزراء تكتل التغيير والإصلاح ثلاث اتصالات هاتفيّة يوم أمس من ثلاثة زملاء صحافيّين في غضون عشرين دقيقة، وكان الزملاء يطرحون جميعاً السؤال نفسه على معاليه: "ماذا أخذتم في المقابل؟"، والمقصود ما الذي ناله التكتل مقابل موافقته على التسوية التي قضت بتمويل المحكمة من موازنة رئاسة مجلس الوزراء. سمع الزملاء المتصلين ضحكة الوزير الذي نفى وجود "صفقة" قضت بالوصول الى هذا المخرج، كما سمع المتصل الأخير مثلاً شعبيّاً هو نفسه الذي قاله النائب فادي الأعور منذ أشهر في المجلس النيابي وأمر رئيس المجلس النيابي بشطبه من المحضر.
في الأمس أيضاً، شطب الرئيس نبيه بري خيار الاستقالة الذي لوّح به رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في حال رفض تمويل المحكمة. فـ "الأستاذ" الذي ركّب ذكراً على ذكر عند تأليف الحكومة، والذي لولاه لربما كان نجيب ميقاتي ما يزال رئيس مكلّفاً، ابتكر مخرجاً للأزمة الحكوميّة وأقنع فرقاء الحكومة بالموافقة على تجنّب شبح التصويت داخل مجلس الوزراء واللجوء الى خيار تحويل الأموال عبر الهيئة العليا للإغاثة، لإغاثة الحكومة التي تلهّى بعض أعضائها بالتراشق الكلامي، وكأنّ ما في جعبة فريق 14 آذار من رشق كلاميّ لهم لم يكفهم.
خرج ميقاتي أمس منتصراً من "معركة" تمويل المحكمة. هذا ما أراده له حزب الله خصوصاً، فبدا، لوهلة، أنّ مبلغ 32 مليون و180 الف دولار ليس شيئاً في مقابل تأمين استمرار الحكومة في مرحلة "عصيبة" على الصعيد الإقليمي تحتاج الى بقائها، مهما كان الثمن. إلا أنّ هذا الثمن سيكون مختلفاً في آذار المقبل، حين ينتهي مفعول المعاهدة الموقعة بين الامم المتحدة ولبنان في شأن المحكمة. وحتى يحين ذلك الموعد، في مطلع آذار، فإمّا تجدّد المعاهدة أو يجري تعديلها أو تلغى، عندها يمكن القول إنّ لبنان سيسدّد هذه المستحقات أو لن يسدّدها.
"زمطت" حكومة ميقاتي يوم أمس من "قطوع" الاستقالة والدخول في مرحلة تصريف أعمال طويلة، لكنّ آذار لناظره قريب، واستحقاق التمويل التشريني ليس شيئاً أمام استحقاق تجديد المعاهدة الآذاريّ. فأبشروا بطول أزمة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك