ستنعكس الاحداث العربية على لبنان، رغم ان لبنان بلد ديموقراطي ونظامه برلماني وينبثق منه انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة وقيام السلطة التنفيذية التي تقوم بالتعيينات، لكن ما حصل في البلاد العربية يحصل كل الاف السنوات مرة واحدة، ويقدّر حتى الآن عدد الرؤساء العرب الذين سيسقطون بسبعة رؤساء وحكام عرب منهم رؤساء ومنهم ملوك.
حتى الآن، سقط الرئيس المصري حسني مبارك والرئيس التونسي زين العابدين بن علي، والرئيس اليمني علي عبدالله صالح على الطريق، وكذلك سقوط الرئيس بوتفليقة في الجرائر، وكذلك استقالة المالكي في العراق، والحبل على الجرار. والواضح ان خطة الولايات المتحدة ان تحكم انظمة اسلامية في الدول العربية بدلاً من انظمة ولاؤها لها. وتريد واشنطن ان يتسلم الاسلاميون الحكم في الدول العربية وتكون صديقة لهم وعندئذ تنشغل الجماعات الاسلامية والقاعدة باوضاع هذه البلدان.
ملك السعودية صرف حوالي 93 مليار دولار كدفعات مباشرة، لكن تكاليف الوظائف تصل الى 550 مليار دولار من اصل الاحتياطي المالي السعودي من خلال تعيين 600 الف موظف، وبناء 500 ألف شقة واعطاء رواتب اضافية ودفع اموال لكل عاطل عن العمل. وبذلك اشترى حكمه لمدة سنتين او سنة.
اما الرئيس بشار الاسد فاستدرك الامور بسرعة، ورأى ان المواجهة الدموية لا تفيد في سوريا وان فتنة سنية - علوية قد تنطلق من اللاذقية التي تجمع الطائفتين السنية والعلوية، وان ذلك سيؤثر على سوريا وعلى عروبة سوريا، وقرر محاكمة المسؤولين عن الذين لم يتعاملوا جيداً مع المواطنين كي لا تكبر الامور، اضافة الى انه قرر الغاء حالة قانون الطوارئ المعمول به منذ سنة 1963. وهو قانون تاريخي اتخذه حزب البعث العربي الاشتراكي وتم اتخاذه في ظل الحروب العربية مع اسرائيل وسيتم استبداله بقانون مكافحة الارهاب. ومعنى ذلك ان الاجهزة الامنية السورية ستبقى قوية على مستوى محاربة الارهاب مع اعطاء حرية الرأي في كل الامور الداخلية باستثناء شخص الرئيس بشار الاسد والامور والثوابت السورية مثل الجيش وعروبة سوريا. كما انه سيلغي مبدأ الحزب الحاكم وان يكون مرشح رئاسة الجمهورية من الحزب الحاكم. ولذلك نتوقع سنة 2014 ترشيح الرئيس بشار الاسد الى رئاسة الجمهورية مع وجود مرشحين آخرين. لكن حتى الآن لا يبدو أن في سوريا شخصية بوزن شخصية الرئيس الاسد، ولكنه قد لا يحصل على نسبة 99.99% من الاصوات عندما كانت تدير الاجهزة الامنية الانتخابات. لكن شخصية الرئيس الاسد الذي اتخذ خلال 11 سنة قرارات الغت اشتراكية البعث وادت الى استثمارات كبيرة في سوريا، هي الشخصية المؤهلة لاكمال ولاية ثالثة في رئاسة الجمهورية.
احداث مصر وتونس وليبيا والجزائر واليمن وسوريا والاردن والبحرين كلها ستنعكس على لبنان، ولم يكن مطلوباً في لبنان ديموقراطية دستورية بمعنى انتخاب مجلس نواب ورئيس له من خلال صناديق الانتخابات، بل ان التغيير سيحصل من خلال ديموقراطية حقيقية، وهي عبر الغاء الاقطاعية والمذهبية والطائفية وسيطرة الرأسماليين، وان 8 % من هؤلاء يحصلون على 80 % من الناتج القومي، فيما 92 % من الشعب اللبناني، يحصلون على بقية الناتج القومي والبالغ 33 مليار دولار.
وفي احصاءات اولية غير دقيقة في لبنان، ان 1851 رجل اعمال يملكون 80% من ودائع المصارف اللبنانية، وفي لبنان 340 شخصية مالية تسيطر على قطاعات التجارة والمعامل والمصارف والمصانع والزراعة، وفي لبنان حوالى 128 رجلاً يملكون الفنادق الاساسية في البلد. وفي لبنان هنالك موظفون تصل رواتبهم الى 3000 دولار ويعملون في الدولة وبات عددهم يبلغ 6000 الاف وتزيد ثرواتهم عن 50 مليون دولار نتيجة الفساد، والفساد هو عنوان للتغيير، لكن العنوان الاساسي للتغير هو في التخلص من الاقطاعيات والمذهبيات والزعامات الطائفية التي فسدت في البلد.
في ظل الاحداث العربية، التي ادت الى ديموقراطية حقيقية، ستسقط الزعامات الاقطاعية والمذهبية من الآن وحتى 5 سنوات في لبنان، وسيعيش لبنان حكماً ديموقراطياً حقيقياً وربما قبل 5 سنوات سيسقط هؤلاء.
في شأن الفساد، لم يستطع العماد عون ان يقول إنه يحارب الفساد، فالفساد ينخر التيار الوطني الحر، والاموال جاءته من قطر وايران وحزب الله ورجال اعمال يديرون رأسمال محطات تلفزيونية وغيرها، اضافة الى ارصدة مالية لم يتحدد مصيرها. اما جنبلاط فيملك ثروة طائلة، والحريري يملك ثروة طائلة وجزء منها في «السوليدير». والرئيس اميل لحود يملك ثروة لا يكشف عنها ابداً، الا ان الاكيد مثلاً كيف حصل على شقة فخمة في برج الغزال في بيروت والتي تساوي ملايين الدولارات، وهل هي تقدمة لانه رئيس للجمهورية ام انه دفع ملايين الدولارات ثمنها، علماً انه يقول ان تعويضه كان 900 الف دولار فقط.
نحن في «الديار» جاءتنا رسائل كثيرة اننا نقبض من الرئيس سعد الحريري ومن سوريا او من غيرها، وتم رفع السرية المصرفية عن حسابات شارل أيوب سنة 2005. ونحن لا ننفي تلقي مساعدات لا تزيد كلها عن مبلغ بسيط لا يساوي ثمن الورق الذي نشتريه وهو بقيمة 40 الف دولار، ونعاني ازمة مالية ادت الى صرف 53 موظفاً من اهم الكفاءات والطاقات، وقيل كثير حتى الآن. لكننا نتحدى ايا كان اننا دخلنا في اي عملية مالية في الدولة خلال 23 سنة واستغللنا نفوذ «الديار»، رغم ان العروض التي جاءتنا كانت كثيرة وباهظة ومع ذلك رفضناها. واكثر من يعرف هذا الامر هي المخابرات السورية والمخابرات اللبنانية والوزير السابق جان لوي قرداحي.
احداث العرب ستغيّر لبنان، والشعب يجب ان يستعّد للتغيير وألا يبقى قطيعاً مذهبياً تقوده الزعامات كقطيع غنم، لا عقيدة عنده، ولا فكر، يأخذونه يميناً وشمالاً وكل حسب وجهة سيره وكل همهم السير، كما يقرر زعيم القطيع.
التغيير آت وهو قريب، ولا يمكن ان يبقى لبنان جزيرة معزولة عن التغيير في المنطقة. والديموقراطية هي الغاء حكم المذاهب والاقطاعيات وضرب الفساد، واما الفساد فهو الطقم السياسي وزعماء الطوائف.
اما الديموقراطية الآتية فهي انهاء زعامات المذاهب والطوائف و«البكوات» وغيرهم.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك