فيما كانت الأنظار متجهة إلى الوضع المتفجر في غزة بعد معاودة إسرائيل حربها على القطاع، توتّر الوضع في جنوب لبنان وعاد القلق من احتمالات التفجير مجدداً وإكمال إسرائيل حربها على «حزب الله» مستغلة حادثة إطلاق صواريخ من الجنوب لترفع من وتيرة تهديداتها ولتضع معادلة المطلة مقابل بيروت.
ولأن لبنان الرسمي يأخذ التهديدات الإسرائيلية على محمل الجد تحرّك رئيس الجمهورية العماد جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام لاحتواء الوضع واتخاذ مواقف متقدمة من موضوع سلاح «حزب الله» ومحاولات العودة إلى دوامة العنف. وكان الرئيس عون صارماً «بإدانة محاولات استدراج لبنان مجدداً إلى دوامة العنف». واعتبر أن «ما حصل في الجنوب، وما يستمر هناك منذ 18 شباط/فبراير الماضي، من عدم التزام بحرفية اتفاق وقف النار، يشكل اعتداء متمادياً على لبنان وضرباً لمشروع انقاذه الذي أجمع عليه اللبنانيون».
وناشد رئيس الجمهورية «جميع أصدقاء لبنان التنبه لما يحاك» ضده من أكثر من طرف معادٍ.
كما دعا «القوى المعنية في الجنوب اللبناني كافة، ولاسيما لجنة المراقبة المنبثقة عن اتفاق تشرين الثاني 2024، والجيش إلى متابعة ما يحصل بجدية قصوى لتلافي أي تداعيات، وضبط أي خرق أو تسيّب يمكن ان يهدد الوطن في هذه الظروف الدقيقة».
كما طلب الرئيس عون من قائد الجيش العماد رودولف هيكل اتخاذ الإجراءات الميدانية الضرورية للمحافظة على سلامة المواطنين، والتحقيق لجلاء ملابسات ما حصل.وأهاب رئيس الجمهورية «بجميع المسؤولين عن التطورات بأن يكونوا في موقع الحرص على لبنان» أولاً وأخيراً.
بدوره، حذّر رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام «من تجدد العمليات العسكرية على الحدود الجنوبية، لما تحمله من مخاطر جرّ البلاد إلى حرب جديدة، تعود بالويلات على لبنان واللبنانيين». وأجرى الرئيس سلام اتصالاً بوزير الدفاع الوطني اللواء ميشال منسى، مشدداً «على ضرورة اتخاذ كل الإجراءات الأمنية والعسكرية اللازمة، بما يؤكد أن الدولة وحدها هي من يمتلك قرار الحرب والسلم».
كما أجرى اتصالاً بالممثلة الشخصية للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان جانين بلاسخارت، مطالباً «الأمم المتحدة بمضاعفة الضغط الدولي على إسرائيل للانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة بشكل كامل، لما يشكله هذا الاحتلال من خرق للقرار الدولي 1701، وللترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية الذي أقرته الحكومة السابقة، ويلتزم به لبنان». وكانت 5 صواريخ انطلقت من جنوب لبنان في اتجاه المطلة في الجليل، وتم اعتراض 3 منها وسقط اثنان داخل الأراضي اللبنانية.
وتحدثت الإذاعة الإسرائيلية عن سماع دوي انفجارات في منطقة المطلة على الحدود مع لبنان، عقب إطلاق صفارات الإنذار مرتين. وأعلن جيش الاحتلال أنه قام بتفعيل صفارات الإنذار في المطلة بمنطقة إصبع الجليل، على الحدود مع لبنان، بعد اعتراضه 3 قذائف صاروخية.
وإشارت إذاعة الجيش الإسرائيلي إلى «أن إطلاق القذائف من لبنان هو الأول منذ 3 أشهر ويشكّل انتهاكاً خطيراً من حزب الله»، لافتة إلى «أن القذائف أطلقت من أرنون ويحمر الشقيف جنوبي لبنان على بعد 6 كيلومترات عن المطلة».
وكتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عبر «إكس»: «سلاح الجو اعترض ثلاث قذائف صاروخية أطلقت من لبنان نحو إسرائيل. تم تفعيل الإنذارات في تمام الساعة 07:32 07:34 في بلدة المطلة الحدودية». وأضاف «أجرى رئيس الأركان إيال زامير تقييماً للوضع عقب إطلاق القذائف الصاروخية»، وأفاد «بأن الجيش الإسرائيلي سيرد بقوة على عملية الإطلاق»، محملاً «دولة لبنان مسؤولية الحفاظ على اتفاق وقف النار»، وختم «لا يوجد أي تغيير في تعليمات الجبهة الداخلية».
ونقلت «هآرتس» عن الجيش الإسرائيلي قوله: «الجيش غير قادر على تحديد الجهة التي أطلقت الصواريخ على المطلة حتى الآن». وأضافت: «القصف المدفعي على الجنوب اللبناني رد أولي على الصواريخ وسنرد بشكل أكبر».
وتعليقاً على الوضع، قال رئيس بلدية المطلة أنه «منذ إعلان وقف إطلاق النار لم يعد إلى المطلة سوى 10 في المئة من السكان».
أما وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس فقال: «لن نسمح بحقيقة إطلاق النار من لبنان على البلدات في الجليل لقد وعدنا بتوفير الأمن لمجتمعات الجليل، وهذا ما سيحدث بالضبط. قانون المطلة هو نفسه قانون بيروت. وتتحمل الحكومة اللبنانية مسؤولية أي إطلاق نار من أراضيها. وأصدرت تعليماتي لجيش الدفاع الإسرائيلي بالرد وفقاً لذلك».
أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فأصدر تعليمات للجيش الإسرائيلي بـ«العمل بقوة» ضد عشرات الأهداف في لبنان.
وانطلقت الموجة الأولى من الغارات الإسرائيلية على لبنان، وتركّز الرد على مناطق جنوب لبنان والنبطية وسقط شهداء في بلدة تولين. وتعرضت «حارة العين» في بلدة يحمر الشقيف وأطراف أرنون كفرتبنيت لجهة نهر الخردلي ومحيط مركبا والخيام وحولا لقصف مدفعي إسرائيلي.
وسارع «حزب الله» إلى إبلاغ رئيسي الجمهورية والحكومة أنه غير معني بما جرى في الجنوب وبأنه حريص على وقف إطلاق النار وهو خلف الدولة اللبنانية ويرفض العودة إلى التصعيد.
وكانت قيادة الجيش – مديرية التوجيه أوضحت في بيان أنه «على أثر إطلاق صواريخ من الأراضي اللبنانية نحو الأراضي الفلسطينية المحتلة، أجرى الجيش عمليات مسح وتفتيش وعثر بنتيجتها على 3 منصات صواريخ بدائية الصنع في المنطقة الواقعة شمال نهر الليطاني بين بلدتَي كفرتبنيت وأرنون – النبطية، وعمل على تفكيكها. تستمر الوحدات العسكرية في اتخاذ التدابير اللازمة لضبط الوضع في الجنوب». في المواقف، أعرب الناطق الرسمي باسم اليونيفيل، أندريا تيننتي، عن «قلق بالغ» حيال التصعيد المحتمل للعنف في المنطقة بعد رصد إطلاق أربع صواريخ من الأراضي اللبنانية باتجاه إسرائيل في محيط بلدة المطلة.
وذكر تيننتي أن «اليونيفيل تتابع الوضع عن كثب»، داعيًا جميع الأطراف إلى «الامتناع عن اتخاذ أي خطوات قد تعرض التقدم المحرز في وقف إطلاق النار للخطر، خصوصًا في ظل التهديد المتزايد على أرواح المدنيين والاستقرار الهش الذي شهدته المنطقة في الأشهر الأخيرة».
وأكد الناطق باسم اليونيفيل أن «أي تصعيد إضافي في هذا السياق المتقلب قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على المنطقة بأسرها»، مشيرًا إلى «أن الوضع لا يزال هشًا للغاية». ودعا الطرفين المعنيين «إلى الوفاء بالتزاماتهما بموجب الاتفاقات المبرمة»، محذرًا «من خطورة الأوضاع إذا «لم يتم احترام هذه الالتزامات.
وأثنى تيننتي على جهود جنود حفظ السلام التابعين لليونيفيل، داعيًا «إلى استمرار التنسيق مع كافة الأطراف للحفاظ على أمن المدنيين وتفادي المزيد من التصعيد العسكري».
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك