كتب معروف الداعوق في "اللواء":
يتجنّب "حزب الله" الحديث عن سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، وتداعياته الدراماتيكية على وجود الحزب الذي اضطر إلى ترك كل قواعده ومراكزه العسكرية والأمنية ومواقعه الاقتصادية، التي أنشأها على مدى السنوات العشر الماضية، في مختلف المناطق السورية، تحت حجج وذرائع مختلقة، تبدأ من حماية مقر السيدة زينب في ضاحية دمشق، وتمرّ بمحاربة الأرهاب، وحتى إسرائيل احيانًا، ولا تنتهي بحماية النظام البعثي، لأنّ لكل ظرف حجته الجاهزة على الدوام، في حين ان الثابت من تدخله للقتال إلى جانب نظام الاسد، ضدّ أبناء الشعب السوري المطالبين بالحرية والمشاركة بالسلطة ومقدرات الدولة، يتجاوز الأسباب المعلنة، إلى الأهم وهو تأمين تمدّد المشروع المذهبي الإيراني، من طهران مرورًا ببغداد، ودمشق وصولًا إلى بيروت، ومن خلاله إحكام السيطرة السياسية والعسكرية والاقتصادية على هذه الدول، ومنها إلى باقي الدول العربية، وتهديد دول الجوار، وابتزازها، وكل ذلك تحت عنوان محاربة إسرائيل.
الحديث عن انهيار النظام البعثي، تطرق إليه الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم وكأنّه حدث ثانوي وعابر، وتأثيره سطحي، على الحزب، مقللًا من أهمية قطع طريق إمدادات الحزب من ايران عن طريق سوريا، ومعربًا عن أمله أن تنتظم العلاقات بين النظام السوري الجديد والدولة اللبنانية في المرحلة المقبلة.
صادف سقوط نظام بشار الأسد، وهروبه المذل الى روسيا، بعد أيّام معدودة من تنفيذ وقف إطلاق النار بين "حزب الله" وإسرائيل، وهو الاتفاق الذي ترددت معلومات انه يتضمن شروطًا ومطالب إسرائيلية متشددة ضدّ الحزب، وهو ما اعتبره المراقبون بمثابة الضربة الثانية التي يتلقاها "الحزب" في سوريا وخروجه منها بطريقة مهينة دون أي مقاومة، خلافًا لكل ادعاءات "الحزب" ومبررات وجوده داخل الأراضي السورية.
التقليل من أهمية سقوط نظام الاسد في مواقف قياديي "الحزب"، وتجاهل تداعياتها السلبية على وضعية الحزب لبنانيًّا وعربيُّا، إنّما يندرج ضمن سياسية الانكار والتكابر التي ينتهجها الحزب في خطابه السياسي، لإظهار بقاء قوته كما كانت عليه خلافا للواقع، لأجل شدّ عصب جمهوره أوّلًا، وضدّ خصومه السياسيين بالداخل ثانيًّا، متجاهلًا حال الانكسار والهزيمة التي لحقت به، جراء مشاركته بالحرب ضدّ السوريين وتهجيرهم من مدنهم وقراهم، وهو ما يفعله تمامًا بعد موافقته على اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل أيضاً.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك