لم تكتمل فرحة الشابة خديجة عطوي ابنة الـ17 عاماً، بدخول بلدتها حولا والتجوّل في أحيائها المدمرة، إذ باغتتها رصاصة إسرائيلية وقتلتها، وجُرحَ 5 آخرون كما منع الجيش الإسرائيلي أجهزة الإسعاف من إخراجهم.
تكاد تختنق الدمعة في عيني خالة خديجة وهي تقف عند مدخل حولا، قائلة "إن خديجة دخلت مع إخوتها إلى البلدة، أسوة بكثير من أبناء حولا، لم يكن هناك أي أثر لأي عنصر إسرائيلي".
لم تستوعب شروق قطيش أنّها خرجت سليمة من البلدة، بعد أن دخلت برفقة عدد من أقربائها، لتفقد منازلهم المدمرة، تمسح دموعها وهي تحمل بيدها نسخة من القرآن الكريم "هذا ما وجدته، يعود لجدتي، عدا ذلك كله ركام".
الشوق دفع بشروق لاجتياز الساتر الترابي الذي رفعه الجيش الإسرائيلي عند مدخل البلدة، تقول إن "العدوّ الاسرائيلي حاصر الأهالي ومنع خروجها، كما إن الجرحى مضرجون في دمائهم، فيما الدمار يلفّ البلدة"، مردفة "لم يبق هناك بلدة فقط ذكريات".
أمام دبابة للجيش اللبناني الذي عزز انتشاره عند مدخل البلدة بعد حصار أبناء حولا في أحيائها، يقف بلال قطيش ينتظر أن يسمع خبراً عن والده الذي أصيب في فخده ورفض الإسرائيلي إخراجه، يتحدث بحرقة ويقول "تعرضنا لكمين محكم، فجأة بدأ الرصاص يسقط علينا من كل حدب وصوب، لم نعرف كيف خرجنا".
لم يكتب لأبناء حولا تحرير بلدتهم قبل الثلثاء، هذه البلدة التي تقع ضمن خط القرى الذي كان يعتزم الإسرائيلي ضمها إلى المنطقة العازلة. جزء من أراضي حولا ما زال محتلاً، هذه الأراضي تقع قرب موقع العباد والمنارة، وتعد أرضاً خصبة كان يزرعها أبناء حولا قمحاً. وتجدر الإشارة إلى أنّ قطاع المزورعات مُنيَ بخسارة كبيرة، فمعظم سكان حولا يعتمدون على زراعة التبغ، عدا الأضرار الجسيمة في المياه والكهرباء والبنى التحتية، فهذه القرى لم تعد صالحة للحياة بحسب الأهالي، غير أنهم يصرّون على العودة لإعادة إعمارها من جديد.
المشهد الدموي في حولا لم ينسحب على بلدة مركبا حيث تجمع أهلها عند مدخلها بانتظار سماح الجيش اللبناني لهم بالدخول. رفض الأهالي تكرار سيناريو بداية انتهاء الهدنة وسقوط 6 ضحايا من أبناء البلدة برصاص إسرائيلي، هذا ما يؤكده رئيس بلديتها غسان حمود الذي يتقدم صفوف الأهالي، قائلاً "لن نتخطى القرار السياسي ولا قرار الجيش اللبناني للدخول إلى البلدة، قد ندخلها اليوم أو غداً ولكننا سندخلها بمؤازرة الجيش اللبناني".
عدد من شبان البلدة قرروا المغامرة ودخلوا مركبا التي دمّرت منازلها خلال فترة الهدنة إضافة إلى المستوصفات والمدراس وكل مقومات الحياة. يشير أحد الشبان إلى أنه وصل إلى "جبانة البلدة التي تحولت خراباً، فيما الدمار لا يمكن وصفه على الإطلاق".
عند أطراف البلدة قرب ملالة للجيش اللبناني تتأمّل إلهام ما تبقى من بلدة، يحدوها شوق للدخول لبلدتها في حين ينتظر يوسف قرار السماح وهو واحد من عشرات أبناء البلدة الذين يعتاشون من تربية الماشية، كان يملك ما يقرب من 70 رأس بقر وغنم، لم يبق منها سوى اثنين فقط.
تُعدّ حولا واحدة من بين قرى عديدة لم ينسحب الإسرائيلي منها، وما زال الجيش اللبناني ينتظر عند مدخلها للانتشار فيها، إذ لا يمكن الجزم بأنّ غداً الثلثاء سيشهد انسحاباً إسرائيليّاً. ربما هذا ما حدا بالأهالي للاندفاع نحو بلدتهم حيث يقفون عند أعتابها كل أسبوع من دون أن يتمكنوا من دخولها.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك