جاء في "الجريدة" الكويتية:
وسط انسداد المسارات للتوصل إلى حل دبلوماسي يوقف الحرب الإسرائيلية المتصاعدة على لبنان، تلقى «حزب الله» ضربة كبيرة أخرى، بعد غارة أودت، على الأرجح، بحياة رئيس مجلسه التنفيذي هاشم صفي الدين، المرشح الأبرز لتولي منصب الأمين العام للحزب خلفاً لحسن نصرالله، الذي استشهد في غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت في 27 أيلول الماضي.
وفي حين وسّعت إسرائيل غاراتها على كل المناطق اللبنانية، خصوصاً الضاحية الجنوبية التي تحولت إلى مدينة منكوبة شبه خالية من السكان بفعل الغارات العنيفة، أكد قيادي في «حزب الله» انقطاع الاتصال بصفي الدين منذ الضربة التي استهدفت مقراً للحزب في حي المريجة بالضاحية فجر الجمعة، كان صفي الدين يجتمع فيه على عمق كبير تحت الأرض، مع قيادات حديثة التعيين في الحزب ومسؤولين بالحرس الثوري الإيراني، في حين تحول الغارات المتواصلة على الضاحية وحالة الإرباك في صفوف الحزب المنقذين دون البحث عنه بشكل فعال. وطوال يوم أمس لم تتوقف الغارات على مناطق لبنان من الشمال إلى الجنوب، وضرب الجيش الإسرائيلي مسجداً للمرة الأولى في مدينة بنت جبيل بالقطاع الحدودي الأوسط جنوب لبنان، في أول ضربة من نوعها منذ بدء تبادل إطلاق النار بين إسرائيل والحزب قبل عام، كما شن الجيش للمرة الأولى غارة في مدينة طرابلس شمال لبنان التي تسكنها غالبية سنية استهدفت قيادياً في حركة حماس بمخيم البداوي للاجئين الفلسطينيين.
في المقابل، أفاد الحزب، في بيان، بأن مقاتليه تصدوا لعدة محاولات توغل في بلدة العديسة بالقطاع الشرقي وفي يارون بالقطاع الأوسط، كما أطلقوا صواريخ باتجاه مدن إسرائيلية. وكانت تل أبيب نفذت فجر الجمعة غارة على نقطة المصنع الحدودية في شرق لبنان على الحدود السورية، ما أدى إلى قطع الطريق الدولي بين البلدين. وأفاد محللون عسكريون بأن الإسرائيليين يواجهون صعوبة بالغة في اختراق خط الدفاع البري الأول لـ «حزب الله»، ويحاولون قطع طرق الإمداد بين هذا الخط والخطين الثاني والثالث من خلال استهداف الطرقات وتقطيع الأوصال. ووسط استحالة التنبؤ الفعلي بما يريد أن يفعله الإسرائيليون وإلى أي مدى سيتقدمون في الأراضي اللبنانية، كشفت مصادر عن نقاشات إسرائيلية حول احتمال تثبيت نقاط عسكرية جنوب نهر الليطاني، والتقدم نحو شماله.
سياسياً، أدت تصريحات وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي خلال زيارته لبيروت إلى تعطيل المسار الدبلوماسي بعد رفضه الفصل بين جبهتي لبنان وغزة، وهو الموقف الذي يناقض موقف الحكومة اللبنانية التي عبرت عن تأييدها لوقف فوري لإطلاق النار. وبحسب المصادر، رفض «حزب الله»، بعد زيارة عراقجي، النقاش في الملف الرئاسي، وهو ما يوجّه ضربة للمساعي الدولية التي تربط بين وقف النار وحل سياسي شامل.
إقليمياً، قال الجيش الإسرائيلي إنه يعد ضربة عسكرية كبيرة وشديدة وجدية لإيران قد تكون متزامنة مع ذكرى عملية «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر، رداً على قصفها الصاروخي الثلاثاء الماضي، في حين قالت طهران إنها جاهزة لصد الهجوم على كل أراضيها. وقبيل وصول قائد القيادة الوسطى الأميركية مايكل كوريلا إلى القدس لتنسيق الرد الإسرائيلي مع نظرائه الإسرائيليين، أفادت تقارير أميركية بأن تل أبيب رفضت منح إدارة الرئيس جو بايدن أي ضمانات حول عدم استهداف المنشآت النووية الإيرانية، التي دعا المرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب إلى ضربها دون تأخير.
ووسط المخاطر باندلاع حرب طاقة في المنطقة وسط تهديدات إسرائيل من جهة وحلفاء إيران وخبراء الحرس الثوري من جهة أخرى، عبّر وزير النفط الإيراني محسن باك نجاد عن «عدم قلقه» إزاء التهديدات الإسرائيلية بمهاجمة آبار ومصافي النفط التي تعتمد عليها إيران في اقتصادها. وقالت «الجريدة»، إن الضربات الإسرائيلية ستقتصر على المنشآت العسكرية، وستؤثر بشكل ملموس على قدرات إيران في هذا المجال. أما رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق أيهود باراك، فقد توقع ضرب أهداف عسكرية أو منشآت اقتصادية بينها محطات الكهرباء.
علمت «الجريدة»، من مصدر في «فيلق القدس»، أن قائد الفيلق اللواء الركن إسماعيل قآني أصيب بجروح في كتفه وصدره ورجله في الغارة التي استهدفت القيادي بـ «حزب الله» هاشم صفي الدين، البديل المحتمل لحسن نصرالله في الضاحية الجنوبية لبيروت فجر الجمعة. وقال المصدر إن قآني كان متجهاً إلى اجتماع مع صفي الدين وغيره من قيادات الحزب، لبحث ترتيبات دفن نصرالله والتعيينات في الحزب بعد اغتيال معظم قياداته العليا، بما في ذلك تسمية صفي الدين أميناً عاماً. ووفق المصدر، أصيب قآني قبل قليل من دخوله إلى المبنى المستهدف الذي دمر بأكثر من 73 طناً من القنابل الخارقة للتحصينات في وقت قتل مرافقه وسائقه.
وقام مرافقون في سيارة أخرى كانت تتبعه عن بعد بسحبه من السيارة ونقله على الفور إلى مكان آمن ثم إلى سورية وبعدها إلى طهران حيث خضع لعدة عمليات جراحية قبل أن يخرج في وقت لاحق أمس من العناية الفائقة بعد خسارة كميات كبيرة من الدماء. وذكر أن قآني عبر براً إلى لبنان عبر أنفاق سرية على الحدود السورية، واتخذ إجراءات أمنية مشددة بينها تبديل السيارات أكثر من مرة، وكان يرتدي درعاً مضادة للرصاص. وأشار المصدر إلى أن زيارة قآني في التوقيت الأمني الصعب جاءت بعد أن تعرض لانتقادات بسبب الضربات الكبيرة التي تلقتها قيادة «حزب الله» التي تنسق أمنياً مع «فيلق القدس» الذراع الخارجية للحرس الثوري. وقبل سفره إلى بيروت، تم استدعاء عدد من أعضاء عائلة قآني والمقربين منه للتحقيق معهم بسبب شكوك حول احتمال أن يكون أحد أفراد عائلته تعرض للاختراق، والعديد منهم لا يزال قيد التوقيف حتى اليوم، حسب المصدر.
إسرائيل تعدّ هجوماً "جدياً" على إيران... وهل أُغلِق المسار الدبلوماسي؟
الــــــســــــابــــــق
- واشنطن بوست: الموساد أعلن أنّه كان يتعقّب تحرّكات نصرالله منذ سنوات وقد أحجم عن اغتياله خلال الفترة الماضية تفاديًا لحرب واسعة
- الليلة الأعنف على الضاحية الجنوبية: غارات وانفجارات وهزّات
- الجيش الإسرائيلي: سلاح بحريتنا اعترض في البحر الأحمر مسيّرتين أطلقتا من جهة الشرق من دون إصابات
- "الحزب" يضع ملف الرئاسة في عهدة بري
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك