كتب داني حداد في موقع mtv:
تقول أمّ كلثوم، في أغنيةٍ لها عن السدّ العالي الشهير في مصر: "كان حلماً فخاطراً فاحتمالا، ثمّ أضحى حقيقةً لا خيالا". تصحّ الجملة نفسها في توصيف ما نعيشه في لبنان. هو حلمٌ، بالنسبة إلى كثيرين، ما كان يتوقّعه أحدٌ، خصوصاً بهذه السرعة.
قضت الحرب على جزءٍ كبيرٍ من قوّة حزب الله. ليس العدوان الإسرائيلي، بأيّ شكلٍ من الأشكال، مدعاة فرحٍ ولكنّ السلاح كان يحتاج إلى حلّ، ولم يعد جائزاً أن يستمرّ فائض القوّة الذي يمارسه الحزب على اللبنانيّين الآخرين. ثمّ تسارعت الأحداث، من دمشق الى بيروت، ووصل العماد جوزاف عون الى الرئاسة، غصباً عن حزب الله، ما كرّس هزيمته السياسيّة بعد العسكريّة. تتويج المشهد أتى مع تكليف نواف سلام تشكيل الحكومة، وهي المرة الأولى، بعد الطائف، التي يُكلَّف فيها رئيس حكومة من دون أصوات "الثنائي" معاً. الأمر أضحى حقيقةً لا خيالا، كما تقول أمّ كلثوم.
لن يتوقّف الانقلاب في المشهد هنا. ولا عودة، بالتأكيد، الى الوراء، الى حيث كان حزب الله يأخذ البلد. بات لبنان اليوم خارج محور الممانعة، وترجمة ذلك ستكون عبر بروز دورٍ سعوديّ اقتصاديّ، كاستمراريّة للدور السياسي الذي ظهر في الأيّام الأخيرة.
فالمملكة ستدشّن، تباعاً، مرحلة الازدهار في لبنان، وستقدّم المساعدات وتوقّع الاتفاقيّات الجاهزة منذ سنوات، وستسهّل التصدير من جديد اليها، وسيعود السعوديّون الى زيارة لبنان…
لن يحصل ذلك كلّه بين ليلةٍ وضحاها. وصول جوزاف عون، ثمّ نواف سلام، كانا شرطين لعودة الثقة السعوديّة بلبنان، بعد أن فقدها لسنواتٍ طويلة خُطف فيها البلد وتغيّرت هويّته، وبلغ حدّ الطلاق مع ما يُسمّى الحضن العربي، حين تحوّل الى ذراعٍ لإيران التي كان يخرج مسؤولون فيها ليتحدّثوا عن لبنان كجزءٍ من الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة.
نحن اليوم في مرحلة تصويب المسار. وقف محمد رعد ورفاقه أمس مكسورين في القصر الجمهوري. حصل ذلك بعد أيّام من الصفعة التي تلقّوها بانتخاب عون. توالت الصفعات، وما عاد يجدي كلام أبواق "الحزب"، عبر مواقع التواصل الاجتماعي. نحن في مرحلةٍ جديدة، وعلى الجميع أن يتعامل مع الأمر الواقع الجديد.
"كان حلماً… ثمّ أضحى حقيقةً" تغنّي أم كلثوم. وكان هناك، بين الجمهور، من يهتف "عظمة على عظمة". يستحقّ ما يحصل في لبنان اليوم أن نهتف أيضاً "عظمة على عظمة"…
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك