تُجمِع القوى السياسية والحزبية على القول إنّ ما شهده اجتماع اللجان النيابية المشتركة يؤشّر إلى صعوبة التوصّل إلى قانون انتخابي من بين المشاريع المطروحة. ولذلك، فقد بدأ التحضير لقانون يجمع في بنوده شيئاً ممّا يطالب به طرفا الخلاف لتجري بموجبه الانتخابات على مرحلتين: الأولى تؤهِّل للثانية. فما هي هذه الصيغة؟
لم تُفاجَأ المراجع المعنية التي تتابع عن كثب المساعي المبذولة لترتيب الولادة المنتظرة لقانون جديد للانتخاب يريده اللبنانيون عصرياً، متجدداً، ويشكل آلية لأفضل تمثيل لمكوّنات لبنان الطائفية والمذهبية ولا يشكل خروجاً عن الطائف ومقتضيات الدستور. وعلى رغم إجماع مختلف المستويات الرسمية والحزبية والوطنية على هذه الأوصاف، فقد شكّلت القوانين المطروحة على بساط البحث، في شَكلها ومضمونها وأسبابها الموجبة، حافزاً يؤدي في أقصر الآجال إلى عكس العناوين المطروحة.
قراءة سلبية تُناقِض العناوين
ومَردّ هذه القراءة السلبية لمشاريع القوانين المطروحة، أنّ دعاة هذه المشاريع يدركون اكثر من غيرهم أنّ بعضها غير قابل للتطبيق، حتى على الورق، في بلد تعصف به الانقسامات الطائفية، لا بل المذهبية. وفي وقت يتطلّع فيه البعض إلى أيّ قانون من هذه القوانين على أنه الصيغة المثالية لترجمة هذه الشعارات الوطنية الكبرى، يرى آخرون في هذه القوانين ما يؤدي الى ضرب مقوّمات هذه الشعارات، ومعها وحدة لبنان وصيغة العيش المشترك، ويضع البلاد في فوّهة التنين المذهبية، ويُذكّي الانقسامات بدلاً من التخفيف من حدتها.
وعليه، يعتقد بعض المراقبين أنّ في كل مشروع من المشاريع المطروحة للبحث، ما يعزز الانقسامات، خصوصاً أن التقسيمات الإدارية الواردة في بعض القوانين تبدو مطيّة لأصحابها بغية الوصول بأكثرية محققة سلفاً الى ساحة النجمة. فلا خلاف بين خبيرين في شؤون الانتخابات أنّ قانون الحكومة الذي تحدّث عن النسبية في 13 دائرة سيضمن وصول الأكثرية الحكومية الحالية من قوى 8 آذار، بأكثرية نيابية افتقدتها منذ فترة قصيرة من جرّاء عودة النائب وليد جنبلاط الى 14 آذار، من دون أن يسقط الأكثرية الحكومية.
نظرية الفوز المُسبق
ولا يختلف اثنان من هؤلاء الخبراء على القول إنّ العودة الى قانون الستين سيعيد الأكثرية النيابية الى مجموع قوى 14 آذار التي أنتجها القانون نفسه في العام 2009. وعليه، تبقى الإشارة الى ان القوانين الأخرى المطروحة لن ترى النور على الإطلاق في ظلّ التوازنات النيابية والسياسية القائمة حالياً، ذلك أنّ هناك مَن يهدد بالثبور وعظائم الأمور إذا ما توصّل مجلس النواب الى أيّ قانون يشكّل إقراره انتصاراً مُسبقاً وحاداً لفريق على آخر.
ففي السر والعلن، هناك من يقول إنه لا انتخابات ما لم تَجرِ على أساس النسبية التي تشكّل وسيلة لتمثيل الجميع في مجلس النواب، كلّ بنسبة حضوره وحجمه السياسي والشعبي. وباعتقاد هؤلاء أنّ الاعتماد على القانون الأكثري سيأتي الى المجلس النيابي برابح وخاسر، في مرحلة لا تحتمل فيها البلاد المضِيّ في هذه الانقسامات السياسية والطائفية الحادة.
وفي ظلّ هذه المعادلات الدقيقة، يبدو واضحاً أن من سينتصر في قانون الانتخاب سيفوز مرتين بفارق عام واحد، الأولى بالأكثرية النيابية التي سيحققها، والثانية بانتخابات رئاسة الجمهورية من دون أيّ عناء.
المخرج: انتخابات على مرحلتين
والى ما هو متداول بالعودة الحتمية مجدداً الى قانون الستين معدلاً في 4 دوائر انتخابية ونَقل المقعد الماروني من طرابلس الى البترون، والذي جمّد البحث به بعد رفض البطريرك الماروني للخطوة، فإنّ هناك من يبحث في مخارج توفّر التوَصّل الى قانون جديد يضمن الخروج نهائياً من صيغة قانون الستين والقوانين الأخرى المطروحة، ويفتح الباب واسعاً امام منافسة ديموقراطية على مرحلتين، تقول الأولى منها ان ينتخب اللبنانيون نوّابهم على اساس مذهبي، قال به قانون الأورثوذكسي، فينتخب المسلمون النواب المسلمين والمسيحيون مسيحييهم وفق أيّ تقسيم إداري يقول بالدوائر الـ 15، او وفق المحافظات الحالية لا فرق، فيتأهّل نائبان عن كل مقعد حسب التوزيع الطائفي الى المرحلة الثانية التي تجري فيها الانتخابات الحاسمة، فيصِل الفائزون فيها الى الندوة البرلمانية مُتسلّحين باختيارات طوائفهم التي سَمّتهم في المرحلة الأولى من الانتخابات.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك