روى لي صديق، يعمل في أحد الأجهزة الأمنيّة، وما أكثرها، بأنّه ورفاق له واصلوا البحث عن أحد المطلوبين لأكثر من شهر، وبعد توقيف المطلوب بساعات تلقّى مسؤول رفيع في هذا الجهاز اتصالاً من شخصيّة سياسيّة، رفيعة هي الأخرى. وما هي إلا دقائق حتى أعطي الأمر بالإفراج عن الموقوف - المطلوب. ويكشف الصديق أنّ الموقوف شقيق لـ "صديقة" المسؤول، الرفيع "ما غيرو"، ولذلك فهو محصّن تجاه التوقيفات، معتمداً على "الشقيقة" الناشطة، كما يبدو، في "التواصل" مع أحد الزعماء من أصحاب المونة على الجهاز الأمني.
يقول الصديق، بأسف، بأنّ تعب أسابيع والتعرّض للخطر من أجل توقيف المطلوب ذهبا هباءً لعدم علم العناصر الأمنيّة بأنّ شقيقة المطلوب، المعروفة في الوسط الفنّي، أقوى من العدالة والقانون والأمن وتملك من "المواهب" ما يقدر على فكّ الأغلال عن زندَي شقيقها...
ليست هذه الرواية الدقيقة جدّاً سوى واحدة من الروايات التي تسمعها عند مجالسة بعض الأمنيّين، من أجهزة مختلفة. يتندّر هؤلاء على زملاء لهم، خصوصاً من أجهزة أخرى. يراقبون بعضهم البعض و"يفضحون" بعضهم البعض. ولا يتردّد بعض هؤلاء أيضاً في التعبير عن معاناتهم من التدخل السياسي في عملهم، أو من غياب القرار السياسي الذي يحول دون تنفيذ القانون ومحاسبة المسؤولين عن تجاوزه.
في الأسابيع القليلة الماضية، ارتفعت وتيرة الروايات المشابهة. "فلت" الأمن و"فلت" الملق، وبدا أنّ من يعتدي على الأمن أقوى من الأجهزة الأمنيّة ومن الدولة والدليل على ذلك أنّ عدد الموقوفين في هذه الأحداث هو "صفر"، لا بل أنّ الموقوفين في أحداث سابقة يتمّ الإفراج عنهم بـ "رعاية" رسميّة، مرفقة بخدمة التوصيل المجاني الى المنزل مع "حلوَينة" أيضاً...
نتيجة ذلك كلّه، مرفق بما حصل يوم أمس من اعتداء على قناة "الجديد" وما تبعه من تطوّرات، دليل على أنّ ما قاله وزير الداخليّة منذ أسابيع كان دقيقاً جدّاً. قال الوزير مروان شربل لقناة "الجديد" تحديداً "إنّ الدولة هي الحلقة الأضعف".
أن تكون الدولة هي "الحلقة الأضعف" فتلك مصيبة، أمّا أن يعلن وزير الداخليّة بالذات ذلك فتلك مصيبة أعظم!
ورحم الله هيبة الدولة...
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك