كتب منير الربيع في "الجريدة" الكويتية:
افتتح المبعوث الأميركي آموس هوكستين في زيارته للبنان دفقاً من الزيارات الدبلوماسية، فما إن غادر المسؤول الأميركي بيروت حتى أعلنت فرنسا عن زيارة سيجريها وزير خارجيتها ستيفان سيجورنيه للعاصمة اللبنانية، كما أن وزير خارجية مصر الجديد بدر عبدالمعطي يزور لبنان اليوم الجمعة.
كل الزيارات تصب في خانة خفض التصعيد، وإقناع حزب الله بتجنّب الردّ حالياً على اغتيال رئيس أركانه فؤاد شكر واستهداف الضاحية الجنوبية لبيروت كي لا يتهم بعرقلة المفاوضات، كما أن الزيارات تندرج في خانة تثبيت حضور هذه الدول ودورها على الساحة اللبنانية. ما أصبح ثابتاً هو أنه مع كل زيارة يجريها مسؤول أميركي، وتحديداً هوكستين إلى لبنان، حتى يستتبعها الفرنسيون بزيارة لأحد مسؤوليهم، فبعد الزيارة الأولى لهوكستين إثر اندلاع المواجهات في 8 تشرين الأول 2023 أوفد الفرنسيون وزيرة خارجيتهم حينها كاترين كولونا، وبعد الزيارة الثانية للمبعوث الأميركي أوفدت باريس سيجورنيه في زيارته الأولى كوزير للخارجية، أما مع الزيارة الثالثة لمستشار بايدن فقد ألحقت بزيارة للمبعوث الفرنسي جان إيف لودريان، ومع الزيارة الرابعة حلّ سيجورنيه مجدداً بعد 24 ساعة على مغادرة المبعوث الأميركي.
ووفق ما تشير مصادر دبلوماسية، فإن باريس حريصة على تثبيت حضورها في لبنان وعدم الغياب، وهناك نوع من التنافس مع الأميركيين، وأن ماكرون الذي تقدم بمبادرات تجاه لبنان منذ عام 2020 لا يريد ترك الساحة أمام واشنطن وحدها رغم أنه لم ينجح في تحقيق أي منها. وتشير مصادر متابعة إلى أن زيارة وزير الخارجية الفرنسي تندرج في نفس سياق زيارة هوكشتاين، لجهة التأكيد على ضرورة الحفاظ على خفض التصعيد، وعدم دخول حزب الله في مواجهة أوسع مع إسرائيل مع نقل تحذيرات واضحة بأنه في حال تخطى حزب الله خطوطاً حمراء إسرائيلية فيمكن للإسرائيليين أن يصعدوا عملياتهم أو توسيع نطاق المواجهة والذهاب الى حرب.
وشدد الوزير الفرنسي على ضرورة تأجيل الردّ وانتظار مسار المفاوضات حول غزة في الدوحة وسط رهانات كبيرة على إمكانية نجاحها، محذّراً من مخاطر اتساع الصراع أو من أي خطأ في الحسابات قد يؤدي إلى تدهور كبير. وعلى الخط نفسه، تأتي زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبدالمعطي الأولى إلى لبنان منذ تعيينه في منصبه، وبحسب المعلومات فهي زيارة تضامن وتعاون وإصرار مصري على حضور عربي على الساحة اللبنانية لا سيما أن مصر معنية بالمفاوضات الدائرة حول وقف إطلاق النار في غزة وانسحابها على جبهة جنوب لبنان، كما أنها عضو في اللجنة الخماسية المعنية بالملف اللبناني التي تضم الولايات المتحدة وفرنسا ومصر والسعودية وقطر.
كل هذه الزيارات تؤكد نقطة واحدة أن مصير لبنان أصبح معلقاً على مصير الحرب في غزة، وأنه يرتبط بمفاوضات المنطقة ومصيرها. وتلقى حزب الله نصائح كثيرة داخلية وخارجية بتأجيل الردّ على استهداف الضاحية لما بعد بلورة مسار المفاوضات كي لا يتهم بعرقلتها، ووافق الحزب على ذلك على الرغم من عدم تفاؤله بالمفاوضات، في السياق فإن إيران ستكون شريكة في المفاوضات، وحاضرة على الرغم من غيابها، لا سيما أنه في حال نجحت المساعي فستنسب طهران لنفسها مع حزب الله فضل فرض الاتفاق ونجاح وقف إطلاق النار بسبب تهديداتها بالردّ القوي وهو ما فرض على الإسرائيليين التراجع، لأن كل التجارب السابقة قد فشلت في إنجاز الاتفاق. أما نجاحه فحتماً ستنسبه إيران إلى نفسها بالمعيار العسكري على قاعدة أن إسرائيل أرادت التهرّب من ردّ طهران والحزب. نجاح المفاوضات سيلغي الردّ الإيراني وردّ حزب الله وفق ما تقول مصادر قريبة من الجانبين.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك