لم تُخفِ مراسم تشييع الامينين العامين لحزب الله حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، والحشود المؤيدة للحزب من كل المناطق اللبنانية، ولا الحضور الايراني على أعلى المستويات، التغطية على واقع الحزب بعد انتهاء حرب المشاغلة ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي لمساندة حركة حماس في قطاع غزّة، بإيحاء ايراني مكشوف، وما تسببت به هذه الحرب من قلب واقع الحزب رأساً على عقب، ومقتل كبار المسؤولين فيه، وتدمير قواعده العسكرية ومخازن السلاح والذخيرة، وما لحقته بلبنان من خراب ودمار وخسارة فادحة بالارواح والممتلكات والبنى التحتية، واحتلال لمناطق في الجنوب.
حاولت ايران من خلال مشاركتها بمراسم التشييع بوفد رسمي رفيع المستوى، والمواقف التي اعلنها أكثر من مسؤول ايراني بارز، توظيف هذه المناسبة لصالحها، وإيهام الرأي العام بالداخل الايراني ومؤيديها في لبنان، بأن حزب الله الذي يشكل رأس حربة مشروع النظام الايراني للتشيّع وتفتيت المنطقة العربية، مايزال قويا ومستمرا كما هو، متجاهلة كل ما الحقته به الحرب الإسرائيلية من خسائر وأضرار جسيمة، لم يسبق أن تعرض ولا المتغيرات المفصلية التي حصلت بالمنطقة.
وبالرغم من المكابرة الايرانية، ومحاولات قيادات الحزب، التغطية بحشد ضخم لمؤيدي الحزب وجمهوره في مناسبة تشييع نصرالله وصفي الدين، على ما اصبح عليه الحزب حاليا، لا يمكن إنكار وقائع نافرة رافقت مراسم التشييع، منها، امتناع مشاركة العديد من القيادات والقوى والاطراف السياسة والدينية البارزة، وغياب التمثيل العربي باستثناء وفد عراقي ووفد حوثي. وهناك ايضا تأخير الحزب تشييع الجنازتين لاكثر من 5 أشهر بسبب رفض إسرائيل لذلك، في حين ترددت معلومات بأن احدى الدول العربية توسطت لدى الحكومة الإسرائيلية، للسماح للحزب باتمام مراسم التشييع من دون عرقلتها او تعطيلها، وقد استجابت لذلك، وثانيا تحليق الطيران الحربي الإسرائيلي فوق موقع التشييع، بشكل استفزازي واضح للجميع من دون استثناء، وتنفيذ سلسلة غارات وقصف لمواقع متبقية للحزب جنوبا وبقاعا.
تجاهل المسؤولون الايرانيون، ليس اهمية خسارة نصرالله في قيادة الحزب فقط، بل سقوط نظام بشار الاسد، الذي شكل حلقة الوصل بين لبنان وايران، واعطى الحزب تسهيلات بالتمدد داخل سوريا والتدخل في دول الجوار وحوافز تسليحية وتجارية ومالية بالغة الأهمية والتأثير.
مناسبة تشييع نصرالله وصفي الدين بالامس، وما اصبح عليه حزب الله حاليا، كما عبر عنه الأمين العام للحزب نعيم قاسم عندما قال: «وافقنا على وقف اطلاق النار مع العدو من موقع قوة، وتفاديا لمزيد من الخسائر»، وتاركا معالجة الامور للدولة اللبنانية، تؤشر لسقوط مشروع ايران في لبنان، وبداية مسيرة جديدة للحزب.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك