كتب حسين زلغوط في "اللواء":
لم تُحدث زيارة الموفد الأميركي آموس هوكستين الى بيروت أي تطور ملموس يمكن التأسيس في سبيل الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها على لبنان، كون أن هذا الرجل لم يحمل في جيبه إلّا تصريحه المطبوع الذي قرأه بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، وسرعان ما تبيّن ان زيارة الموفد الأميركي بعد طول انتظار جاءت بعد ان بدأ التحرك الأوروبي تجاه لبنان وذلك من باب القول ان واشنطن وحدها القادرة على لعب الدور الفعّال في سبيل وقف هذه الحرب.
ولنفترض أن زيارة هوكستين حققت بعض التقدّم، فكم سيلزم واشنطن من وقت لترجمة أي نتائج على أرض الواقع، بعد أن تكون قد أقنعت إسرائيل (ان هي استطاعت ذلك) بوجهة نظرها للذهاب الى إبرام تسوية أو صفقة توقف معها الحرب على لبنان؟ بالتأكيد ان ذلك سيأخذ بين أخذ ورد أسابيع عدة، فيما تستعد إدارة الرئيس جو بايدن لخوض غمار الانتخابات الرئاسية المقررة في الخامس عشر من الشهر المقبل، وهذا يعني استحالة التوصل الى قرار بوقف إطلاق النار قبل الانتخابات الأميركية.
وفي اعتقاد الكثير من المطّلعين على مسار ما يجري انه من غير المتوقع الحديث عن إمكانية حدوث متغيّرات في المشهد القائم بين لبنان وإسرائيل، وبين تل أبيب وغزة، نتيجة لتحركات دبلوماسية قبل الضربة التي تستعد إسرائيل القيام بها ضد إيران.
ويقول هؤلاء ان هوكستين وصل الى لبنان (عالي الدوز)، غير انه سرعان ما عاد الى حجمه الطبيعي بعد أن لمس بأن المسؤولين اللبنانيين وعلى الرغم من كل ما يحصل فإنهم ما زالوا ثابتين على موقفهم وانهم ليسوا في وارد القبول بأي تعديل على القرار 1701 ولو نقطة واحدة، وقد سمع ما كان يسمعه في جولاته السابقة لجهة التمسّك بالقرار الأممي دون زيادة أو نقصان.
ودعا هؤلاء الى عدم الإفراط في التفاؤل على الرغم من الجرعات الإيجابية التي ضخّت في أعقاب زيارة الموفد الأميركي، لان كل النقاط التي تم بحثها بحاجة الى مزيد من النقاش، ولا سيما ان الجانب الإسرائيلي لا يضع في حساباته الى الآن أي إمكانية للتوصل الى صيغة تفاهم حول آلية تنفيذ مندرجات القرار 1701، لا بل انه يسعى لتعديله بالتوازي مع تعديل مهام قوات «اليونيفل»، وهو ما أشار إليه موقع «أكسيوس» الذي نقل عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين بأن إسرائيل قدّمت للولايات المتحدة الأسبوع الماضي وثيقة تتضمن شروطها للتوصل إلى حل دبلوماسي لإنهاء الحرب في لبنان، حيث طالبت إسرائيل السماح لقواتها العسكرية بالمشاركة في «تنفيذ فعّال» لضمان عدم إعادة تسليح «حزب الله» وعدم إعادة بنيته التحتية العسكرية بالقرب من الحدود، ومطالبتها أيضا بحرية عمل قواتها الجوية في المجال الجوي اللبناني.
ويؤكد مصدر وزاري في هذا السياق أن إسرائيل ليست في وارد القبول بوقف النار، فهي لا تريد أن تقدّم هذه الخدمة للرئيس بايدن على طبق من ذهب، فهي تريد انتظار الانتخابات فإذا عاد الحزب الديمقراطي الى الحكم يقدّم له هذه الهدية على اعتبار ان هناك أربع سنوات حكم وعلى تل أبيب أن تتعايش مع هذه الإدارة لتأمين مصالحها بالحد الأدنى، أما إذا فاز الحزب الجمهوري وعاد دونالد ترامب مجددا الى البيت الأبيض فساعتئذٍ سيعمل نتنياهو ما يريده ترامب الذي كان وعده خلال لقائه به في الزيارة الأخيرة التي قام بها الى أميركا بوضع مصلحة إسرائيل ومصيره السياسي في سلّم أولوياته، وحيال ذلك فان نتنياهو من المتوقع أن يتصلب أكثر في مواقفه مستفيدا من تفلّته من الضغط اللازم من قبل الإدارة الأميركية التي تلهث وراء رضى «اللوبي الإسرائيلي» لحصد بعض الأصوات ولو على حساب المدنيين الأبرياء ومحو مناطق بكاملها عن الخارطة في لبنان وغزة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك