كتبت لورا يمين في "المركزية":
بعد أن تجاوز الداخل السياسي السجالَ حول "التوقيت" والبلبةَ التي خلّفها قرار رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي، عادت البلاد الى ازماتها الآخذة في الاشتداد، سيما اقتصاديا ومعيشيا، والتي لا تزال من دون اي حلول.
وإثر "غضبة" ميقاتي وإعلانه السبت إرجاء جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة امس الاثنين ببند وحيد هو الوضع المالي والاقتصادي لموظفي القطاعين العام والخاص، تتحضّر الجهات المعنية لاكثر من خطوة تصعيدية.
امس، حذر حراك العسكريين المتقاعدين الذين "نزلوا على الارض" بقوة، الاسبوع الماضي مطالبين بحقوقهم ومتوعّدين بتحركات اقوى في حال عدم الاستجابة لمطالبهم، الحكومةَ من "تمرير أي مشروع لزيادة الأجور لا يحظى بموافقة المتقاعدين، وخصوصا المشروع المسخ المقدم من قبل وزارة المالية، والذي تفوح منه رائحة الاستنسابية والتمييز العنصري بين الأسلاك العسكرية والقطاعات المدنية، إلى جانب هضم حقوق المتقاعدين وتحويلهم إلى متسولين في الشارع"، مؤكدا "وجوب تطبيق العدالة والمساواة في زيادة الأجور بين مختلف القطاعات وفق قاعدة الفئات الوظيفية، وعلى قدسية حقوق المتقاعدين التي كرسها قانون الدفاع الوطني ونظام التقاعد والصرف من الخدمة بمنحهم ٨٥٪ من أي زيادة أجور تطرأ على موظفي الخدمة الفعلية تحت أي مسمى كانت". ودعا إلى "البقاء على أهبة الاستعداد للنزول الى الساحات في ضوء التطورات المقبلة، والتصدي لأي محاولة تهدف إلى تهميشهم، مع تأكيد مسؤولية السلطة وحدها إزاء أي تصادم لا تحمد عقباه".
في الاثناء، موظفو اوجيرو مستمرون في الاضراب فيما شبكة الانترنت تتهاوى في البلاد وتنقطع عن جزء واسع من اللبنانيين في مختلف المناطق. وقد صعّد الموظفون امس على الارض ايضا، فقطعوا أوتوستراد المدينة الرياضية قبالة "أوجيرو"... عمال بلدية طرابلس، بدورهم، وبالمشاركة مع الاتحاد العمالي العام في الشمال، قطعوا امس الطرقات المؤدية الى مصرف لبنان في عاصمة الشمال.
الحكومة تبدو اذا، وفق ما تقول مصادر مطّلعة لـ"المركزية"، في سباق مع غليان شعبي قد ينفجر في وجهها، ظهرت تباشيره في رياض الصلح منذ ايام، قد يكون اوسع واشمل هذه المرة، خاصة وان القطاع الخاص ينتظر ايضا زيادات كان اتُفق عليها في اجتماع المؤشر بين الاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية. مجلس الوزراء متى اجتمع، سيحاول نزع فتيل الغضب هذا من خلال اقراره رفع الرواتب ورفع بدل النقل (..) غير ان الخشية كبيرة من ان تكون "إبرة المورفين" هذه غير مفيدة وان تتبدد مفاعليها سريعا بما ان خطوات الحكومة ستفاقم التضخم وتُفقد الليرة قيمتها وبالتالي ستكون الزودات وكأنها لم تكن، وقد قالها نائب رئيسها سعادة الشامي اليوم: زيادات الرواتب ستزيد من انهيار سعر الصرف من دون تمويل أجنبي.
هذا المشهد يدل اذا على ان الحكومة تشتري الوقت وقد تؤخر الانفجار بعض الشيء الا انه حتما آت، وهو ما حذّر منهم الدبلوماسيون الاميركيون والسعوديون والامميون ووفد صندوق النقد الدولي، الذين جالوا منذ ايام قليلة في بيروت، بما ان لا حل الا بانتخاب رئيس وباقرار خطة اقتصادية شاملة تتيح الاتفاق مع صندوق النقد الدولي... فأين الحكومة ومجلس النواب مِن هذه الخطوات الضرورية التي من دونها لا اصلاح ولا انقاذ؟!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك