كتبت رلى إبراهيم في "الاخبار":
يمثل الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة العاشرة قبل ظهر اليوم أمام قاضي التحقيق بلال حلاوي لاستجوابه في الملف الذي أدّى إلى توقيفه من قبل النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار الثلاثاء الماضي، وبعد ادّعاء المدّعي العام المالي القاضي علي إبراهيم عليه وإرساله موقوفاً إلى حلاوي. وبالتزامن مع الجلسة، دعت جمعية «أموالنا لنا» كلّ المتضررين من ارتكابات سلامة إلى التجمع التاسعة والنصف اليوم أمام قصر العدل في بيروت لمواكبة جلسة التحقيق مع سلامة ودعم القضاء لاستكمال المحاكمة.ويتمحور الشق الرئيسي لملف الادّعاء حول استخدام سلامة حساب «الاستشارات» في المصرف المركزي لتحقيق أرباح شخصية، وهو الحساب الذي أخفى فيه كل العمليات غير الشرعية ورفض تسليم بياناته إلى شركة التدقيق الجنائي «ألفاريز أند مرسال»، علماً أن التحقيق لا يطاول كل العمليات التي حصلت عبر هذا الحساب، بل عملية واحدة شملت تحويل 42 مليون دولار من حساب الاستشارات إلى المحامي ميكي تويني الذي قام بدوره بتحويلها إلى ابن شقيقة سلامة، المحامي مروان عيسى الخوري، ليحوّلها الأخير مجدداً إلى حساب سلامة الخاص في المصرف المركزي.
ووصلت هذه المعلومات إلى الحجار بناءً على التكليف الذي أرسله إلى الحاكم بالإنابة وسيم منصوري يطلب فيه داتا العمليات التي كانت تحصل عبر حساب الاستشارات، ومن ضمنها عمولات شركة «أوبتيموم» (راجع «الأخبار» الخميس 31 آب 2023). وادّعى القاضي إبراهيم على سلامة بالمواد 359 و360 و363 و638 من قانون العقوبات؛ علماً أن المواد الثلاث الأولى تتركّز جميعها على اختلاس الأموال العامة بحكم الوظيفة وتُصنف كجنحة، وعادة ما يعاقب القانون عليها بعقوبات أخفّ من عقوبة الجنايات. وحدّدت هذه المواد العقوبة بالحبس من 3 أشهر إلى 3 سنوات إلى جانب غرامة مالية. أما المادة 638 فتتعلق بالسرقة وتُصنف كجناية عقوبتها السجن من 3 سنوات إلى 10 سنوات في حال وقعت السرقة على أموال أو موجودات مؤسسة حكومية أو أي مركز أو مكتب لإدارة رسمية أو هيئة عامة، علماً أن الادّعاء بعقوبات جنحية لا يسمح بتوقيف المُدّعى عليه أكثر من شهرين قابلة للتجديد شهرين إضافيين، في حين أن الادّعاء بعقوبات جنائية يسمح بالتوقيف لمدة 6 أشهر قابلة للتجديد ستة أشهر أخرى. ويفترض الإشارة هنا إلى أن رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر طلبت الانضمام إلى الدعوى تبعاً لادّعاء النيابة العامة المالية، وادّعت بصفتها ممثّلة للدولة اللبنانية على سلامة وكل من يظهره التحقيق بجرائم تبييض الأموال والإثراء غير المشروع (مبالغ تناهز 330 مليون دولار)، وبحسب المصادر فإن إسكندر لم تتلقَّ أي ردّ حتى الساعة رغم وجوب تبليغها بالأمر قبل انعقاد الجلسة حتى تتمكن من المشاركة فيها.
وفي سياق جلسة استجواب سلامة أمام حلاوي اليوم، ثمة سيناريوان اثنان لكيفية انتهاء الجلسة بحسب ما يشرح النائب العام التمييزي السابق القاضي حاتم ماضي لـ«الأخبار»: «إما أن يقرر قاضي التحقيق إصدار مذكّرة توقيف وجاهية بحق الحاكم السابق وتعيين موعد جلسة مقبلة لاستكمال التحقيق، وإما يقرر تركه حراً. في الحالة الأولى، يمكن لسلامة استئناف قرار القاضي أمام الهيئة الاتهامية التي ستتخذ موقفاً من اثنين: رفض الاستئناف والتصديق على قرار القاضي بتوقيف الحاكم السابق أو فسخ قرار قاضي التحقيق بإزالة المذكّرة وإطلاق سراحه على الفور. وفي الحالة الثانية، أي ترك سلامة حرّاً من قبل القاضي حلاوي فور انتهاء الجلسة، يمكن للمدّعي العام المالي أو هيئة القضايا استئناف القرار أمام الهيئة الاتهامية. عندها يمكن للهيئة التأكيد على قرار القاضي بتركه أو فسخ قراره وتسطير مذكّرة توقيف بحق سلامة. وفي كل الحالات المذكورة آنفاً، يكون قرار الهيئة الاتهامية نهائياً ونافذاً فوراً وغير قابل للطعن».
يُذكر أن رئيس الهيئة الاتهامية هو القاضي ماهر شعيتو الذي سبق له في إحدى جلسات المحاكمة في 29 آب 2023 (راجع «الأخبار» الأربعاء 30 آب 2023) أن أمهل وكيل رياض سلامة لتقديم دعوى مخاصمة الدولة اللبنانية عن أعمال القضاة، ما أدّى إلى وقف محاكمة سلامة وكفّ يد شعيتو عن الملف.
من جهة أخرى، وعمّا إذا كانت الجرائم الموجّهة من المدّعي العام المالي نهائية وتحدد مسار التحقيق بحصره بهذه التهم من دون غيرها، يجيب ماضي: «عادة ما يدّعي المدّعي العام بشكل عام ويرسل الملف إلى قاضي التحقيق الذي يقوم بتحقيق دقيق يوصله إلى نتائج تُمكّنه من وضع وصف حقيقي كامل للأفعال ومطابقتها مع النصوص القانونية، وقد يكتشف جرائم جديدة ومشتبهاً بهم جدداً.
وبالتالي عندما ينتهي قاضي التحقيق من تحقيقاته ويُعدّ ملفه، يرسله مجدداً إلى المدعي العام المالي ويطلب منه تقديم مطالعة بالأساس. هذه المطالعة كناية عن رأي المدّعي العام الأخير بعد أن اطّلع على الوقائع والأدلة التي توصّل إليها قاضي التحقيق. ويمكن للمدّعي العام المالي إذا وجد أن في التحقيق نقصاً أن يُعدّ مطالعة فرعية قبل إعداد المطالعة بالأساس، يطلب فيها من قاضي التحقيق أن يستكمل النقص في تحقيقاته وفقاً لبنود المطالعة الفرعية. ويمكن لقاضي التحقيق أن يرفض تنفيذ المطالعة الفرعية كلياً أو جزئياً إذا وجدها غير مفيدة للتحقيق، وقراره هذا يقبل الاستئناف. كما بوسعه تنفيذ المطالعة الفرعية وإعادة الملف إلى المدّعي العام لإبداء المطالعة بالأساس». من جهة أخرى، «إذا تبيّن لقاضي التحقيق أن ثمة جرائم لم يدّع بها أو ثمة أشخاصاً مشتركين في الجرائم ولم يدّع عليهم»، يقول حاتم: «يمكن لقاضي التحقيق أن يتوسّع بالتحقيق ويتناول الأفعال الجديدة والمدّعى عليهم الجدد».
ما سبق، يقود إلى الاستنتاج بأن الملاحقة القضائية يمكن أن تتوسّع لتطاول كل المتورطين إلى جانب سلامة. وفي ما خصّ التحويل المالي من المصرف المركزي بقيمة 42 مليون دولار، يكون من المُرجّح استدعاء المحامييْن ميكي تويني ومروان عيسى الخوري لاستجوابهما لتورطهما مباشرة في الفعل الجرمي. وبحسب المعلومات، تلقّت نقابة المحامين في بيروت طلباً لرفع الحصانة عن تويني وعيسى الخوري على أن يُطرح هذا الطلب خلال أول جلسة لمجلس النقابة هذا الأسبوع، علماً أن ثمة لجنة متخصّصة بمكافحة تبييض الأموال داخل النقابة تابعة مباشرة لنقيب المحامين فادي المصري يفترض أن يكون لها لاحقاً دور أساسي في ملف سلامة وشركائه وفي قضية تورط المحامييْن إذا ثبت عليهما ذلك.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك