انتهى الاجتماع الثلاثي في قصر بعبدا الذي ضمّ رئيس الجمهورية جوزاف عون، ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، ورئيس الحكومة المكلّف نواف سلام، على مشهد مأسوي مخيب للآمال.
مشهد أسدل ستار التعطيل على الأجواء التفاؤلية التي رافقت الاجتماع، والابتسامة العريضة التي تبادلها المجتمعون في الصورة التي تم توزيعها على وسائل الإعلام، بددها تمسّك "الإستاذ" بالوزير الخامس الذي يصر على تسميته، في محاولة واضحة لإحداث "انقلاب مضاد" على الرئيس المكلف وعهد عون.
في مقابل تلقف الرئيس عون والرئيس المكلف كل الإشارات الدولية والداخلية للإنطلاق بصورة مغايرة لبناء الدولة وفق معايير السيادة والإصلاح، طغت صورة "الهروب" التي خرج فيها الرئيس بري من الباب الخلفي.
وعلى الرغم من الاتفاق المسبق بين الرئيس سلام و"الثنائي" على حق سلام والرئيس عون بتسمية الوزير الشيعي الخامس (لمياء مبيض – حقيبة التنمية الإدارية)، تفاجآ بأرنب بري (القاضي عبد الرضا ناصر)، بهدف الاستئثار بالقرار الشيعي واحتفاظه بسلاح الميثاقية للتعطيل واستعماله داخل الحكومة متى وكيفما يشاء.
العامل الأميركي
من الواضح أن "الثنائي"، لا تروقه انطلاقة العهد الجديدة المدعومة والمحتضنة عربياً ودولياً، ويصر على الوقوف في وجه التغييرات والتحولات الاستراتيجية، وكأنه يحاول "تهريب" وزير قبل وصول الوفد الأميركي الذي رفع "الفيتو" على مشاركة "حزب الله" في الحكومة.
منذ انطلاقة العهد، سدد "الثنائي" ضربات متلاحقة بهدف العرقلة والتعطيل والتشويش على الرئيس عون. هذه الضربات ترجمها "الثنائي" في جلسة التاسع من كانون الثاني لانتخاب رئيس للجمهورية، حيث رفع الرئيس بري الجلسة لمدة ساعتين بهدف التشاور، فيما الحقيقة كانت لفرضه الشروط على الرئيس عون مقابل الموافقة على انتخابه.
كما امتنع "الثنائي" عن المشاركة في الاستشارات غير الملزمة التي أجراها الرئيس المكلف نواف سلام في مجلس النواب لتأليف الحكومة، ما اضطر سلام إلى زيارة بري في عين التينة للوقوف على خاطره، وإعلانه من هناك انتهاء الاستشارات غير الملزمة. كما امتنع "الثنائي" عن تسمية سلام في الاستشارات الملزمة في قصر بعبدا.
في هذا الإطار تشير مصادر لـ "نداء الوطن" إلى أن سلوك "الثنائي" لا يقود إلى تعطيل البلد فقط، بل سيرتد على الحضور السياسي للطائفة الشيعية، ويغامر بمصير الطائفة بكاملها من خلال اتباعه سياسة متهورة، وقد يخسر كل شيء هذه المرة بسبب عناده ووقوفه عائقاً في وجه التغيير والمتغيرات الاستراتيجية.
تضيف المصادر، "الثنائي" أمام فرصة ذهبية لإعادة انخراطه في التحولات الجديدة وإعادة إنتاج أدواته التي يفترض أن تكون منسجمة مع مفهوم الدولة، لكن عدم رغبته وقدرته على التقاط هذه اللحظة المفصلية، يتزامن مع موقف أميركي متقدم، قد يقلب المعادلة.
إذاً، قد تتغير الصيغ الحكومية المقبلة، وربما نكون أمام حكومة أمر واقع، عندها لن يحصل "الحزب" ولا "أمل" على المكاسب التي كانت متاحة في التشكيلة الأخيرة للحكومة، خصوصاً أن لبنان وبعد الحرب الأخيرة لن يستطيع الوقوف في وجه التحولات الكبرى، ومجابهة المجتمعين العربي والدولي وخصوصاً الأميركي، الذي وجه رسالة شديدة اللهجة إلى "حزب الله" بالتزامن مع وصول وفد أميركي رفيع المستوى إلى بيروت، برئاسة نائب المبعوث الخاص للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس.
فقد أشار مسؤول في الإدارة الأميركية لوكالة "رويترز"، إلى أنّه "من المقرر أن توجّه اورتاغوس رسالة حازمة إلى المسؤولين اللبنانيين، مفادها أنّ الولايات المتحدة لن تتسامح مع النفوذ غير المقيّد لـ "حزب الله" وحلفائه على تشكيل حكومة جديدة، وبأنّ لبنان سيواجه عزلة أعمق ودماراً اقتصاديّاً ما لم يُشكّل حكومة ملتزمة بالإصلاحات والقضاء على الفساد والحدّ من قبضة "حزب الله".
أضاف المسؤول، "واشنطن لا تختار وزراء الحكومة بشكل فردي ولكنها تضمن عدم مشاركة "حزب الله" في الحكومة... كانت هناك حرب وهُزم "الحزب" ويجب أن يبقى مهزوماً... إنه يوم جديد للبنان والحكومة الجديدة بحاجة إلى مواكبة هذا الواقع الجديد".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك