على غرار كل عتيق، تأفل سنة 2012 مملة رتيبة على معزوفة "انعكاسات الازمة السورية على لبنان" التي لم تجارها افراطا في جلد اللبنانيين سوى المعزوفة الشقيقة "النأي بالنفس". ولان البشر مفطورون على خيانة القديم ومداهنة الجديد، ترانا تمسك القلوب بالأيدي لئلا نهلل اكثر من اللازم للسنة 2013 الوافدة بموروثات لا ندري ما اذا كانت امتداداتها، في السنة الجديدة، قد تضطرنا الى الترحم على ماض بالكاد يجد من يرحمه.2013 "على الريق " تبرز مبدئيا كسنة حاسمة للنظام اللبناني قبل اي استحقاق آخر. النظام بميثاقيته ودستوريته لم يكن مرة منذ قيام الطائف امام مفترق مصيري كمثل ما سيكون عليه في الاشهر الستة المقبلة تحديدا وما سيليها. واذا كانت سنة 2012 استنفدت كل ما يمكن ان يقال فيها عن النزاع اللبناني في كل جوانبه، فقد لا يكون من المبالغة ابدا اختصار حصيلتها المجيرة للسنة الجديدة بانها شبح ازمة نظام غير مسبوقة ما لم تتحفنا الاشهر المقبلة بما يبدد هذا الخطر.لقد اضحى بين 8 آذار و14 آذار ما يفوق الخصومة السياسية التقليدية او الطارئة باشواط، ثمة ما يكاد يلامس ازمة ميثاقية، ان لم نذهب ابعد الى "بعد ثقافي" مثلا. واذا كان البعض يرى في توصيف كهذا افراطا في المبالغة، فمن يمكنه مثلا ان يضمن قيام مفهوم موحد او مشترك لمشروع الدولة على انقاض عداء مستحكم حول كل شيء وفي كل شيء؟ وهو امر كانت 2012 من اكثر الاعوام التي شهدت تجلياته وتداعياته في ظاهرة استهان معها فريق عريض في اقصاء فريق عريض من دون رفة جفن. ولعل الاشكالية الاخطر من الاستهانة بمسألة الاغتيالات مثلا، هي ان يجري التسويغ لفراغ انتـــخابي ودستوري محتمل بذريعة قانون انتخابي ستيني، في حين ان اي جنوح اضافي للفريق السلطوي نحو الاستئثار سيكون رصاصة الرحمة هذه المرة في الميثاق نفسه ومعه النظام جملة وتفصيلا .كما ان ثمة ما لا يمكن عزله عن هذا الجانب عبر خطورة لا يأبه لها بعض السكارى بالسلطة، وهي خطورة التلويح المبطن الدائم، كالترهيب تماما، بمعادلة تعديل الطائف تحت وطأة انعكاسات الانفجار السوري. ان تهويلا كهذا يصاحب الاستحقاق الانتخابي اللبناني لن يكون سوى الوجه المقنع لانقلاب موصوف ناجز ومعد سلفا، مع كل ما يعنيه من اخطار على ما بات يوصف بانه استقرار فيما يجري حفر الانفاق في باطن الجمهورية لمشاريع لا يحتملها لبنان، ولن ينفع معها تعليق كل المعلن والمخبأ على الازمة السورية كمشجب ابتزاز وعنوان عريض لسنة "جديدة".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك