كتب داني حداد في موقع mtv
لم تكد تمرّ ساعات على انتخاب العماد جوزاف عون رئيساً، حتى انتقل الاهتمام من هويّة رئيس الجمهوريّة الى هويّة من سيُكلَّف بتشكيل حكومة العهد الأولى.
بعد أن حلم موارنة كثيرون، مع من حولهم، بالرئاسة، ها هي العدوى تنتقل إلى الطائفة السنيّة التي كثُر فيها الطامحون، وقلّ القادرون على بلوغ المنصب السنّي الأوّل. تنشغل الطوائف بالمناصب، وقلّما يحاسِب أبناؤها على الأداء أو الإنجاز. الصورة الغنميّة (نسبةً إلى الغنم) تنسحب على الطوائف كلّها، ويكثر الباحثون عن غنائم، بين توزيرٍ أو تعيينٍ أو تشكيلٍ أو زبائنيّة أو استفادة ماليّة. بلدٌ رُكّب بطريقةٍ خاطئة، وبعضنا يحمّل المسؤوليّة لما علّمنا إيّاه العثمانيّون، أو للجذور الفينيقيّة. ويقول البعض، والله أعلم، "الحقّ على الطليان".
وتتيح متابعة "التعليقات السنيّة" على مواقع التواصل الاجتماعي اكتشاف ما تعانيه الطائفة من أزمة، خصوصاً بعد غياب آل الحريري عن المشهد السياسي، بفعل قرارٍ سعوديّ، وهو ما لا يجرؤ أحدٌ من أنصاره على قوله.
لم يملأ هذا الفراغ رجلٌ آخر، خصوصاً أنّ نجيب ميقاتي الذي شغل منصب رئاسة الحكومة، لا يملك نيّة توسّع زعامته، التي تقلّصت حتى في مدينته طرابلس، حيث باع الكثير ممّا يملك وأحجم عن مساعدة فقراء المدينة أو عن تنفيذ أيّ مشروعٍ فيها. جزءٌ من زعامة الحريري، الأب ثمّ الإبن، كان يعود إلى كرمهما. نجيب ميقاتي مدرسة في نقيض الكرم.
وبعد، لن ندخل في تحديد هويّة من يستحقّ ترؤس الحكومة، فهذا خيار النوّاب، وقد يحسم فيه الخارج أكثر من الداخل. ولكن، أتوقّف عند حقيقة أنّ الأحكام على الأشخاص تنطلق غالباً من مواقف شخصيّة أو مناطقيّة، كمثل "الحريريّين" الذين يفضّلون ألا يُسمّى رئيس حكومة من بيروت، لا من قدرة هؤلاء على تحقيق ما ينتظره اللبنانيّون منهم، خصوصاً أنّ خطاب القسم شكّل برنامج عمل، لو شرعت الحكومة بتطبيقه لانتقلنا إلى استقرارٍ وازدهارٍ طال انتظارهما.
يبقى أنّ الطائفة المارونيّة سترتاح من سقف الطموح المرتفع، لسنوات. وسيرتاح السنّة لعامٍ ونيف، هو عمر الحكومة الذي سينقضي عند إجراء الانتخابات النيابيّة. وحدهم الشيعة مرتاحون، منذ أكثر من ثلاثة عقود!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك