كتب داود رمّال في "أخبار اليوم":
في ظل التصعيد الإسرائيلي المستمر على مختلف الجبهات في المنطقة، تبرز تصريحات رئيس مجلس النواب نبيه بري حول التهديدات الإسرائيلية المتزايدة وتطورات المشهد السياسي الداخلي، خاصة فيما يتعلق بالملف الرئاسي اللبناني. وتحمل مواقف بري رؤىً استراتيجية تنطلق من تجاربه السياسية الطويلة ورؤيته المتعمقة للأوضاع المحلية والإقليمية.
ويمكن التوقف عند خمسة نقاط اساسية في مواقف بري الاخيرة وهي:
اولا: التأقلم مع التهديدات الإسرائيلية وتوقعات التصعيد: يرى بري أن التهديدات الإسرائيلية، رغم تصاعد نبرتها في الفترة الأخيرة، ليست جديدة على لبنان. ويشير إلى أن الشعب اللبناني والقوى المقاومة قد اعتادوا على مثل هذه التهديدات منذ عقود. وتعكس هذه النظرة فهما عميقا لديناميكيات الصراع مع إسرائيل، حيث يدرك بري أن الاحتلال الإسرائيلي غالبا ما يستخدم التهديدات لتأمين أهداف سياسية داخلية أو لفرض ضغط نفسي دون نية فعلية لتنفيذ هجوم بري شامل.
ثانيا: استبعاد الهجوم البري الواسع: من خلال قراءته الواقعية، حيث يستبعد الرئيس بري قيام إسرائيل بشن هجوم بَري واسع على لبنان، مبررا ذلك بأن الاحتلال يدرك تماما الثمن الباهظ الذي سيدفعه في حال أقدم على هذه الخطوة. ويؤكد بري أن المقاومة اللبنانية تمتلك القدرة الكافية للتصدي لأي محاولة اجتياح، مشيرا إلى أن المواجهة البرية المباشرة ستكون لصالح المقاومة. هذا التصريح يعكس ثقة بري في قدرة لبنان على حماية أراضيه، وهو تحذير مباشر للاحتلال من عواقب أي حماقة قد يرتكبها.
ثالثا: تأثير الصاروخ اليمني وتحالفات المقاومة: يستخدم بري عملية اطلاق الصاروخ اليمني الذي استهدف تل أبيب كتحذير لإسرائيل، لافتا إلى أن مثل هذه الضربات تؤكد هشاشة المنظومة الدفاعية الإسرائيلية. فإسرائيل، رغم قوتها العسكرية، ليست محصنة بالكامل من الهجمات الصاروخية التي قد تأتي من عدة جهات، بما في ذلك اليمن أو "جوار فلسطين المحتلة"، في إشارة واضحة إلى التحالفات الإقليمية للمقاومة. هذه الرسالة تشير إلى أن أي تصعيد إسرائيلي ضد لبنان سيواجه بردود إقليمية واسعة.
رابعا: الرفض القاطع لأي احتلال إسرائيلي: في رد واضح على أي محاولة إسرائيلية لاحتلال أراضٍ في الجنوب اللبناني، جاءت إجابة بري الحاسمة "فشروا". هذا التعبير الشعبي الجنوبي يعكس ليس فقط رفضاً قاطعاً لهذه الفكرة، بل يحمل أيضا في طياته ثقة كبيرة في قدرة المقاومة على ردع أي محاولة احتلال جديدة. فالمقاومة، وفق بري، جاهزة للدفاع عن الأراضي اللبنانية وردع أي مغامرة إسرائيلية قد تكون غير محسوبة العواقب.
خامسا: الملف الرئاسي وواقع الجمود السياسي: على الصعيد الداخلي، تحدث بري عن مبادرته الأخيرة بشأن الملف الرئاسي اللبناني، معبّرا عن استيائه من عدم إعلان تأييد الأطراف السياسية المحلية والدولية لها بشكل جماعي. ويرى بري أن المبادرة التي طرحها في 31 آب الماضي تمثل أقصى ما يمكن فعله لحل أزمة الشغور الرئاسي. وهذا التصريح يعكس الجمود السياسي العميق في لبنان، ويشير إلى أن جميع المبادرات باتت تصطدم بجدران المصالح السياسية المتضاربة.
في الخلاصة؛ تتسم مواقف نبيه بري بالواقعية والصلابة في التعامل مع التهديدات الإسرائيلية والسياسة الداخلية اللبنانية. فهو يوازن بين التحذير من خطورة التصعيد الإسرائيلي والإصرار على أن أي محاولة اجتياح ستكلف الاحتلال ثمناً باهظاً.
وفيما يتعلق بالملف الرئاسي، يعبر بري عن خيبة أمل من غياب الإجماع حول مبادرته، لكنه يظل متمسكاً بمواقفه الوطنية.
هذه التصريحات تعكس التحديات العديدة التي يواجهها لبنان على المستويين الداخلي والخارجي، وتبرز الحاجة إلى التكاتف الوطني لمواجهة هذه الأزمات.
قراءة في مواقف بري: تحديات التهديدات والملف الرئاسي
الــــــســــــابــــــق
- برّي بحث وزوّاره في الأوضاع... بو حبيب: تهديدات إسرائيل لا تفيد التهدئة التي نعمل عليها
- عضو الهيئة التنفيذيّة في القوّات اللبنانيّة جوزيف جبيلي لـmtv: قرار "القوّات" بالطعن بقرار الحكومة في ما يخصّ تعليم النازحين هو بمثابة "آخر خرطوشة" لحماية سيادتنا ووطننا وأولادنا
- بخاش التقى نظيره الاردني: توافقنا على تعزيز التعاون بين النقابتين
- دقّت ساعة الصّفر... لبنان والمنطقة إلى المجهول؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك