لم يَعُد الوقت مُتاحاً للترف في مُعالجة الأزمات في لبنان، لا سيّما ما يتعلق بقطاع الكهرباء، وإذا كان من الضروري وضع خُطط إنقاذيّة للقطاع، إلّا أنّ المُعالجة الآنيّة تبقى الأهمّ بالنسبة إلى اللبنانيين الذين ينتظرون بفارغ الصبر حلحلة ما في هذا الملف الشائك.
"حتى الآن لم نسمع أي شيء حول حل لمسألة الكهرباء التي تبقى عائقاً كبيراً أمام تقدّم الاقتصاد اللبناني". بهذه الكلمات المقتضبة تصف الخبيرة في شؤون الطاقة كريستينا أبي حيدر، لـ"نداء الوطن"، الوضع الكهربائي.
وتضيف: "يبدو أنّ الحكومة لا تملك أيّ خطة لحل هذه المعضلة فعندما صدر البيان الوزاري أطلّ رئيس مجلس الوزراء نواف سلام وأعلن أنّ الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء ستتشكل خلال أسابيع، وهذا الأمر غير إيجابي لأن الهيئة الناظمة لا تتشكل بهذه الطريقة بل تحتاج إلى آلية واضحة وشفافة، وهذا الأمر لم يحصل حتى الساعة".
وتشير أبي حيدر إلى أنّ "قطاع الطاقة يعاني، أولًا لأنّ لبنان يعتمد على مصدر واحد للطاقة، وثانياً بسبب تراكم الديون مقابل الفيول العراقي، وتُبين الأرقام أن لبنان أصبح مديناً للدولة العراقية بمليارَي دولار أميركي مع نهاية العام 2024، لم يسدّد منها سوى 118 مليون دولار أميركي. والسؤال الذي يتهرّب منه المسؤولون مَن سيتحمّل هذا الديْن؟ الدولة أي الخزينة مع ما يستتبع ذلك من زيادة في عجز ميزانية الدولة أمْ مؤسسة كهرباء لبنان؟ أم ستُدفَع عبر تقديم خدمات، وعلى كل حال على لبنان أن يسدّدها مع ما يستتبع ذلك من خروج دولارات من لبنان وهي عملة يفتقدها البلد بشدة. والأخطر من ذلك أنّه حتى اليوم لا تتوفّر آليّة واضحة كيف ستتعامل الحكومة مع هذا الملف الشائك علماً بأن لبنان ما زال لديه شحنات من العام 2024".
واستكمالاً لهذا الموضوع، أوضحت أبي حيدر أنّ "العقد الجديد مع العراق ينصّ على أنّ الدولة اللبنانية عليها أنْ تسدّد كلفة شحنات الفيول لعام 2025 نقداً، وإلّا فلن يتمّ تزويدها بالنفط. كما أننا لا نعلم ما إذا كان هذا العقد قد أخذ إطاراً قانونياً أم بعد، حيث أنّ حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري أكد أن الأموال لن تُصرَف من الخزينة لأن ليس لهذا العقد أي إطار قانوني، وحتى اليوم لم يعرض على البرلمان اللبناني ليصدر بموجب قانون".
مصدر وحيد
وتضيف أبي حيدر: "بإختصار لبنان ما زال يعتمد على مصدر واحد للنفط إضافة إلى تراكم الديون عليه لأنه لم يسدد إلّا جزءاً يسيراً منه. إضافة إلى ذلك، هناك مسائل أخرى تحتاج إلى حلول، إذ ماذا ستفعل مؤسسة كهرباء لبنان بكسر الجباية الذي حصل خلال الحرب الأخيرة؟ ماذا ستفعل في الدمار الحاصل في الشبكة في الضاحية والجنوب والبقاع؟ من سيتحمّل تكاليف اشتراكات الكهرباء في المنازل المهدمة والمتراكمة منذ سنة؟".
ما جديد استخراج النفط
أما في ما خصّ استخراج النفط من البحر اللبناني فتؤكّد أبي حيدر أنّ "دورة التراخيص الثالثة انتهت في 17 الحالي، ولا نعلم هل سيتمّ التجديد أو التمديد، أو هل هناك شركات تقدّمت للمشاركة بدورة التراخيص. وهذا الأمر يحتاج إلى قرار حكومي واضح وصريح. كما أن عقد شركة "توتال" ينتهي في أيّار المُقبل ولا نعلم هل ستجدد توتال أمْ ستحفر بئراً ثالثة".
إضافة إلى ذلك، تشير إلى أنّ "أعضاء هيئة إدارة النفط والبترول انتهت ولايتهم منذ سنتيْن، وهي تعمل اليوم بثلاثة أعضاء فقط وتقوم بتصريف أعمال. من هنا ينبغي أنْ تُسارع الحكومة إلى تعيين أعضاء جُدد معتمدة على الكفاءة والشفافية".
وتختم أبي حيدر: "ليس المطلوب وضع خُطط متوسطة وطويلة الأمد بل نحتاج إلى حلول سريعة وقصيرة الأمد، ومن واجب الحكومة أنْ تُخصّص خلوة في أقرب وقت مُمكن للخروج بهذه الحلول والبدء بتنفيذها".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك