نعبر سن الفيل، الحازمية، عين الرمانة، فرن الشباك... الشوارع، قبل الانتقال إلى الكنيسة، هادئة. إنه يوم الأحد. إنه يوم الربّ. عند مستديرة الشفروليه يتغيّر المشهد: سخونة تكاد تلمس في الأجواء. قوى الجيش والأمن الداخلي تنتشر بآليّاتها وعديدها عند كل مفرق من مفارق عين الرمانة حتى أصغرها.
عند تقاطع غاليري سمعان، على مشارف الضاحية، تختفي كلياً هدأة الصباح لتحتلّ الرايات الصفراء وأناشيد المقاومة الطريق ويبدأ نهر من الفانات والسيّارات مسيرته البطيئة نحو تقاطع مار مخايل في طريقه إلى التشييع الكبير.
نساء ورجال، أطفال ورضّع، متّشحون بالأسود يعبرون جماعات جماعات الشريان الرئيسي المؤدّي إلى المدينة الرياضيّة. على الأكتاف يرتفع العلم الأصفر وحول الرؤوس تلتفّ عصبة الحسين الصفراء وبين الأصابع ترتفع صور السيد حسن نصراللّه وشهداء المقاومة.
على هذه الجهة من الطريق أصبحت إجراءات الجيش أكثر حزماً، وُضِعت أسلاك شائكة عند كل مداخل عين الرمانة الجنوبية والغربية وازدادت أعداد آليّاته. من كل مخارج الضاحية تتدفّق سيول من الناس تكاد تتشابه في الشكل واللباس وصولاً إلى نقطة مار مخايل حيث يصبح ازدحام الناس والسيارات كتلة متراصة وسط الرايات الصفراء المرفوعة على كل الأكتاف.
نادرة أعلام حركة "أمل". أما الأعلام اللبنانية فشبه غائبة. وبضعة أعلام فلسطينية تخرق بحر الرايات الصفراء. رجال بالأسود على جوانب الطرقات يراقبون السائرين بأطراف العيون، يمسك بعضهم بعصيّ خشبية صغيرة. كشافة المهدي هنا بشبابها الصغار يردّدون الهتافات فيما الشباب الأكبر يحاولون عبثاً تنظيم السير. الهيئة الصحية الإسلامية وفوج إطفاء الضاحية الجنوبية مستنفران وآليّاتهما جاهزة على جانب الطريق.
مسلّحون بلباس أسود وأقنعة على الوجوه يتحرّكون في إحدى الزوايا رافعين البنادق. هل هم من الجيش اللبناني أم من "حزب اللّه"؟ لا يمكن الجزم.
كلّما توغّلنا غرباً في الشريان الممتدّ من تقاطع مار مخايل نحو المشرفية فالغبيري، تصبح الخطوة واحدة والصرخة واحدة والقبضة المرفوعة واحدة: "لبيك نصراللّه" لتتوالى بعدها الهتافات "هيهات منا الذلة" و "الله ونصرالله والضاحية كلها".
من مكبرات الصوت يرتفع صوت "السيّد" خطيباً، مخاطباً جمهوره من مناسبات كثيرة سابقة، وتعلو أناشيد المقاومة واللطميات الحسينية. في العيون لا أثر للدموع ولا حزن في الملامح بل كأنه إصرار على إظهار القوة وإثبات الوجود.
هم زاحفون للمشاركة في التشييع بحماسة تتخطى الحزن، ومسيرتهم ليست عاشورائية أو كربلائية بل تظاهرة حزبية استفتائية تؤكد الأحجام.
في ساحة الغبيري تزداد الحشود كثافة وتزداد معها المظاهر الأمنية. الشباب "ينغلون" بين السائرين يوجّهون الأوامر، يطلبون أن تنفصل النساء عن الرجال ليتّخذ كل منهم مسلكاً خاصاً فوق الجسر. في السماء تحلّق طائرة على علو منخفض فلا تثير أي انفعال ويتبيّن لاحقاً أنها طائرة سيسنا تابعة للجيش اللبناني. على جوانب الطرقات مضافات تقدّم المياه والعصائر والكعك والقهوة للسائرين في طريق الحج من وإلى المدينة الرياضية.
لا علامات تعب تظهر بين الجموع رغم طول المسافة، ولا تذمّر من برد أو زحمة حتى بين الصغار. تحت جسر المطار تتلاقى الحشود الخارجة من طريق المطار مع حشود قادمة من مستديرة شاتيلا والغبيري لتلتحم مع المسيرة القادمة من جهة مار مخايل وتتحول إلى شلال أسود يتدفّق نحو دوار السفارة الكويتية ليتّجه بعدها شرقاً نحو المدينة الرياضية.
نعود أدراجنا في اتجاه معاكس، نحو الدولة، خلفنا الدويلة بناسها وأوهامها وخيباتها.
بين عين الرمانة ومدينة كميل شمعون الرياضيّة: الجيش صمام أمان
الــــــســــــابــــــق
-
رويترز: ترامب يعلن اختيار مقدم البرامج الحوارية الإذاعية دان بونجينو نائبا لمدير مكتب التحقيقات الفيدرالي
-
ما هي المخاوف المشروعة وغير المشروعة من سلاح "الحزب"؟
-
بالصّورة: انزلاق شاحنة واصطدامها بالفاصل الوسطي على جسر الدورة باتجاه نهر الموت والأضرار مادية والعمل جارٍ على المعالجة
-
بالفيديو: "عم بتشتّي الدني تلج"
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك