كتب عيسى يحيى في "نداء الوطن":
يوازي حجم ضغط ملف النزوح في دير الأحمر، مقدار المعاناة التي تلفّ عدداً من المناطق اللبنانية من جرّاء الضربات الإسرائيلية، ويلقي بثقله على بلديات المنطقة وفاعليّاتها الحزبية والسياسية، وسط شحّ المساعدات وعدم تأمينها بالقدر الكافي.
فتحت بلدات دير الأحمر أبوابها لاستقبال أبناء بعلبك والجوار الهاربين من جحيم الحرب، بعد رهان الكثيرين على العلاقة بين البيئتين التي شابها الكثير من الخضّات السياسيّة، تجاوزها أبناء دير الأحمر من منطلق الوقوف إلى جانب الجار في الأرض والوطن، وتخطّوا كلّ الحواجز التي كان قد رسمها البعض، فيما استمرّ هؤلاء في التعاطي وفق العقلية نفسها ما قبل الحرب، حيث عقد نوّاب كتلة "نحمي ونبني" اجتماعاً في مجلس النواب لدراسة ملف النازحين في دير الأحمر واستثنوا من اللقاء زميلهم ابن دير الأحمر عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب أنطوان حبشي، الذي لم يترك مركز إيواء في منطقته إلا وزاره مطمئنّاً، وساعياً لتأمين إعانات ومساعدات لمن عقدوا اجتماعاً لأجلهم.
فرغت معظم البلدات والقرى في البقاع الشمالي من سكانها، وغادر معظم أبناء بعلبك، الهرمل، دورس، بوداي، إيعات، كفردان، العين، يونين، مقنة، النبي شيت، سرعين، تمنين، وغيرها من القرى، نحو الأحياء الأكثر أماناً، والبلدات التي لا تقع ضمن نطاق تواجد "حزب اللّه"، حيث شهدت بعض أحياء مدينة بعلبك نزوحاً إلى التجمّعات السكانية المجاورة. كذلك شهدت بلدات دير الأحمر، الفاكهة، القاع، رأس بعلبك، وعرسال، إقبالاً كثيفاً فاق القدرة الاستيعابية لها بأضعافٍ، وفُتحت أبواب مراكز الإيواء التي كانت قد حدّدتها لجنة الطوارئ الحكومية، من مدارس، وكنائس ودور عبادة، إضافة إلى المنازل التي عجّت بالنازحين، ولم يبق منزل خالٍ إلا وتمّ استئجاره أو تقديمه مجاناً، ناهيك باستقبال عائلتين وأكثر في كلّ منزل مأهول.
ومع إنذار الجيش الإسرائيلي سكان البقاع، هرع أهالي المناطق المعرّضة للاستهداف إلى لملمة ما أمكن من احتياجات، وتوجّهوا نحو المناطق الآمنة لا سيّما بلدات دير الأحمر، منهم من كان قد استأجر منزلاً تحسّباً لهذه اللحظة، وآخرون لجأوا إلى باحات الكنائس والقاعات التي سارعت إلى فتح أبوابها، وآخرون استُقبلوا في منازل أهالي المنطقة.
ومع إنذار إسرائيل سكان بعلبك ودورس وعين بورضاي بإخلائها تماماً منذ أسبوع، حصلت موجة نزوح جديدة، وصل خلالها عدد النازحين في بلدات دير الأحمر إلى خمسة عشر ألف نازح، ما زاد الواقع معاناة ومأساة، بسبب غياب المساعدات وبقيت خطة إدارة الكوارث في المحافظة والحكومة حبراً على ورق.
رئيس اتحاد بلديات دير الأحمر المحامي جان فخري، أكد لـ "نداء الوطن" أنّ "المناشدات المتكرّرة، بدأت تظهر نتائجها مع وصول شاحنتين من لجنة الطوارئ الحكومية تحمل أغطية ومواد غذائية ومن الجمعيات الأهلية والمنظمات الدولية، والأكيد أن الوضع الحالي أفضل من السابق". أضاف أنّ "المشكلة التي تواجهنا اليوم هي المحروقات وما وصلنا منها عبر المبادرات الفردية لا يكفينا لأسبوع، الاستهلاك يصل إلى 70,000 لتر في الشهر بمعدل تشغيل 12 ساعة يوميّاً، والحاجة كبيرة مقارنة بأعداد النازحين، وهذا الأسبوع بدأ الاتحاد بتوزيع مساعدات مع وعد من مجلس الجنوب بوصول شاحنات لكلّ النازحين في منطقة دير الأحمر خلال اليومين المقبلين". ولفت فخري إلى أنّ "الاتحاد بدأ عملية فرز النفايات في مراكز الإيواء أسوة بالمنازل في المنطقة لحماية البيئة وصحّة النازحين، كذلك أُبرم عقد تشغيل "مستشفى المحبة" في بلدة دير الأحمر منذ أسبوع وبدأت التحضيرات لفتح أبوابه أمام النازحين والأهالي والمحيط".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك