كتبت ايسامار لطيف في موقع mtv:
باستخدام "غوغل" ترند نستطيع أن نرى بدقّة، أنه قبل السابع من أكتوبر كان الاهتمام بالبحث عن "اليهود" ثابت وغير ذي أهمية، ثم بدأ الاهتمام يتصاعد بعد عملية طوفان الأقصى، ليصل الذروة في 30 أكتوبر، ما يشير إلى أن الصراع العسكري أدّى إلى خلق رغبة عميقة في فهم الآخر.
وبالواقع، يُمكن فهم الآخر عن طريق البيانات الرقمية من خلال استخدام "غوغل" ترند لرصد الأسئلة الأكثر بحثاً حول التنوع الديني، وقراءة المحتوى الذي يتصدّر نتائج البحث في الصفحة الأولى على محرّك البحث "غوغل".
وتُشير هذه البيانات إلى اهتمام واسع لدى الباحثين من مستخدمي اللغة العربية على الإنترنت في فهم التنوّع الديني، إلّا أن المحتوى المتطرّف يتصدّر نتائج البحث ويحجب عنهم الوصول إلى المعلومات الصحيحة، فيما المحتوى المدني لا يتصدّر النتائج أيضاً لأسباب تتعلّق باللغة المستخدمة في طرح قضايا التنوع، إذْ غالباً ما تُشكّل اللغة النخبوية عائقاً أمام المستخدم العادي الذي يستعين بمحرّك البحث "غوغل" للتعبير عن رغبته في المعرفة.
لا يجوز الترحم على غير المُسلم
"هل يجوز الترحم على غير المسلم"؟... قد يبدو هذا السؤال عادياً، لكنه ليس كذلك على محرك البحث "غوغل"، إذ تُظهر البيانات الرقمية أن هناك خمسة آلاف عملية بحث تجرى شهرياً عن هذا السؤال، ارتفعت في الفترة ما بين 11 – 14 مايو 2022 وهي الفترة التي قُتلت فيها الصحفية شيرين أبو عاقلة على أيدي جيش الاحتلال الإسرائيلي.
في هذا العصر الرقمي، يلجأ الجميع إلى "غوغل" لطرح ما يدور في أذهانهم من أسئلة، لكن المحتوى الذي يتم مصادفته بالعادة، هو محتوى سلبي، إذْ تُشير نتائج البحث إلى غياب الثقافة الحاضنة للتنوع الديني لدينا، أو بالمعنى الآخر غياب الثقافة الفعليّة التي تعلّمنا الانفتاح على الإنسان بعيداً عن الدين الذي يعتنقه، غير ذلك، فإننا عندما نضع السؤال الوارد أعلاه على "غوغل"، نجد أن هناك 8440 نتيجة، ولعلّ أبرزها يؤكّد أنه "لا يجوز" الترحم على غير المُسلم، مع العلم أن وجود هذه النتيجة في أعلى صفحة "غوغل"، لا يعني أن محرك البحث يدعم الخطابات المتشدّدة، بل يعني أن هذا الموقع أو غيره يستخدم معايير "غوغل" في إنتاج محتوى مغاير معيّن.
أسئلة أخرى محط اهتمام الجمهور
في الحياة اليومية، تُثير المسائل المتعلّقة بالتنوع الديني في أذهاننا الكثير من الأسئلة، هل أتباع الديانات الأخرى يدخلون النار؟ هل تعتبر المساواة معهم انتقاص من الدين الذي أعتنقه؟ أو مثلاً، هل التعاطف معهم يقودني إلى المعصية؟
هذه الأسئلة وغيرها، كانت محور اهتمام مبادرة "إثراء محتوى التعايش بين أتباع الأديان" وهي إحدى المبادرات الممولة من مركز الحوار العالمي "كايسيد"، برنامج "زمالة الصحافة للحوار" وهو أحد برامج التي يقدّمها للصحفيين في المنطقة العربية.
يقوم كايسيد من خلال الزمالة بتدريب الصحفيين لمدة عام على صحافة الحوار، يخضعون خلالها لورش عمل وتدريبات حول الصحافة القائمة على تقنيات الحوار وفض النزاع ومجابهة خطابات الكراهية واعتماد أخلاقيات المهنة فيما يتعلّق بتغطية القضايا المتصلة بحرّية الفكر والعقيدة والعلاقات بين أتباع الأديان والثقافات.
تحسين نتائج البحث على "غوغل"
تمارس مبادرة إثراء، التي كانت إحدى مخرجات النسخة الأولى من الزمالة، دوراً إعلاميّاً توعويّاً مهمّاً في سياق تعزيز مفاهيم الحوار والتعايش بين أتباع الأديان، كما تقوم بتسويق مفاهيم الحوار والتعايش الديني لأكبر قدر ممكن من مستخدمي الإنترنت.
يدير المبادرة عبد الرزاق العزعزي وزيد الأصيل تحت مظلة المنظمة الإلكترونية للإعلام الإنساني. وتعمل المبادرة على الدفع بالمحتوى المدني الحاضن للتنوع والمعزّز للتعاطف بين أتباع الأديان؛ لتُصدر النتائج كطريقة لنشر الوعي، وتقوم بإنتاج محتوى يستخدم اللغة الدينية لتقديم إجابات مدنية إنسانية وأخلاقية عامة غير منغلقة على منظور ديني محدّد، اعتماداً على تقنيات "السيو" لتحسين ظهور محتواها على محرك البحث "غوغل".
العزعزي، وهو مؤسّس المبادرة، يشير في حديثه لموقع mtv إلى أن "الهدف الرئيسي للمبادرة هو مساعدة الناس على التخلّص من الأفكار السلبية وتعزيز ثقافة التعايش والسلام". ويضيف: "نقوم بذلك من خلال استخدام "غوغل" ترند والبحث عن الأسئلة الشائعة ثم قراءة المحتوى حولها، هل هو سلبي ويشجع على الكراهية أم أنّه محتوى مدني؟ وإذا كان سلبياً فإننا نقوم بإنتاج محتوى إنساني انطلاقاً من معايير غوغل ليتصدّر نتائج البحث ويكون له أولوية في العرض".
من جهته، يَلفت الأصيل إلى أن المبادرة تقوم بتتبع "اهتمامات الباحثين لتحسين المحتوى الذي تقوم بإنتاجه بمساعدة خبير تقني لضمان أنّه يتفق مع معايير "غوغل"، ممّا يساعد في رفع مستوى جودة المحتوى وجعله أكثر ودّية لمحرك البحث".
ويؤكّد أن "تناول قضايا التنوع الديني هو تحدٍ صعب، لكنه ممكن، ففي الدين، المعلومات والأفكار لا يمكن أن تتغيّر بمعلومات وأفكار أخرى، لأنها مسألة إيمان وليست مسألة أدلة. لهذا السبب، نحن لا نسعى إلى خلق إجماع حول الإجابات التي نقدّمها، بل إلى خلق إجماع حول القيم الإنسانية والأخلاقية اللازمة للتعايش والسلام".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك