كتب فؤاد بزي في "الأخبار":
تضافرت عوامل كثيرة دفعت النشاط الاستهلاكي إلى الركود، ولو قليلاً. فإلى جانب التصعيد الإسرائيلي وتداعياته، هناك العودة إلى المدارس التي تفرض نفسها على نفقات الأسر. ففي الأسابيع الأخيرة، سُجّل تراجع في النشاط الاستهلاكي، إذ يعمد المستهلك إلى ترشيد نفقاته لتقتصر على سلع محدّدة، وتأجيل شراء ما يراه غير ضروري، بينما يلجأ الباعة إلى أنماط ترويج مختلفة لتصريف ما لديهم.
رغم كل النشاط الاستهلاكي الضعيف في الضاحية الجنوبية، إلا أنه لم يسجّل أصحاب السوبر ماركت حالة من الهلع تخلق فورة في النشاط الاستهلاكي. بالعكس، يقول أحدهم: «لا تهافت على التخزين والبيع، أقلّه حتى اللحظة». وقد ساهم في ضعف الاستهلاك المسجّل في الأسواق، قرار وزارة التربية بإقفال المدارس يوم الأربعاء، واتجاه البلديات للطلب من المدارس الاستمرار في الإقفال حتى يوم الاثنين المقبل. وبرأي صاحب السوبر ماركت، الذي رفض الكشف عن اسمه: «هذا غير طبيعي، حتى خلال هذا الوقت من الشهر، فالطلب انخفض أيضاً على الأغراض الخاصة بالعودة إلى المدارس». في الواقع، سكان المنطقة يستعدّون لعدد من السيناريوات؛ من بينها وقوع الحرب: «يفضّل الناس أن يبقوا في أيديهم كمية من النقد، وهم لا يريدون صرف ما لديهم على السلّة الغذائية»، برأي مالك متجر لبيع المواد الغذائية في حارة حريك. ويرى أنّ «معاشات شهر أيلول نفذت بسبب دفع أقساط المدارس، لذا لن يقدم الناس على شراء مواد غذائية للتخزين، حتى لو شعروا بالتهديد من الحرب»، وهو ما يوافق عليه أيضاً نقيب أصحاب السوبر ماركت نبيل فهد، الذي أشار إلى «استقرار في حركة المبيع على حالها الضعيفة»، لافتاً إلى أن الأمر يعود إلى «موسم المدارس، ودفع الأقساط»، لكن بشكل عام كانت «انطلاقة أيلول جيدة، إنّما في اليومين الماضيين، خاف الناس وتراجعوا عن ارتياد الأسواق نتيجةً للضربات الأمنية في الضاحية».
ويقول الرئيس التنفيذي لـ«المخازن»، وضاح شحادي، إنه يسجَّل هدوءٌ في الأسواق خلال الأسابيع الماضية، لافتاً إلى أنه «عند اتجاه الناس نحو التخزين، كان المبيع العام لكلّ سلّة يزيد بنسبة تقارب 20%». بمعنى آخر، «لم يركّز المتسوّقون على سلع محدّدة لتخزينها، مثل الزيت والسكر والطحين، بل كانوا يزيدون من كمية البضائع التي يشترونها بشكل عام، فيشترون القطع ذاتها التي يمكن أن تشتمل على الحلويات، وإنما بكميات أكبر». ويرى شحادي أنّ «هذه الحركة معاكسة تماماً لما جرى خلال حرب تموز عام 2006، إذ ركّز الناس حينها على شراء السلع الغذائية الأساسية مثل الطحين والزيت والسكر والمعلبات».
يفضّل الناس أن يُبقوا في أيديهم كمية من النقد للاستعمال عند الضرورة
أما في نقاط بيع السلع الكمالية، مثل الأجهزة الإلكترونية والهواتف والأدوات المنزلية، فقد «توقفت الحركة تماماً منذ يوم الثلاثاء»، يقول محمد الموسوي صاحب متجر لبيع الهواتف وقطعها في الضاحية. لكن هذه الحركة «داقرة منذ مطلع آب، علماً أن عدداً كبيراً من الزبائن يحضرون هواتفهم القديمة التي كانوا يحتفظون بها للطوارئ في حال تعطّل الهاتف الأساسي، ويعرضونها للبيع». ويعيد الموسوي الأمر إلى «رغبة الزبائن في تحويل ممتلكاتهم إلى أموال يستفاد منها في حال وقوع أيّ طارئ».
وفي محالّ الأدوات المنزلية، توقفت كلّ أشكال البيع الاستهلاكي. «منذ بداية الصيف، لا يشتري الناس أيّ غرض سوى لاستبدال ما تلف في المنزل (أي عند الضرورة)»، بحسب علي غندور، صاحب أحد محال أدوات المطبخ، الذي يقول إنه «فتح صناديق السكاكين التي تحتوي على 12 سكيناً لبيعها بالقطعة نزولاً عند رغبة عدد من الزبائن، ورغبةً منه في تحريك حركة المبيع خلال الأشهر الماضية». وفي سياق متصل، يشير إلى تقديمه عرضاً ببيع الأدوات الزجاجية مثل الصحون والأكواب بـ«الكيلو»، لا بالقطعة لتصريف البضائع.
وفي محال بيع الثياب، «رغم تنزيلات نهاية الموسم، وتنزيل البضاعة الشتوية القديمة بنصف سعرها، الحركة شبه متوقفة»، بحسب هنادي محمد صاحبة أحد محال بيع الملابس. وحتى في المولات، «الإقبال ضعيف على محال البراند، والحركة بلا بركة»، تقول عاملة في إحدى نقاط البيع، إذ «يدخل عدد كبير من الناس المحل كلّ يوم، ولكن من دون أن يشتروا، فقط للفرجة». هذا الشكل الضعيف من حركة البيع امتدّ على طول أشهر الصيف، تقول هنادي محمد، ولم تضطرّ بسببه للذهاب إلى تركيا، حيث تشتري بضاعتها لإعادة التموين. لكنها تراهن في المقابل على موسم الشتاء من كلّ عام، فملابس هذا الفصل أغلى ثمناً، ونسبة الأرباح عليها أفضل.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك