كشفت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي عن تفاصيل تنشر للمرة الأولى عن جائم الكوماندوز الإسرائيلي "وحدة المستعربين" والذين يتهمهم الفلسطينيون بأنهم وحدة من القتلة الذين يتخفّون في لباس عربي ويندسون بين الناس ويباغتون الضحية بوابل من الرصاص أو الاعتقال. وتم الكشف عن هذه التفاصيل عن طريق أورين بيطون وهو مسؤول سابق في وحدة للمستعربين عملت في منطقة نابلس، وخلال لقاء تلفزيوني يعرض فيه ألبوم صور عن ضحاياه الذين قتلهم. ويتصفّح بيطون الألبوم خلال المقابلة وهو سعيد وفخور ومبتسم، ويقول خلالها، من دون أنْ يرف له جفن، "هذه صورة الشاب الفلسطيني واسمه باسم صبيح، أنا قتلته وهذا شاب آخر أنا مزقت جسده وهذه صورة لما تبقى من جسده وهكذا".
واللقاء التلفزيوني كان في الأساس عن أحد ضباط جهاز الأمن العام "الشاباك"، يرمز له بحرف "د" وهو يشكو من إهمال الدولة لطلباته رغم اقدامه على قتل العديد من المطلوبين الفلسطينيين، وتطالب المذيعة الدولة الاستجابة لمطالبه وتقول إن هؤلاء هم رجال الشاباك الذين نسمع عنهم ولا نراهم، وبسببهم نعيش الآن في أمان.
ويتبيّن من التقرير أنّ رجل الشاباك عمل لمدة 8 سنوات في الضفة الغربيّة المحتلة، ويحتفظ هو الآخر بألبوم صور لفلسطينيين قتلهم، وبسبب "العمل الشاق"، وليس القتل، بات يُعاني من مرض نفسانيّ، إلا أنّ وزارة الأمن الإسرائيليّة ترفض الاعتراف به كمريض نفسيّ، الأمر الذي دفعه إلى مقاضاة السلطات ذات الصلة. ولعل المشهد المقزز في التقرير هو اللقاء بين ضابط الشاباك وأحد العملاء، الذي ظهر واضحًا على الشاشة، وقال إنّه شارك الشاباك في عمليات الترصد وملاحقة وقتل من تطلق عليهم مخابرات الدولة العبريّة لقب المطلوبين. ويقول رجل الشاباك سابقًا إنّه ما زال يحافظ على علاقة وطيدة مع العملاء الفلسطينيين، الذين قدموا له خدمات كبيرة وحساسة في معركته غير المنتهية ضد الفدائيين الفلسطينيين من جميع التنظيمات الوطنية والإسلامية.
وفي كل حال من الأحوال هناك العديد من الملاحظات التي يمكن أن تلفت انتباه المشاهد في هذا التقرير وهي:
أولاً: أن تصوير التقرير كان في مناطق فلسطينية وفي شوارع بلدة الرام وغيرها مما يعني أن هؤلاء المستعربين لا يزالون في هذه المناطق نهارًا جهارًا، ويحملون مسدسات تحت قمصانهم، ويتجولون في شوارع المدن الفلسطينية لا سيما المحيطة بالقدس.
ثانيا: إن صور المواطنين والمدنيين الفلسطينيين التي وردت في التقرير لا صلة لها أبدًا بالتقرير، فقد كان المستعرب يقف أمام سوبرماركت أو مقهى أو موقف سيارات، ويتحدث باللغة العبرية عن عمليات قتل المطاردين، وغالبية الناس كانوا يظهرون في التقرير ويبتسمون، وهم لا يعرفون ما هي قصة التقرير الذي يجري تصويره، ولم يكلف معد التقرير عناء نفسه التوضيح للمشاهد العادي بأن الأشخاص الذين ظهروا في المقاهي وفي محلات عامة أخرى، لا علاقة لهم بالتقرير، لا من قريب ولا من بعيد، والهدف، على ما يبدو، خلط الحابل بالنابل لإثارة القلاقل في صفوف الفلسطينيين.
ثالثا: إن هؤلاء المستعربين الذين يتحدثون اللغة العربية بطلاقة لهم صداقات وعلاقات وثيقة بعملاء من الفلسطينيين كانوا حول مكان التصوير، وكانوا يقفون معهم، وتجري تغطية وجوههم لحمايتهم وهم موزّعون في الشارع بشكل سري ويحملون المسدسات تحت قمصانهم.
رابعا: إن الطريقة التي تحدث بها مسؤول وحدة المستعربين اشتملت على معلومات جديدة حول عملية المتابعة والمراقبة والملاحقة وصولًا إلى التصفية للمطاردين.
ومن هذه المعلومات، على سبيل الذكر لا الحصر، أن المستعربين يمضون فترة كافية في المراقبة الحصرية للهدف الذي يجري ملاحقته، ويبدأ المستعربون بالسؤال عن زملائه في الدراسة وعلاقاته وصداقاته والأماكن التي يتردد عليها، ونوعية الطعام الذي يأكله وسلوكه وعلاقته بأسرته وكل الأشياء الصغيرة والكبيرة في سلوكياته مثل اتصالاته وعاداته، ومن ثم يجري تكوين ملامح لشخصيته من الناحية الأمنية، ومن ثمّ ملاحقته والتعرف على مكان إقامته، لتتم مباغتته وتصفيته أو اعتقاله إذا كانوا يريدون منه معلومات أمنية.
وقد لفتت الانتباه عبارة قالها "د":إننا نمسك المطارد وننتظر حتى يصل المسؤول عنا، ويؤكد إذا كان هو الهدف فعلا، ومن ثم نتصرف، أي نقتله".
وكشف ضابط الشاباك عن أن عملية ملاحقة من أسماه بالمطارد استمرت خمس سنوات بالتمام والكمال، حتى تمكنت المخابرات الإسرائيلية، بمساعدة جيش الاحتلال، من تصفيته عندما قصفت البيت الذي كان يوجد فيه بالصواريخ. وهذه العبارة الأخيرة، 'بعد أن نتأكد منه نتصرف'".
وتثبت شهادات شهود العيان الفلسطينيين، أن المستعربين كانوا يعتقلون المطاردين وهم على قيد الحياة، ومن ثم يقومون بتصفيتهم بدم بارد".
ولكي تذكر مقدمة البرنامج على أن الإعلام العبري هو إعلام متطوع لمصلحة ما يطلـق عليه الإجماع القومي الصهيوني تختتم التقرير من الأستوديو قائلةً "على الدولة وعلى الحكومة وعلى جميع السلطات ذات الصلة، العمل من أجل تقديم المساعدات لهؤلاء الأشخاص، الذين سهروا الليالي من أجل حماية مواطني الدولة العبرية، غير مهتمة بأن هذه الحراسة كانت على حساب العديد من الشهداء الفلسطينيين، الذين تم إعدامهم دون محاكمة، ومن ثم قام الضابط والمستعرب بحفظ صورهم في الألبــوم الشخصيّ لتكون الصور بمثابة شهادة قاطعة على مدى كراهيتهم لكل ناطق بالضاد، ولكل فلسطينيّ، ليس لسبب، اللهــمّ لأنّه ولد من رحم فلسطينيّ وواصــل مسيرة النضال من أجل حريّة شعبه في الأرض المغتصبة والمسلوبة.
يذكر أن أفراد وحدة المستعربين وحدة يتبعون لحرس الحدود الإسرائيلي، الذي اشتهر أفراده بأعمال التنكيل الوحشية بالفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وفي قطاع غزة، ومن أشهر أعمالهم السادية كانت وما زالت إجبار فلسطينيين على ترديد الجملة: حمص، حمص، فول، أسيادي مشمار غفول "الاسم العبريّ لحرس الحدود".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك