"نحن ميتون بالفعل"... هكذا وصفت سيدة مُسنّة ما يعانيه الفلسطينيون في قطاع غزة وبالتحديد بمدينة خان يونس الجنوبية، بعد أوامر الإخلاء التي أعقبها هجوم بري للقوات الإسرائيلية.
وأشارت تقديرات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إلى أنه بحلول مساء الخميس، فر ما بين 60 و70 ألف شخص بعد أوامر الإخلاء الإسرائيلية، وواصل مزيد من المواطنين الفلسطينيين الرحيل على مدار يوم الجمعة. وذكر تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" أن النساء حملن أطفالهن تحت أشعة الشمس الحارقة، فيما دفع الرجال عربات وكراسي متحركة على الطرق الرملية، وحمل أطفال حقائب سفر وحقائب ظهر، في رحلة نزوح متكررة.
من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي في بيان، إن قواته بدأت "عملية هجومية في منطقة خان يونس جنوب قطاع غزة، نظرا لورود معلومات استخبارية عن وجود مخربين وبنى إرهابية في المنطقة، وفي إطار الجهود الهادفة إلى ضرب المنظمات الإرهابية في قطاع غزة أثناء محاولتها الإعمار". وأوضح البيان أيضا أنه "مع بداية دخول القوات إلى المنطقة شنت طائرات سلاح الجو غارات مكثفة استهدفت أكثر من 30 هدفا إرهابيا لحماس في خان يونس ومن بينها مستودعات أسلحة ومجمعات التقاء لمخربين".
"الموت أفضل"
نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن، يافا أبو بكر، وهي من سكان مدينة خان يونس، "ينام الناس في الشوارع والأطفال والنساء على الأرض بلا فراش".
أما وكالة "رويترز" فنقلت عن سيدة مسنة قولها: "الموت أفضل. لقد سئمنا. لقد متنا بالفعل. نحن أموات".
اندلعت الحرب في قطاع بعد أن شن مسلحو حركة حماس هجمات غير مسبوقة ضد إسرائيل في السابع من أكتوبر، مما أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، غالبيتهم من المدنيين وبينهم نساء أطفال، وفقا لبيانات رسمية.
ودعا الرئيس الأميركي جو بايدن، ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي، وأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلى وضع حد فوري للمعاناة المستمرة منذ أمد بعيد لشعب غزة وللرهائن وعائلاتهم.
أكد القادة الثلاثة في بيان مشترك، على ضرورة التوصل إلى وقف لإطلاق النار وإبرام اتفاق بشأن الإفراج عن الرهائن والمعتقلين. وتزايدت مخاطر التصعيد إلى حرب أوسع نطاقا في الشرق الأوسط بعد مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في إيران، والقائد العسكري البارز في حزب الله، فؤاد شكر، بالضاحية الجنوبية لبيروت، مما أثار تهديدات بالرد على إسرائيل.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن الوزير، أنتوني بلينكن، أبلغ وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، في مكالمة هاتفية، الجمعة، إن تصعيد التوتر في الشرق الأوسط "ليس في مصلحة أي طرف". وكان بلينكن أجرى محادثات مع نظيره الأردني، أيمن الصفدي، الجمعة، حول الجهود المبذولة لتهدئة التوترات في المنطقة، ومنع المزيد من تصعيد الصراع.
في المقابل، ردت إسرائيل بقصف مكثف وعمليات برية واسعة النطاق، ما أدى إلى مقتل 39,699 شخصا، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، طبقا للسلطات الصحية بالقطاع.
وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا" بأن أكثر من 100 شخص قضوا إثر استهداف لمدرسة تؤوي "نازحين" بمدينة غزة، فيما أكد الجيش الإسرائيلي أنه أغار على "مخربين" عملوا بداخل مدرسة استخدمت كملاذ للمدنيين.
نزوح متواصل
استمر الكثير من سكان غزة البالغ عددهم نحو 2.2 مليون نسمة في النزوح من مكان لآخر طوال الحرب، حيث تواصلت الهجمات الإسرائيلية من حي إلى آخر ومن ومدينة إلى أخرى.
وقال رامي القرا (42 عاما)، وهو أب لأربعة أطفال لصحيفة "نيويورك تايمز" إن "هذه هي المرة الرابعة عشر التي ننزح فيها منذ بدء الحرب".
وأوضح الرجل أن حزم أمتعة العائلة المكونة من 40 فردا مرارا وتكرارا بحثا عن الأمان، يعد أمرا مرهقا ويستنزف الأمل بداخله، مضيفا: "مع كل نزوح، نتمنى الموت في كل لحظة؛ لأنه لا حياة مع فكرة الاضطرار إلى حمل الخيمة ونقلها بشكل مستمر من مكان إلى آخر".
وواصل حديثه للصحيفة بالقول إنه يدرك أن هذا النزوح لن يكون الأخير.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك