تتكثّف الجهود العائلية والعشائرية تحضيراً للانتخابات البلدية والاختيارية في بعلبك الهرمل المزمع إجراؤها في العشرين من أيار المقبل. وفي انتظار دعوة الهيئة الناخبة في الثلاثين من شهر آذار المقبل، ينكبّ المخاتير ومن يتعاطون الشأن الانتخابي في العائلات على التمحيص في لوائح الناخبين والتأكد من صحة البيانات، ومراجعة وزارة الداخلية في الأسماء غير الواردة، وتكثيف الجهود وجمع الأعداد لتبنى عليها مقتضيات التحالفات، وتقسيم الأعضاء بين العائلات ذات اللون الطائفي الواحد، وفي المناطق المختلطة إسلامياً ومسيحياً، كون النص الدستوري لم يرد على ذكر المناصفة أو المثالثة في المجلس البلدي، أو تحديد هوية الرئيس ونائبه، وترك الأمر للأعراف والتقاليد التي تحافظ على النسيج الوطني.
ويشهد البقاع الشمالي تداخلاً بين السياسة والعلاقات العائلية والعشائرية. وتشكل الانتخابات البلدية ساحة تنافس حامية بين القوى السياسية التقليدية من جهة، والعائلات المحلية من جهة أخرى. وتعدّ هذه المنطقة من أكبر المناطق اللبنانية من حيث المساحة والتنوّع الاجتماعي. ويرخي تأثير القوى السياسية بظلاله على مشهدية الاستحقاق وتركيب اللوائح واختيار الأعضاء. وتحتفظ العديد من العائلات والعشائر بنفوذ كبير في تحديد التوجهات السياسية والاجتماعية، وتتحكم في جزء أساسي من عملية اختيار الممثلين في المجلس البلدي والتوجيه السياسي وعملية التصويت. لذا تبدو الانتخابات المقبلة ساحة تنافس معقدة بعد التحوّلات التي حصلت. وتسعى الأحزاب والعشائر إلى توسيع دائرة نفوذها وتأثيرها.
يشكل التنوّع والتوزيع الطائفي في بعلبك الهرمل جزءاً كبيراً من الديناميكية الانتخابية في المنطقة. فهو يعكس تفاعلاً سياسياً واجتماعياً في المناطق ذات النسيج المختلط. ففي البلدات والقرى ذات اللون الطائفي الواحد، يرتبط التحالف الانتخابي بالولاء العائلي والحزبي. فيما يتخذ التنافس الحزبي في المناطق المختلطة طابعاً أكثر تعقيداً، حيث تبنى التحالفات وفقاً للمصالح المحلية بعكس التوازن الطائفي والسياسي.
وعليه، لم تمرّ نتائج الانتخابات النيابية عامي 2018 و2022 مرور الكرام بالنسبة للمناطق ذات التركيبة الطائفية المختلطة، والتي يتقاسم فيها المسلمون مع المسيحيين المجلس البلدي ورئاسته مناصفةً.
وبعدما صوّتت البلدات المسيحية لحزب "القوات اللبنانية" في الدورتين النيابيّتين السابقتين، ولم تحصل بعد انتخابات بلدية منذ العام 2016، تصدر أصوات من "حزب اللّه" تطالب بضرورة تغيير التركيبات التي كانت قائمة، والتي تصل إلى مصادرة رئاسة البلدية ست سنوات، أو رفع أعداد الأعضاء الشيعة على حساب المسيحيين، وهو الأمر الذي قد ينقلب تجييشاً مسيحياً يدفع بأبناء البلدات المختلطة لا سيّما دورس، الطيبة، مجدلون، طليا، إلى المشاركة الكثيفة اقتراعاً وترشحاً.
من المؤكد، أن الانتخابات البلدية هذا العام ستكون محورية. وستعكس النتائج حجم موازين القوى والتفاهمات، وما يمكن أن تحمله الانتخابات النيابية رغم الاختلاف بين الاستحقاقين. وعليه، ستحط "نداء الوطن" رحالها في مختلف البلدات والقرى على اختلاف تركيبتها الطائفية والسياسية للوقوف على صورة المشهد الانتخابي.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك