جاء في صحيفة "السفير": ينأى الشيخ داعي الاسلام الشهال بنفسه اليوم عن الواجهة الإعلامية، كونه يلحظ غبارا كثيفا ينتظر أن ينقشع.
يحرص مؤسس «التيار السلفي» برغم كل الظروف الصعبة التي واجهها منذ إقفال «معهد الهداية» في العام 1996، وما تلاها من محاولات حصار وتطويق، على التعاطي مع السياسة والأمن والاعلام «وفق الحاجة والضرورة»، وهو مقتنع بأنه مهما تعرض للاستهداف يبقى «المرجع السلفي الأول».
لا يزعجه ظهور وجوه إسلامية سلفية جديدة على الساحة اللبنانية، لكن ما يخيفه أن تستخدم هذه الوجوه في زيادة التفرقة، وأن يستثمرها السياسيون أو الأمنيون بوجه أطراف أخرى إسلامية أو سياسية، «أما إذا كانت هذه الوجوه، تسعى لتوحيد الصف ورأب الصدع ضمن الحالة الاسلامية فهذا أمر جيد».
لا يخفي الشهال عدم رضاه عن أداء القيادات السياسية السنية من دون استثناء، معتبرا أن لديها عقدة نقص تجاه الآخرين، لافتا النظر الى أن «تيار المستقبل» خائف من الحالة الاسلامية التي تنامت بفعل تقصيره وغيره.
لا يستغرب الشهال ما يحصل على الساحة، كونه سبق وحذر منه في مناسبات عدة، لا سيما على صعيد الفتنة السنية ـ السنية، وضرب أهل السنة بالجيش اللبناني، ويقول لـ«السفير»: «هناك من يريد أن يلعب بآخر ورقة حافظ عليها النظام اللبناني والمجتمع اللبناني وهي المؤسسة العسكرية»، مشيرا الى أن المزايدات التي تحصل في الدفاع عن الجيش قد تؤدي الى توريطه وهزّ صورته.
يضيف أن المؤسسة العسكرية تتأثر بالوضع الاقليمي واللبناني «وعليها أن تلتزم بصلاحياتها ومهماتها، ومن الواضح أن لبنانيين كثرا، وخصوصا السنة، اهتزت ثقتهم بهذه المؤسسة ليس لأنها تريد الانحراف، بل ربما لأن بعض الاحزاب أو الأطراف المحلية أو الاقليمية استطاعت أن تؤثر وان تحرف مسيرة هذه المؤسسة أو بعض أدائها، وحين يعترف بأن هناك بعض العناصر من المؤسسة أخطأوا، ويقال إنهم مذنبون، ساعتها نتعامل مع الواقع ونكون منصفين، فمؤسسة الجيش ليست معصومة، ولا المطلوب منها أن تكون كذلك، ولا يقبل منها أن تقف موقفا لمصلحة فريق على حساب فريق آخر، لذلك نحن في وضع صعب جدا ومؤسسة الجيش قيد اختبار كبير، وعليها أن تعيد ترتيب وضعها».
ويرى الشهال أن استهداف الجيش والوضع الأمني في طرابلس والشمال يأتي من أجل التخفيف عن النظام السوري ولمصلحة الفريق الأقوى ميدانيا وعسكريا على الساحة اللبنانية، لافتا النظر الى أن الثورة السورية لم تعد تحتاج الى منطقة عازلة وهي قطعت أشواطا بعيدة.
ويقول: «نحن مع احتضان ومساعدة إخواننا السوريين من الظلم الذي يتعرضون له ومع مساعدتهم إغاثيا وإنسانيا، ولسنا مع تسليحهم كمقاتلين موجودين ضمن الأراضي اللبنانية، بل نحن مع تسليح المعارضة في الداخل السوري من أجل إسقاط هذا النظام المجرم».
ويرى أن ما يجري في سوريا ستكون له ارتدادات واهتزازات مؤقتة على لبنان، لكن ذلك ليس بالضرورة أن يؤدي الى فوضى كاملة أو حرب أهلية.
وعما إذا كان مع إسقاط الحكومة الميقاتية، يقول الشهال إن الحكومات «تأتي لكي تؤدي دورها، وإن لم تقم بالدور المنوط بها والمكلفة به، وجب عليها ان تستقيل، وتفسح المجال أمام تشكيل حكومة أفضل وأنجح، وأنا مع تشكيل حكومة ائتلاف وطني من الآن وحتى الانتخابات النيابية المقبلة».
ويشير الى أن علاقته برئيس الحكومة الحالي ليست سيئة، لكنها أيضا ليست مثالية، لافتا الانتباه الى أنه قام بواجباته تجاه الرئيسين نجيب ميقاتي وسعد الحريري، كل منهما على حدة، وعليهما أن يترجما ذلك في التعاطي العملي، موجهاً رسالة الى الحريري مفادها: «لنقف صفا واحدا من أجل المصلحة العامة، ولنتعامل جميعا بواقعية.. إعتز بأنك من هذه الطائفة وارفع رأسك لأنك منها، وقدم لها اولا ولا تنسَ بلدك ثانيا».
في قضية الموقوفين الاسلاميين يرى الشهال أنهم دفعوا ثمن التجاذب السياسي والأمني في لبنان، وظلموا من فريقي النزاع، مشيرا الى أننا وعدنا بخروج عدد أكبر وبزمن أقصر، وما حصل حتى الآن جيد لكنه أدنى بكثير من الواجب والمطلوب، محذرا من استخدام هذه الورقة من أجل تحقيق مكاسب سياسية، وقال إن ما قام به ميقاتي «يشكر عليه لكنه غير كاف».
ويرى الشهال أن صعود الاسلاميين في جزء منه جاء نتيجة تقصير «المستقبل» بحق أهل السنة في طرابلس، معتبرا أن الزعماء السياسيين والدينيين قصروا بحق الطائفة السنية، سواء كانوا رؤساء حكومات حاليين أو سابقين، وللأسف هناك عقدة نقص لدى زعماء أهل السنة بالجملة، ويعتبر أن خوف «المستقبل» من التيار السلفي «مرده ضعف الثقة بالنفس».
وعما إذا كان يؤيد الحوار مع «حزب الله»، يرى الشهال أن الحزب يمد يده للحوار وفق ما تقتضيه مصلحته، وقد أبلغت المعنيين في الحزب أن هذا الاسلوب خطأ، ويقول: أنا بالعموم مع الحوار، ولقد مد «حزب الله» يد الحوار إلينا، وأنا لم أرفض بالمطلق ولم أستجب كمرحلة، لأن الغيور على المصلحة العامة سواء كانت إسلامية أو وطنية عليه أن يمد يده بصرف النظر عن وضعه أو وضع غيره، لذلك فقد وضعت بعض القيود، وقلت إن الحوار من الصعب أن يحل بالجملة، وإذا كان لا بد منه، فيجب أن يكون مع جهات دينية إسلامية لها حضورها، ومع مؤسسات رسمية من أجل أن تكون هناك نتيجة، أو فإننا نعمل على تضييع الوقت.
ويضيف: «ما دام عامل القوة لا يزال يستخدم من أجل الهيمنة وفرض القرار الأمني والسياسي على لبنان، نرى أن لا جدوى من هذا الحوار، وأعتقد أن التوقف عن محاولات الهيمنة وفرض القوة ينهي كل الأمور ويعيدها الى طبيعتها».
وعما إذا كان هناك «قاعدة» في لبنان، يقول الشهال: «لم يعد هناك شيء اسمه «قاعدة»، بل أصبح عندنا شيء شبيه بـ«القاعدة»، وأعتقد ان «القاعديين» الفعليين باتوا قلة في العالم الاسلامي، ولا نخفي أن بعض الأشخاص يعبّرون عن إعجابهم بـ«القاعدة»، وهذا موجود في مثال مصغر وليس كمثال «القاعدة» لا حجما ولا نوعا».
يعتبر الشهال أن ما يجري في «البارد» ينسجم مع مخطط إحداث الفوضى في لبنان، «ولقد سبق وقلت إن هناك محاولة لاحداث فتنة سنية ـ سنية فإن لم تنجح يُعمل على الإيقاع بين الجيش والسنة، فإذا بنا نفاجأ بورقة جديدة وهي الصراع بين الجيش والمخيمات، وهذا يعزز أن محاولة نقل الصراع من سوريا الى لبنان هو أمر مؤكد ويعمل عليه البعض، ومظاهره متعددة، وهنا نقول ان الخطأ قد يقع من أي طرف، من اختراق يقوم به موتورون من هنا وهناك، وبالتالي على القيادات المخلصة من كل الأطراف أن تعمل جاهدة من أجل نزع فتائل التفجير أينما وجدت».
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك