السعودية، الوجهة الخارجية الاولى للرئيس جوزاف عون... في الشكل كما المضمون، شكلت هذه الزيارة بداية مرحلة جديدة في العلاقات اللبنانية - السعودية التي مرّت في السنوات الاخيرة بمطبّات و"انفصالات" في بعض الاحيان، نتيجة إخراجنا، مرغمين من الحضن العربي، نحو مشاريع الحروب والدمار التي لا تشبهنا.
وإلى جانب الاتفاقات الموقعة بين الجانبين، ينتظر اللبنانيون هدية المملكة الاهم والأثمن وهي رفع حظر سفر السعوديين إلى لبنان، التي طال انتظارها. فما مدى أهمية هذا القرار؟
لطالما كان السعوديون من بين أكبر المستثمرين في قطاع السياحة والفنادق والعقارات في بيروت، إذ كانت السياحة الخليجية من اهم مصادر الدخل للبنان، ومن ضمنهم السعوديون الذين يشكلون الفئة الأكبر من السياح الخليجيين، حيث أن العطل الصيفية والمناسبات الخاصة والاعياد كانت تغصّ دوما بأعدادٍ كبيرة من السياح السعوديين خصوصا، الذين يعبّرون دوما عن عشقهم للبنان.
قبل العام 2019، كان الإنفاق السعودي في لبنان يعتبر أحد المحرّكات الرئيسية للاقتصاد اللبناني، ووفقًا للتقارير والدراسات الاقتصادية، كان الإنفاق السعودي يشكل جزءًا كبيرًا من الإيرادات السياحية السنوية، إذ الأعداد كانت تتراوح بين 300 ألف و500 ألف مع زيادة ملحوظة خلال فترة الأعياد، فتساهم بما يقدّر بنحو مليار إلى 1.5 مليار دولار سنويًا في الاقتصاد اللبناني.
وهذا الإنفاق كان يتوزّع بين الفنادق الفاخرة التي ينزلون فيها، وبين مراكز التسوق الكبرى كأسواق بيروت والمولات الفاخرة التي يقصدونها لشراء السلع الفاخرة والماركات العالمية. أضف إلى ما تقدّم، الأنشطة الترفيهية كالمقاهي والمطاعم والمنتجعات الشتوية والصيفية والمهرجانات، فيأتي السعوديون للاستمتاع بطقس لبنان المعتدل في الجبال كما على الشاطئ، وبحياته الليلية الصاخبة والفاخرة والاستثنائية في مختلف المناطق اللبنانية.
ينظرُ اللبنانيون اليوم بأملٍ كبير إلى ما ستحملهُ العودة السعوديّة إلى الربوع اللبنانية، وما سيشكّله ذلك من انتعاشٍ اقتصادي طال انتظاره، إن كان في ما يتعلق بدعم قطاع العقارات، إذ يعتبر المستثمرون السعوديون من اللاعبين الرئيسيين في السوق، خصوصا إذا ما ترافق ذلك مع استقرار سياسي وأمني في البلاد. أضف إلى ما تقدّم، تحريك سوق الأعمال من خلال التعامل مع الشركات اللبنانية في مختلف المجالات، بما ينعش الأسواق المحلية ويساهم في خلق فرص عمل جديدة.
العودة السعودية، متى تمّت، ستفتح شهية المستثمرين الإقليميين والدوليين إذ ستشكل مؤشرا على الاستقرار النسبي في البلاد وإشارة واضحة على ان لبنان بات ينعم باستقرار وبالتالي فإن الاستثمار فيه آمن.
تعثّرَ لبنان، وانزلق إلى اماكن لا تشبهه، فأبعد عنه من كانوا دائما السند والدعم، وها هو اليوم ينفض عنه غبار الإقليم، رافعا قبضة مصلحة أبنائه، ومعيداً إعمارَ الجسور التي تهدّمت مع من كانوا أشقاءهُ، قولا وفعلا...
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك