كتبت جيسيكا حبشي في موقع mtv:
يحلُّ أحد الشّعانين لدى الطوائف المسيحيّة التي تتبع التقويم الغربي بعد أيّامٍ قليلة. هذا العيد الذي يحمل الكثير من المعاني، فهو ذكرى دخول السيّد المسيح الى أورشليم حيث إستقبله أهالي المدينة بفرحٍ بسعف النّخيل وبأغصان الزيتون.
ينتظر لبنان هذه المناسبة هذا العام بعدما احتفل اللبنانيّون في السنة الماضية في بيوتهم، وتابعوا المراسم الدينيّة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بسبب بدء انتشار فيروس "كورونا"، إلاّ أنّه في هذه السّنة، ورغم التّحذيرات من دخول لبنان في الموجة الثالثة من الجائحة، تنتظر العائلات، وخصوصاً الصّغار فيها هذا اليوم الذي لطالما كان يومهم بإمتياز، فهي المناسبة التي يرتدون فيها أجدد وأبهى ملابسهم ويحملون شموعاً منمّقة ومنسّقة مع ثيابهم.
ولكن الازمة الاقتصاديّة فرضت نفسها بقوّة هذه المرّة كأمر واقع على الاهالي الذين تخلّوا عن بعض التقاليد التي كانت سائدة في الماضي، خصوصاً مع الارتفاع الجنوني في الاسعار.
وفي لمحةٍ على أسعار ملبوسات الاطفال، يُسجّل ارتفاع كبير في ثمنها، فهي باتت تكلّف الاهل أقلّه 700 ألف ليرة للطّفل الواحد بين ثيابٍ جديدة وحذاءٍ جديد، أمّا الشموع فحدّث ولاحرج عن أسعارها، إذ باتت تُلامس الـ250 ألف ليرة للشمعة الواحدة المزيّنة.
والمفارقة هذا العام، هو أنّ الكثير من المحال التجارية التي تبيع ملبوسات للكبار والصّغار أقفلت أبوابها في لبنان، حتى أمسى الاختيار صعباً ومحصوراً لدى الاهالي بين عدد صغير من المتاجر التي ترفع أسعارها على وقع إرتفاع سعر الصرف، ما يضع الاهل أمام خيارين، إمّا دفع المال ليشعر أطفالهم ببهجة العيد خصوصاً أولئك الذين لم يشاركوا في الشعانين في السنة الماضية، أو الاكتفاء بارتداء الاطفال ما يملكونه واختيار شمعة بسيطة جدّاً مزيّنة بغصن زيتون.
وبالرّغم من السماح بالاحتفال بأحد الشّعانين هذا العام في لبنان، إلا أنه لا بدّ من التذكير بأهم التوصيات التي صدرت عن مختلف الكنائس، وأبرزها التشجيع على المشاركة بالاحتفالات الليتورجيّة عن بُعد عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومحطّات التلفزة تجنّباً للاكتظاظ، بالاضافة الى الالتزام بعدم تخطي نسبة 30 في المئة من القدرة الاستيعابيّة للكنيسة، والحفاظ على التباعد الاجتماعي مع الالتزام بارتداء الكمّامة، والاستعاضة عن الزياح بإضاءة شمعة.
غيّرت جائحة "كورونا" التي لا تزال تضرب العالم الكثير في عاداتنا الحياتيّة والدينيّة، وجاءت الازمة الاقتصاديّة في لبنان لتزيد من مرارة الواقع ومن صعوبة تأمين أبسط مقوّمات العيش الكريم، حتّى أصبح شراء ملبوسات جديدة للاطفال ترفاً وبزخاً، ولم يبقَ أمامنا سوى خيار العودة الى روحيّة الاعياد والاديان التي تحثّ على تجديد الداخل قبل الخارج.
فلنَحمِل هذا العام سعف النخيل وأغصان الزيتون، ولنتذكّر أنّ كلمة "شعانين" تأتي من عبارة "هو شيعه نان" وتعني "يا ربّ خلّص"، فعسى أن يأتي الخلاصُ الى لبنان قريباً، قبل فوات الاوان.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك