كتبت رينه أبي نادر في موقع mtv:
"قولكن رح نجوع أكتر؟ بُكرا في بنزين؟ رح ينقطع المازوت؟"، الأسئلة الأكثر تداولاً بين اللبنانيّين في هذه الأيّام، بسبب الأزمة الاقتصادية والمعيشيّة التي تزداد وتيرتها بشكلٍ مقلق. أسئلةٌ تبيّن الضغط النفسيّ الذي يتعرّض له المواطن جرّاء الأزمة، وخوفه من مستقبل البلاد المجهول.
تشير الإختصاصيّة في علم النّفس والمعالجة النفسيّة شارلوت خليل إلى انّ "كلّ بلدان العالم تعيش ضغطاً اقتصادياً بسبب فيروس "كورونا" وتداعياته، إلا أنّ اللبنانيّ دخل مرحلة الفيروس وهو يعيش ضغطاً ومجهولاً، من دون رؤية واضحة للوضع، وبما أنّه لا يمرّ يومٌ من دون أزمة أو تطوّر سلبيّ في لبنان، فإنّ هذا الأمر يولّد ضغطاً نفسياً كبيراً لدى كل الأفراد".
وتعتبر في حديث إلى موقع mtv، انّ اللبنانيين "يتعرّضون لضغط نفسيّ جماعيّ بعد صدمات جماعيّة عدّة، إن كان بما يتعلّق بـ"كورونا"، أو الوضع الاقتصاديّ المزري الذي يطال الجميع، إذ انّ المشاكل الجماعيّة أدّت الى غياب دعم اللبنانيّ للآخر نفسياً. فالمواطن يعتمد على الدعم الخارجيّ من المغترب الذي بات بدوره يواجه المشاكل بسبب الوضع الاقتصادي العالمي الناتج عن "كورونا"، كما غياب الثقة بالنظام اللبناني ومؤسّساته، ممّا يقلّل من دعم اللبنانيين لبعضهم البعض. إذاً، فإنّ الاقتصاد النفسيّ استُهلك لدى اللبنانيين، والأجواء الماضية السلبيّة تنعكس عليهم جميعاً".
وتوضح خليل انّ "عوامل عدّة دفعت اللبنانيّين للشّعور بالإحباط، وهي الغموض المحيط بالواقع الذي يعيشونه، الضغوط الاقتصادية والصحية، وغياب آليّات المعالجة والحلّ المجهول، كما ارتفاع سقف التّوقّّعات عند الشّباب بعد "الثّورة"، لأنّهم كانوا يتوقّعون التغيير وينتظرونه، واليوم يجدون أنفسهم أمام مزيد من المشاكل والعوائق، فيصبحون أكثر عرضة للمشاعر السلبيّة"، مشيرةً إلى انّ "اللبنانيّ يشعر بأنّه محاصرٌ ومسروقٌ، وبأنّ حياته مهدّدة".
أمّا عن الحلول، فتؤكّد خليل انّ "اللبنانيّ يشتهر بالصّمود النفسيّ، ويتغنّى به، كما حبّ الحياة الذي حمى نفسه به، لا سيما إبّان الحرب"، داعيةً إلى "التمسّك بالرّغبة في الحياة، وضرورة تذكير أنفسنا كيف مررنا بأزمات كبيرة سابقاً، وتخطّيناها، إذ يقوى الإنسان، بطبيعته، عندما يتذكّر كيف تخطّى الأمور الصعبة".
كما تشدّد على "ضرورة العمل على المرونة النفسيّة، فاللبنانيّ يتميّز بروح "النّكتة"، وهو ما يحسّن المرونة، بالإضافة إلى ضرورة الدّعم الاجتماعيّ من خلال الاستماع إلى بعضنا البعض وإبقاء الرّوح الإيجابيّة والمتفائلة".
إذاً، في غياب الحلول الواقعيّة على الأرض التي تضعها الدولة، فإنّ الشعب اللبنانيّ مضطرّ لمساندة بعضه بعضاً من ناحية التضّامن النفسيّ ليستمرّ ويتخطّى هذه الفترة الصعبة.
ما يعيشه اللبنانيّ في العام 2020 لم يكن يتوقّّعه أبداً. و"الذلّ" كلمة تصف الواقع حالياً، إثر الأزمات المتتالية التي تعصف في بلدٍ يستحقّ العيش. ضغطً نفسيٌّ كبيرٌ يتعايش معه، فيَصل إلى درجةٍ يشعر بالخوف، ممّا يضطرّه إلى الحلم بالهجرة، بدل العمل على تحقيق أحلامه في بلده، حيث أصبح "طموح" تأمين لقمة العيش "كلّ يوم بيومو" هو الأهمّ، ولسان حاله "بالنسبة لبُكرا شو؟".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك