كتبت مريم حرب في موقعmtv:
خطفت عمليّة "طوفان الأقصى" الضوء من ملفات الساعة اللبنانية. وبقدر ما قد تحمله الأيّام المقبلة من تطوّرات على الحدود الجنوبية، يبقى النزوح السوري وغير الشرعي ملفًا داهمًا على الدولة اللبنانية معالجته قبل الإنفجار الكبير.
بعد المواقف الدولية وليس آخرها موقف المتحدث الرسمي للاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لويس بوينو بأن "لا عودة للنازحين السوريين في الوقت الحالي"، وتقاعس الحكومة اللبنانية عن اتخاذ إجراءات تضمن السيادة ومنع عمليات التهريب اليومية على الحدود البرية، وضمان لقمة عيش المواطن، تحرّك حزب "القوات اللبنانية" للضغط ووضع حدّ للاستنزاف اليومي الذي يتسبّب به السوريون.
شكّل "القوّات" مجموعات عمل مختلفة للخروج بخلاصات عملية، ووجّهها على مسارات ثلاثة: المسار الأوّل تقوده مجموعة التواصل مع دول الإتحاد الأوروبي. المسار ثاني انكبت على تعبيد طريقه مجموعة التواصل مع الولايات المتحدة الأميركية. ومسار ثالث تقوم بتنسيقه مجموعة العمل والتواصل مع الحكومة والوزراء المعنيين.
توجّهت المجموعة الأولى إلى أوروبا ساعية إلى تغيير نظرة الاتحاد الأوروبي. وقد زار أحد النواب الفرنسيين البارزين في الأسابيع القليلة الماضية لبنان لهذه الغاية، وأجرى سلسلة لقاءات اختتمها بلقاء مع رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع بقي خارج التداول الإعلامي، قيل إنّ النائب الفرنسي خرج بعده متسلحاً بهواجس اللبنانيين لينقلها إلى زملائه والتوصّل إلى تعديل نصّ القرار الأوروبي الصادر في 12 تموز الماضي. وستحمل الأسابيع المقبلة لقاءات هامة لمتابعة الملف.
أمّا المجموعة الثانية، فقد جالت منذ قرابة الشهر على مختلف دوائر القرار في الولايات المتحدة، وأحدثت اللقاءات الخرق المطلوب لناحية إقناع الإدارة الأميركية بالآثار السلبية للنزوح على لبنان. وتشير المعلومات إلى أنّ هذه المجموعة ستستكمل لقاءاتها خلال الأسبوع الحالي.
تواكب المجموعة الثالثة عمل المجموعتين الأولى والثانية، وقد ركّزت جهودها على التنسيق والتعاون مع الحكومة والوزراء المعنيين. وتسعى المجموعة الثالثة معهم للبناء على وحدة اللبنانيين في تشخيص خطر النزوح السوري الوجودي ومواجهته من أجل الإسراع بتطبيق القوانين اللبنانية وبشكل صارم. كما طالبت الوزراء المعنيين بإعطاء الأوامر إلى الأجهزة الأمنية والبلديات لضبط الوضع على الأرض.
يجزم عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب رازي الحاج أنّ "النزوح السوري يشكّل تهديداً وجوديّاً وأمنيّاً وديمغرافيّاً لا بدّ من التنبّه له والعمل على منعه". ويضيف، في حديث لموقع mtv: "كدولة ذات سيادة نرفض طريقة التعاطي الدولي مع لبنان في ملف النزوح".
ويشرح الحاج: "المقاربة الخارجية تختلف عن مقاربتنا لأنّهم أوّلًا لا يعانون ممّا نعانيه، وثانيًّا لأنهم يعتبرون أنّ نظام الأسد ليس مستعدًا لإعادة النازحين السوريين، فالرئيس السوري يُحاول الاستفادة من هذا الملف ليأخذ شرعية دولية وتأمين التمويل لإعادة الإعمار، باستخدام النازحين".
وإذ يتهم الحاج الحكومة اللبنانية بالتواطؤ، يقول: "الحكومات السابقة تنازلت عن سيادة الدولة وتركت النزوح يعمّ المناطق اللبنانية. وتتحمّل حكومة تصريف الأعمال اليوم مسؤولية ضبط الحدود وتنظيم وجود النازحين السوريين ومنعهم من مزاحمة اللبنانيين في أعمالهم...".
بدأت الاشتباكات التي حصلت في الأيّام القليلة الماضية بين لبنانيين وسوريين تُنذر بالأسوأ. ويشير الحاج في هذا الإطار، إلى أنّه "على حكومة تصريف الأعمال التصرّف لمنع تفلّت الشارع وانفجار الأزمة بالبلد عبر ضبط الواقع اللبناني، والتشدّد في تطبيق القانون وعدم خلق بيئة حاضنة للسوريين، ومنع كل سوري يدخل سوريا من العودة إلى لبنان".
يأخذ حزب "القوات" ملف النازحين السوريين على محمل الجدّ ويتحرّك في ظلّ عجز الدولة عن القيام بواجبها واكتفاء كتل نيابية بالتصريحات. ويُشدّد الحاج على أنّ "هذه القضية تسمو فوق كل الخلافات السياسيّة وتعلو فوق المهاترات والحسابات غير المجدية؛ فالوقت هو للعمل، واذا لم يتفق اللبنانيون على مواجهة هكذا أزمة، فعلى ماذا سيتفقون؟".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك